أعلنت مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس، مساء السبت، أنّ وزارة الداخلية ضغطت من أجل منع اجتماع المبادرة المزمع عقده يوم غدٍ الأحد في بومهل، إحدى ضواحي العاصمة التونسية.
وقالت المبادرة، في بلاغ لها، إنّ "وزارة الداخلية، ممثّلة في رئيس مركز الحرس الوطني ببومهل، عمدت إلى الضغط على صاحب فضاء "زنين" للتراجع عن السماح بعقد اجتماع سياسي عام دعت إليه حملة مواطنون ضدّ الانقلاب في إطار فعاليات الحراك المواطني المناهض للانقلاب".
ولفتت إلى أنّ "سلطة الانقلاب ماضية في التضييق على الحقوق والحريات التي ضمنها دستور الثورة وأكدتها عشر سنوات من مسار ديمقراطي فتحت أفقه ثورة 14/17"، مشددة في الوقت عينه على أنّ "هذه المحاصرة لن تزيدنا إلّا إصراراً على تجذير نضالنا المواطني السلمي في مواجهة الانقلاب لفرض الحقوق والحريات وفي مقدمتها حق التظاهر والاجتماع".
وبناء عليه دعت حملة "مواطنون ضد الانقلاب" إلى تظاهرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، مشيرة إلى ما وصفتها بـ"محطّات نضالية قادمة سنعتمد فيها أوسع أشكال التعبئة وأقصاها حتّى إسقاط الانقلاب" بحسب البلاغ.
ولم تعلّق الداخلية التونسية على هذا البيان، حتى الساعة.
من جهته، قال عضو المبادرة جوهر مبارك، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، إنّ "الانقلاب يكشّر عن أنيابه المعادية للحريات الأساسية ويمنع اجتماعاً قانونياً عاماً دعت إليه حملة مواطنون ضد الانقلاب، وسنجيبه إجابة مدوّية يوم 10 أكتوبر في مسيرة ضخمة ستشكل نقلة نوعية في مسيرة مناهضة الانقلاب والذود على الجمهورية والحرّية".
وكانت مبادرة "مواطنون ضدّ الانقلاب" قد قرّرت تنظيم احتجاجها، غداً الأحد، خارج شارع بورقيبة، والتوجه إلى ضاحية بومهل جنوب العاصمة تونس، في خطوة بدت مفاجئة للمتابعين وأنصار المبادرة.
وأوضحت المبادرة أنّ "اجتماع 3 أكتوبر/ تشرين الأول الذي دعت إلية حملة مواطنون ضد الانقلاب هو إحدى فعاليات مقاومة الانقلاب وليس بديلاً عنها، فالمقاومة المواطنية ليست فقط تحشيداً جماهيرياً في الشوارع، بل هي أيضاً اجتراح رؤى ورسم أفق للخروج من النفق".
وقالت الحملة، في بيان لها على الصفحة الرسمية في "فيسبوك"، أمس الجمعة، "سيكون اجتماعاً تحضره شخصيات سياسية ونشطاء ميدانيون وفاعلون حقوقيون (قضاة ومحامون) وإعلاميون ومن تيسر له من المواطنين للحضور، إذ لا يتعلق الأمر بوقفة ولا بمسيرة ولا باجتماعات حاشدة.. فلكل فعالية خصوصيتها".
ويوضح أستاذ القانون الدستوري وأحد أبرز نشطاء المبادرة، الدكتور شاكر الحوكي، أنّ "الخروج إلى الضاحية له أسباب مختلفة، أولها الابتعاد عن الصدام بعد دعوات مقابلة للخروج الأحد في شارع بورقيبة، ولدينا انطباع بأنّ هناك من يريد أن يجرّنا إلى مربعات العنف، وهو ما نرفضه".
وبيّن الحوكي، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ "الخروج بأعداد كبيرة على امتداد أسابيع متتالية فيه إرهاق للجميع ونحن سعينا للبحث عن مكان في العاصمة للاجتماع، ولكن يتضح أنّ مساحة الخوف بدأ يتوسع، ووجدنا رفضاً لطلباتنا بتأجير مساحة للاجتماع، وهو ما دفعنا إلى البحث عن مكان آخر".
وقال الحوكي إنّ "الهدف الأساسي من اجتماع الأحد هو تشكيل أو تكوين مجموعة تعبر عن مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" بوجوه مكشوفة، لأنها بقيت إلى حد الآن دون من يمثلها".
وبخصوص محاولات تجييش الشارع والمخاوف التي عبّرت عنها جهات عدة من تداعيات ذلك، قال الحوكي إنّ "الرئيس قيس سعيد وهو في السلطة بإمكانه اليوم أن يجيّش ويستحوذ على الشارع بعدما قضى على كل السلطات، أما نحن فنقول إن هناك آلية ابتدعها الفكر الإنساني اسمها الاحتكام إلى الصندوق وهي آلية كونية ونحن ندعو لذلك".
وأضاف "نقول لسعيد إن الشارع ليس كله داعماً لك، وهناك شارع يقابله شارع وإرادة تقابلها إرادة، ولكننا نعتبر أن الشعب هو شعب واحد والتنوع والاختلاف يفرضان على قيس سعيد أن يأخذ هذا البعد بعين الاعتبار ولا يتعامل معنا على أساس أننا عامة أو سواد أعظم أو قطيع، وعليه أن يحترم مختلف إرادات الناس لأن هذا هو منطق العصر".
وقال أحد نشطاء الحملة، أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، "يوم الأحد، نلتقي في اجتماع شعبي سياسي في ضاحية بومهل لنتحدث حديث العقل الديمقراطي لنكشف الانقلاب ونضبط معاً خطّة التحرّك المناهض له".
وأوضح بن مبارك، في منشور على صفحته في "فيسبوك"، "نحتاج إلى ذلك لنجذّر حراك الشارع ونضبط سقوفه وأدواته للأسابيع المقبلة. نحن نعمل في الهواء الطلق أمام الجميع وبمشاركة الجميع. لا يتعلّق الأمر بمسيرة أو بوقفة احتجاجية بل باجتماع سياسي.
وأضاف "سيكون الاجتماع في فضاء مغلق، ولكن الدعوة مفتوحة لكلّ حرّة ولكلّ حرّ مناهض للانقلاب وداعم للجمهورية ودولة القانون. سيكون خطابنا خطاب القيم والأخلاق والتصميم والإرادة والوحدة في مواجهة خطاب الغوغاء الغاشم "اللّعان" "الشّتام" المقسّم للشعب".
وشدد بن مبارك على "تجنّب التشتيت والأخطاء"، موضحاً أن "هناك رمزيات ونحن نتفهمها، وهي في مرمانا، ولكن نحتاج إلى الاستعداد الجيّد والتهيئة الجادّة حتّى يبقى حراك مواطنون ضدّ الانقلاب في خطّه التصاعدي التراكمي. حراكنا ينضج على نار ملتهبة ولكنها تحت سيطرة العقل التوّاق للنجاح".
رفض واسع لدعوة صادرة عن نقابة أمنية للتظاهر تأييداً لقيس سعيد
من جهة أخرى، استغرب كثيرون أن تكون هناك دعوات للاحتجاج يوم الأحد في شارع بورقيبة نصرة لسعيد، صادرة عن نقابة أمنية، غير أنها واجهت ردود فعل رافضة من الأمنيين أنفسهم.
وأصدرت نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل بياناً رافضاً لهذه الدعوات، وأكد الكاتب العام المساعد للنقابة، نسيم الرويسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ هذا البيان "جاء بعد دعوة أطلقتها نقابة أمنية للمشاركة في إحدى التحركات التي ستخرج مساندة للرئيس قيس سعيّد".
وأكد أنّ "خروج أمنيين مع المواطنين يتنافى مع مفهوم ومبادئ الأمن الجمهوري الذي نريد تكريسه"، مشدداً على أن "لا دخل لهم في الشأن السياسي، ومن هذا المنطلق أصدروا بياناً توضيحياً".
وأشار إلى أنهم "لا يريدون الدخول في مستنقع السياسة، وما يهمهم هو خدمة مصلحة البلاد لا غير"، وأنهم "يؤمّنون المواطنين والبلاد والممتلكات العامة والخاصة وليسوا معنيين بأي مظاهرات ولا أشخاص ولا أحزاب وما يهمهم هو الراية والدولة التونسية فقط، ولم يسبق لهم أن شاركوا في أي مسيرات مع مواطنين ولن ينخرطوا في ذلك"، مضيفاً أنهم "يشاركون فقط في الوقفات التي تعنيهم وتهم المطالب الاجتماعية للأمنيين حصرياً".
ومن جهتها، قالت "الجامعة العامة لنقابات الحرس الوطني" إنّ دعوات المشاركة في تحرك 3 أكتوبر/ تشرين الأول، "تعتبر انحرافاً غير مسؤول على اعتبار أنّ هذه الدعوات مقدمة خطيرة لترذيل الممارسة النقابية في الوظيفة الأمنية بتونس".
ودعت الجامعة، في بيان لها على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كافة الزملاء، إلى "الالتزام بمقومات الأمن الدستوري وعدم الانخراط في الانجرار نحو مربع الصراع السياسي لأنها تعتبر نفسها موكول إليها حماية كل الفرقاء وتكريس حماية الأفراد والمكتسبات على قاعدة علوية القوانين".
وقالت الجامعة، في بيانها، إنّ هذا الموقف "يأتي على خلفية طلب جهة تدعي أنها طرف نقابي أمني عبر المواقع الاجتماعية تنادي بالمشاركة في مسيرة ذات طابع سياسي ليوم 3 أكتوبر/ تشرين الأول وما خلفه ذلك من ردود أفعال من قبل شخصيات وطنية وحقوقية وسياسية تستنكر إمكانية انخراط النقابات الأمنية في الحراك السياسي الذي تشهده بلادنا والمساهمة في تجييش الشارع والانحياز لطرف دون آخر مما يشوه مساهماتنا الإيجابية خلال كل المحطات الانتقالية السابقة"، وفق البيان.
وأمام ما حصل الخميس أمام البرلمان من محاولة عدد من مناصري سعيد الاعتداء على نواب من بينهم محمد القوماني، تساءل النائب عبد اللطيف المكي "هل ما زال الشارع تحت سيطرة الدولة والقانون؟ ما وقع أمام البرلمان يجعلني أقول أن الشارع ينزلق تحت سيطرة مليشيات".
وجدد المكي، في منشور على صفحته في "فيسبوك" "تضامنه مع النائب محمد القوماني ومع كل نائب يناضل من أجل استعادة الحياة الدستورية".