كشفت مصادر مصرية مقربة من اللجنة المعنية بالملف الليبي، تفاصيل زيارة رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد الدبيبة، أول من أمس الخميس إلى القاهرة. وأوضحت أن "الدبيبة الذي زار مصر بعد أيام قليلة من انتخابه ضمن السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا رئيساً للوزراء، ضمن التشكيلة التي ضمت محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، قدّم خطاباً متوازناً حمل في طياته رسائل إيجابية للجانب المصري".
وأضافت المصادر أن الدبيبة شدد على استعداده لتعاون يضمن ويؤمن المصالح المصرية، بشكل يحقق معه المصالح الليبية، ويساعد على سرعة إنهاء الأزمة، بما يضمن استقرار تلك المنطقة لكافة دول الجوار. وكشفت أن الدبيبة حمل أيضاً رسائل تقارب لمصر مع تركيا، من دون أن توضح إن كانت تلك الرسائل اجتهاداً شخصياً منه، أم أنها رسائل تم تحميله بها من الجانب التركي، بحكم العلاقات القوية بين الجانبين، في ما يخص أزمتي ليبيا وشرق المتوسط.
الدبيبة لم يبد اعتراضاً على أي اتصالات مع الإمارات
وأوضحت المصادر أن الحديث عن العلاقات بين الدبيبة وتركيا، شغل مساحة بارزة في المشاورات بينه وبين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، قبل أن يلتقي بالرئيس عبد الفتاح السيسي. وأكد الدبيبة أنه منتخب من الليبيين، وأن ما يعنيه في المقام الأول هو مصلحة بلاده وشعبه، وأنه لن يتوانى في التعاون مع أي طرف يحقق تلك المصالح، من دون الإضرار بمصالح الأشقاء ودول الجوار ممن يريدون التعاون الحقيقي، بعيداً عن الهيمنة أو فرض أجندات خاصة على الليبيين. وأعلن المتحدث باسم رئيس الحكومة محمد حمودة، لوكالة "الأناضول"، أن الدبيبة وصل إلى طبرق، أمس الجمعة، للاجتماع مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لبحث ملف تشكيل الحكومة.
وبحسب المصادر المصرية فقد أكد الدبيبة رعاية كافة المصالح المصرية على الأراضي الليبية، سواء العمالة، أو المقرات الدبلوماسية حال تم افتتاح السفارة في طرابلس والقنصلية في بنغازي. كما أكد للجانب المصري عدم معارضة حكومته مشاركة الشركات المصرية الرسمية في عمليات إعادة الإعمار في ليبيا. وشددت المصادر، في الوقت ذاته، على أن خطوة التقارب بين الدبيبة والقاهرة، ليست على هوى المسؤولين في الإمارات، نظراً لما قد تحمله من تمهيد لتفاهمات مصرية تركية، على حساب المصالح الإماراتية.
في المقابل، قالت المصادر إن "الدبيبة لم يبد اعتراضاً على أي اتصالات مع الجانب الإماراتي، خلال محادثاته مع المسؤولين المصريين، شرط تعديل النهج الذي تتبعه أبوظبي، والذي يتعارض مع مصلحة الشعب الليبي". وبحسب المصادر "فقد قدم الدبيبة نموذجاً قابلاً للتعامل والتواصل معه، وإقامة علاقات متوازنة، بشكل يمهد لحالة من التوافق بين كافة الأطراف الليبية، حيث أبدى استعداده التام للقاء كافة الأطراف والوصول لصيغة توافقية تضمن إنهاء معاناة بلاده وتفرق أبنائها".
وكان السيسي التقى الدبيبة، مساء الخميس الماضي، في أول زيارة خارجية لقائد السلطة التنفيذية الجديدة. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، إن اللقاء شهد استعراض الجهود الليبية خلال الفترة المقبلة لقيادة المرحلة الانتقالية، إضافة إلى الاتفاق على تبادل الزيارات "لنقل الخبرة والتجربة إلى الجانب الليبي". ونقل عن الدبيبة تأكيده "تطلع ليبيا إلى إقامة شراكة شاملة مع مصر بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية الملهمة التي تحققت خلال السنوات الماضية، خاصة في ما يتعلق باستعادة الأمن والاستقرار وانطلاق عملية التنمية والإصلاح".
قدم الدبيبة نموذجاً قابلاً للتعامل والتواصل معه
من جانبه، هنأ السيسي الدبيبة بتولي قيادة الحكومة الجديدة بعد تصويت ملتقى الحوار السياسي "بما يعد بداية مبشرة لمرحلة جديدة تعمل فيها كافة مؤسسات الدولة الليبية بانسجام وبشكل موحد". وأكد الرئيس المصري استعداد بلاده "لتقديم كافة خبراتها وتجربتها، بما يساهم في وضع ليبيا على المسار الصحيح وتهيئة الدولة للانطلاق نحو آفاق البناء والتنمية والاستقرار". وتشير التحركات الأخيرة لاتجاه مصر إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع القوى في غرب ليبيا.
من جهة ثانية، أكد وزير الدفاع في حكومة الوفاق الوطني صلاح الدين النمروش للمبعوث الأممي الجديد يان كوبيتش، ضرورة إخراج المرتزقة الذين استُجلبوا دون دعوة من أي جهة شرعية للقتال ضد أبناء الشعب الليبي. وذكر المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" أن النمروش جدّد لكوبيتش في لقاء جمعهما، الخميس الماضي، دعم وزارة الدفاع للمسار العسكري والسياسي وأعمال اللجنة العسكرية (5+5)، مؤكداً أهمية دور البعثة في مساعدة المؤسسة العسكرية في بناء جيش يخضع للسلطة المدنية، ودورها في ترسيم السلام ودعم المصالحة الوطنية. من جهته، أكد كوبيتش أن البعثة لن تسمح بالتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية، وستطالب بإخراج المرتزقة والجماعات التي لم تُدعَ من جهة شرعية للدخول في البلاد. وأوضح أن البعثة ستبحث مع وزارة الدفاع ملف حقوق الإنسان والانتهاكات وجرائم الحرب والخروقات التي حصلت، وستحيلها على محكمة الجنايات الدولية.