منح رئيس الاحتلال الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، أمس الأحد، شرعية إضافية للتيار الديني الصهيوني المتطرف الذي يؤمن بأن إسرائيل هي مجرد محطة على طريق خلاص اليهود لحين نزول المسيح المنتظر، في حين أغلق الباب في ملف القدس باعتبارها "فقط للإسرائيليين".
وجاء كلام هرتسوغ، أمس، في المدرسة الدينية الصهيونية المعروفة باسم "مركاز هراف"، على اسم الأب الروحي للصهيونية الدينية، يهودا تسفي كوك، وأول من نظم ورعى ما يسمى بـ"مسيرة الأعلام" من باب العامود وحتى باحة حائط البراق، واختتمت، حينها بصلاة شكر لرب إسرائيل على "تحرير الهيكل"، وتحولت عقبها إلى تقليد إسرائيلي صهيوني بلغ أوجه، أمس، بمشاركة أكثر من 70 ألف إسرائيلي بـ"مسيرة الأعلام".
يشار إلى أن المدرسة الدينية "مركاز هراف"، كانت قد وصمت أكثر من مرة بتطرفها الديني والفاشي، وأُلمح أكثر من مرة إلى أن بعض الحاخامات فيها أفتوا ليغئال عمير باغتيال رئيس وزراء إسرائيل السابق إسحاق رابين عام 1995.
وقال هرتسوغ من قلب المدرسة الدينية "مركاز هراف": "إنه لشرف لي أن أُستضاف هنا، في المدرسة التوراتية المركزية للعالم، مدرسة دينية لكبار الكهنة اليهود الحافظين للمقدسات والذين يجمعون على العودة لأرض صهيون".
واكتسبت كلمات الثناء على هذا التيار الصهيوني الديني الفاشي، أهمية بارزة، في ظل موافقة هرتسوغ العمالي العلماني على إلقاء كلمة في مراسم، استثنيَ منها ولم يدعَ لها حتى رئيس الحكومة الحالي، ورئيس مجلس المستوطنات سابقاً، نفتالي بينت، خريج وابن التيار الديني الصهيوني، بفعل رفض قيادات هذا التيار لتشكيله حكومة بدعم حزب عربي داخل الائتلاف، وكون ربانيي هذا المعهد الديني رأس الحربة في التحريض المتواصل ضد شرعية الفلسطينيين في الداخل، حتى لو انضموا لحكومة يمين فاشية كالتي يقودها نفتالي بينت بمشاركة أحزاب اليسار الإسرائيلية التاريخية (حزب العمل، وحزب ميرتس). ولأول مرة في تاريخ إسرائيل يشارك حزب عربي إسلامي في الحكومة هو "الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة عضو الكنيست منصور عباس".
وأطلق هرتسوغ خلال كلمته تصريحات سياسية خطيرة للغاية بشأن القدس المحتلة، ما يغلق كلياً الطريق أمام أي حكومة قادمة لفتح ملف القدس والتفاوض أقله على منح أي نوع من السيادة للفلسطينيين فيها، ناهيك بإقامة عاصمة لهم في الشطر الشرقي من المدينة.
وتبنى هرتسوغ في تصريحاته عملياً خطاب التيار الديني الصهيوني الفاشي المذكور، قائلاً: "أيها الجمهور الكريم، أريد أن أوضح من هنا للعالم كله أن علاقتنا وارتباطنا بالقدس هما أبديان".
وأضاف أن "القدس هي واحدة، وحيدة وموحدة وكلها إسرائيلية، هنا في المعهد الذي تعرض لهجوم دموي (إشارة لعملية فلسطينية في مركز هذا المعهد أسفرت عن مصرع عدد من طلابه في مارس/آذار من العام 2008)، أضيف وأقول إن الإرهاب والتهديدات لن تثنينا ولن تخضعنا. السيادة الإسرائيلية في القدس الكاملة- هي سيادة عادلة وأخلاقية ومتجذرة".
وبعدما حذّر هرتسوغ من أكثر التهديدات التي تضعف تماسك المجتمع اليهودي الإسرائيلي، وهي الكراهية الذاتية التي كانت السبب في خراب "الهيكل"، استطرد في كيل المديح للصهيونية الدينية ودور المعهد الديني في "مركاز هراف" كمن يجب عليه أن يقود طلابه.
وقال إن "تلاميذ كبار الكهنة الذين يرحبون بغيرهم بالحب والدعاية والترويج للقدس، على رأس المعسكر، وأن تذكروا الجميع بأن لكل منهم مدينة تدعى القدس، وأن لكل يهودي في كل بلد من أصقاع الأرض يوجد جزء في القدس، وأن القدس ومدارسها التوراتية تقبل بهم وتحتضنهم بود ومحبة وإيمان".
وادعى رئيس الاحتلال أن "بروح الخطاب الديني الصهيوني الذي يبدي تسامحاً تجاه الأديان الأخرى، ما دامت السيطرة لليهود، علينا أيضا أن نحترم كل الديانات والمعتقدات، التي تعيش وتعمل في هذه المدينة، التي تتطلع وترنو إليها العيون من كل أطراف العالم".