قالت الرئاسة التونسية إنه سُجِّلَت خلال الأيام الأخيرة "اختراقات للموقع الإلكتروني المتعلق بتسجيل الناخبين والناخبات، وتغيير مراكز الاقتراع، في محاولة يائسة كالتي حصلت بمناسبة الاستشارة الوطنية لإدخال الفوضى والإرباك يوم الاستفتاء"، في إشارة إلى مشروع الدستور المطروح للاستفتاء.
وأكدت الرئاسة في بيان لها، يوم الثلاثاء، أنه "فُتح بحث عدلي بإذن من النيابة العمومية، ووقع الكشف، إلى حدّ الآن، عن 1700 هجوم إلكتروني أو اختراق"، مضيفة أنه "تمّ إلى حدّ الساعة، سماع 7 أشخاص من قبل الجهات الأمنية المختصة في انتظار سماع كل من سيكشف عنه البحث".
جاء ذلك خلال اجتماع بين الرئيس قيس سعيّد، ووزير الداخلية، توفيق شرف الدين. وجدّد سعيّد، وفق البيان ذاته "تأكيده ضرورة احترام القانون وضرورة حياد كل المرافق العمومية"، منوهاً "بالجهود التي تبذلها وزارة الداخلية استعداداً" للاستفتاء المزمع إجراؤه في 25 يوليو/تموز الجاري.
وحذرت منظمة مراقبون، المختصة بمراقبة نزاهة الانتخابات والاستفتاء، من عدم حياد الحكومة واستغلال موارد ومؤسسات الدولة في حملة الاستفتاء والدعاية الانتخابية الحالية في تونس.
وتقدم عدد من الأحزاب والمنظمات بشكايات للقضاء بسبب عدم حياد الإدارة التونسية، من بينها "الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء" التي تضمّ خمسة أحزاب ("التيار الديمقراطي" و"العمال" و"الجمهوري" و"التكتل" و"القطب") وكذلك منظمة "أنا يقظ".
وقالت الحملة في بيان لها، في وقت سابق اليوم، إن العريضة الأولى للشكوى "تم إيداعها ضد رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، وأعضاء حكومتها كافة للمشاركة في الانقلاب على الدستور وتبديل هيئة الدولة وتبديد المال العام والإضرار بالإدارة، فيما تم إيداع العريضة الثانية من أجل "الجرائم" نفسها ضد رئيس هيئة الانتخابات (فاروق بوعسكر) وأعضائها، التي وصفوها "باللامستقلة والمنصّبة".
كذلك، قال المتحدث باسم حزب "آفاق تونس"، أنس سلطاني، خلال ندوة صحافية اليوم، إن "السلطة خرقت مبدأ حياد الإدارة في أكثر من مناسبة".
وكانت منظمة "أنا يقظ" قد تقدمت بشكاية، أمس الاثنين، ضدّ كلّ من رئيس الجمهورية، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات في شخص رئيسها وممثّلها القانوني، فاروق بوعسكر.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها، أنّ موضوع الشكاية يتعلّق بخرق أحكام القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء، وتأتي على خلفية ما أطلق عليه "المذكّرة التفسيريّة" التي نشرتها كلّ من رئاسة الجمهورية وموقع هيئة الانتخابات يوم 5 يوليو الماضي.
ودعا الرئيس، التونسيين، في تلك المذكرة إلى التصويت بـ"نعم" على الدستور "حتى لا يصيب الدولة هرم"، على حد تعبيره.
ويتوج مشروع دستور "الجمهورية الجديدة" مساراً كاملاً انطلق في 25 يوليو/ تموز 2021 فرضه الرئيس قيس سعيّد منذ سنة تقريباً، عبر الاستحواذ على جميع السلطات ضمن ما أسماها "إجراءات استثنائية"، قال فيما بعد إنها "مسار إصلاحي تصحيحي" لـ"أخطاء العشرية السوداء"، حسب تعبيره، غير أن معارضيه، ضمن طيف واسع من المشهد السياسي، وصفوها بـ"الانقلاب"، وأن قراراته "ضربٌ للثورة التونسية".
وشهدت عملية صياغة الدستور انتقادات واسعة من قبل الخبراء والأحزاب والمنظمات، الذين قالوا إنه يؤسس لـ"الديكتاتورية وحكم الفرد".