صوتت أغلبية 98 مشرعاً في البرلمان الدنماركي من أصل 179 مشرعاً، من مختلف الاتجاهات السياسية، مساء اليوم الثلاثاء، لصالح اعتبار وزيرة الهجرة والدمج السابقة، إنغا ستويبرغ (48 سنة) "شخصية غير مستحقة للعضوية"، وبالتالي طردها خارج البرلمان من خلال اقتيادها إلى خارجه بعد أربع ساعات من النقاش، بناء على المادة 30 من الدستور التي تعتبر أن العضو المخالف للقانون والمحكوم يعتبر غير مستحق لعضوية البرلمان، وهو ما ينسحب على البلديات والمحافظات.
وجاء التصويت بعد حكم غير قابل للطعن، الإثنين قبل الماضي، بالسجن لشهرين بحق الوزيرة، على خلفية ما عرفت بقضية "فصل الأزواج القصر".
تفاصيل قضية "فصل الأزواج القصر"
ووجد 25 من 26 قاضياً في المحكمة العليا الوزيرة السابقة، ستويبرغ، مذنبة في انتهاك قواعد العمل المؤسساتي، بإصدار تعليمات من خارج قنوات قواعد العمل في وزارة الهجرة بداية 2016، اعتبرها القضاة بمثابة "توجيه غير قانوني للموظفين" لتنفيذ عملية فصل نحو 26 زوجاً، وبشكل خاص من اللاجئين السوريين القادمين إلى البلاد في 2015.
ورغم ذلك، أكدت أغلبية المتداخلين من مختلف الأحزاب على أنهم لا يعارضون قرار فصل الأزواج القصر بل طريقة تطبيقه بشكل غير قانوني.
ويأتي قرار البرلمان اليوم باعتبار الوزيرة ستويبرغ "غير جديرة بالعضوية" ليضع حداً لعضويتها فيه بعد 20 سنة من العمل السياسي، حيث انتخبت للمرة الأولى في 2001. وخاضت ستويبرغ في العام الماضي معركة سياسية كبيرة مع حزبها الليبرالي المحافظ "فينسترا"، حيث شغلت منصب نائبة رئيسه، لمنع رفع الحصانة الحزبية مع تشكل أغلبية لمحاكمتها، ما أدى إلى خضة في الحزب أنتجت تراجع شعبيته مع استقالتها منه في فبراير/شباط الماضي وتحولها إلى "مستقلة" في البرلمان.
وقبيل معركة الرمق الأخير للحفاظ على مستقبل ستويبرغ السياسي سارع تيار اليمين المتشدد في الدنمارك إلى اعتبارها الأسبوع الفائت "شهيدة سياسات الهجرة الدنماركية". وذهبت اللغة السياسية لحزبي اليمين المتشدد، "الشعب الدنماركي" و"البرجوازية الجديدة"، إلى اعتبار ما جرى بحق ستويبرغ "هزيمة للقيم الدنماركية". ويتنافس الحزبان على ضم ستويبرغ إلى صفوفهما، وبشكل خاص "الشعب الدنماركي"، الذي يعرض عليها تزعم الحزب (في انتخابات قيادته في23 يناير/كانون الثاني القادم، بعد تصدع وأزمة متواصلة لأشهر)، وذلك على أمل الاستفادة من شعبية الوزيرة السابقة لدى الشارع الدنماركي القومي المحافظ، باعتبار أنها حلّت عام 2019 في المرتبة الرابعة بين البرلمانيين في عدد الأصوات الشخصية بـ 28.420 صوتا، وذلك سعيا لإنقاذ الحزب نفسه من تدهور شعبيته بنحو 50 في المائة عما كانت عليه في انتخابات 2019.
يسار ويسار الوسط الدنماركي رفضا اعتبار ما جرى بحق ستويبرغ مساً بالقيم الدنماركية، حيث أكدت مختلف أحزابه على أنها من حيث المبدأ ضد ما يطلق عليه محلياً "زيجات الأطفال"، لكنها لم تقبل أن يجري فصل الزوجات القاصرات عن الأزواج بطرق غير قانونية ودون الحفاظ على المسائل الحقوقية الأساسية، بما في ذلك الاستماع لأقوال المعنيين في أمر فصلهم بعد القدوم إلى الدنمارك. وعزز ذلك الموقف حكما سابقا بدعوى ضد الوزيرة السابقة من قبل زوجين سوريين حصلا على تعويض مالي (حوالي 3 آلاف يورو)، بعد تحقيق في القضية قام به في 2017 "أمين المظالم" الدنماركي، حول "الطريقة التعسفية" للفصل دون الاستماع لأقوال الزوجين وتقييم "فردي للحالات فوق 15 سنة"، كما ينص القانون في البلد.
وعلى الرغم من الجدل المتواصل الذي ولدته مواقف وسياسات ستويبرغ بحق المهاجرين منذ 2015، وخصوصاً قيادتها لتيار أكثر تشدداً حيال الجيل الثاني من أبناء المهاجرين، فإن طردها من البرلمان، باعتبارها محكومة ومجرمة من محكمة دنماركية، لا يعني نهاية مستقبلها السياسي بشكل تام.
فستويبرغ ستقضي 60 يوماً في سجن دنماركي، تنفيذاً للحكم، وذلك لا مفر منه، بيد أن ذلك لا يعني أنها لن تكون قادرة على اقتحام البرلمان مجدداً إذا ما "أعاد الشعب منحها الثقة"، بحسب القانون، من خلال الانتخابات البرلمانية القادمة في 2023، وبالتصويت الشخصي لها، حال اختارت الترشح، سواء بشكل مستقل أو في أحد الحزبين اليمينيين المتنافسين عليها. وبالنسبة لمقعدها الشاغر فيحال إلى الشخص الحاصل على أكبر نسبة أصوات في انتخابات 2019 من حزبها، ويمكن للشخص أن يحصل على المقعد حتى لو غير حزبه، وهو ما حصل بالفعل لأحد المرشحين الذي تلا ستويبرغ بأكبر عدد مصوتين شخصيين بانتقاله إلى حزب "المحافظين".
وسبق أن مارس البرلمان الدنماركي حق اعتبار عضو فيه "غير مستحق" 8 مرات منذ عام 1953، على خلفية أحكام بالسجن تتراوح بين 40 يوماً و6 أشهر، وتعلق بعضها بالقتل الخطأ في حادث مروري ومخالفة قوانين البنوك، وبعض المحكومين من اليمين المتشدد.