انتقلت الأحزاب السياسية في المغرب إلى السرعة النهائية برفع إيقاع دعايتها الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو التي تجوب الشوارع طوال النهار، من أجل استقطاب أصوات المزيد من الناخبين، وذلك على بعد 3 أيام من موعد انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول الحالي.
وبينما شكلت الحملة الانتخابية مناسبة للأحزاب المتنافسة لعرض مضامين برامجها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الناخبين والدفاع عنها لإقناعهم بها، أثارت الشعارات الانتخابية التي رفعتها الأحزاب المغربية، باعتبارها العنوان الرئيس للحملة الانتخابية التي يريد المرشحون إيصالها إلى الناخبين، جدلاً بمضامينها.
ولأن الشعارات الانتخابية هدفها الترويج والتأثير والإقناع، حاولت الأحزاب المتنافسة بلوغ ذلك من خلال شعارات ذات دلالات متعددة، من قبيل "مصداقية - ديمقراطية - تنمية" (العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب) و"تستاهل حسن" - تستحق الأحسن - (التجمع الوطني للأحرار المشارك في الحكومة)، و"باش نزيدو القدام" - لكي نتقدم إلى الأمام - و"الإنصاف الآن" (حزب الاستقلال أعرق الأحزاب المغربية)، و"المغرب أولاً" (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، و"المعقول" (التقدم والاشتراكية) و"حرية كرامة عدالة اجتماعية" (فيدرالية اليسار).
وفي قراءته للشعارات المرفوعة خلال الحملة الانتخابية الحالية، يسجل أستاذ العلوم السياسية، رشيد لزرق، غياب الشعارات الأيديولوجية التي ميزت الانتخابات السابقة، ورأى أن الشعارات الجديدة تعكس الحمولة الفكرية لكل حزب، بعد أن اختارت أغلبية الأحزاب الـ31 المتنافسة في حملتها الانتخابية شعارات "الماركتينغ" (التسويق) السياسي لجذب الناخبين، لافتاً، في حديث إلى "العربي الجديد "، إلى أن تلك الشعارات تبقى "تسويقاً سياسياً بلا جدوى ولا طعم ولا مذاق" جراء عدم ترجمتها في البرامج الانتخابية.
ويتفق معه الباحث في السوسيولوجيا السياسية، عبد المنعم لكزان، الذي يؤكد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن شعارات غالبية الأحزاب لا تعكس البرامج أو المرجعيات الحزبية، كذلك إن جزءاً منها كان "شعبوياً فضفاضاً"، فيما كانت أخرى "دفاعية سيكولوجياً وفضفاضة"، لافتاً إلى أنه رغم التحولات في التعاطي مع الأحزاب لم تستطع إنتاج شعارات تعكس توجهاتها وبرامجها.
وإجمالاً، يرى الكزان أنه "فضلاً عن عدم عكسها لبرامج الأحزاب وتضمنها لحمولة عاطفية شعبوية، اتسمت بعض الشعارات بالتناقض، وأخرى بعدم إمكانية قياسها مستقبلاً من قبيل: "المعقول"، "باش نزيدو لقدام"، "تستاهل حسن"، "كاين مع من"، فيما جاء بعضها بشعارات تعود إلى الاحتجاجات التي عرفها المغرب في عام 2011 مع "حركة 20 فبراير"، النسخة المغربية من "الربيع العربي"، كما كان الأمر مع الشعار الانتخابي لحزب "العدالة والتنمية" "ديمقراطية، مصداقية، تنمية".
من جهة أخرى، سجل الباحث في السوسيولوحيا السياسية أن اختيار بعض الأحزاب للغة العربية الدارجة كان موفقاً لاستحضارها للبعد التواصلي مع الفئات المستهدفة، فيما لم تنطلق أحزاب من المعطى الاجتماعي الذي ظل مغيباً في شعاراتها، لافتاً إلى أن فيه "الشعارات كانت ستكون أكثر فعالية على مستوى التأثير لو كانت تعكس لهجات المناطق المستهدفة للمرشحين".
ويتوجه المغاربة يوم الأربعاء المقبل إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس الجماعية والمجالس الجهوية ومجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في ظل سياق سياسي مختلف أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخصّ على وجه الخصوص تطبيق النموذج التنموي الجديد الذي وضعته لجنة عينها العاهل المغربي.
ويبلغ عدد الناخبين المغاربة 18 مليون ناخب، بزيادة مليونين و280 ألفاً و898 ناخباً خلال خمس سنوات، أي بنسبة 14,5 في المئة، مقارنة بالقوائم المعتمدة للانتخابات التشريعية لعام 2016.