الخلافات ترحل مناقشة برلمان تونس لقانون المحكمة الدستورية إلى اليوم

07 أكتوبر 2020
خلافات وتبادل اتهامات بين النواب والكتل (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر أن يناقش مجلس النواب التونسي، اليوم الأربعاء، تعديلات قانون المحكمة الدستورية، وذلك بعدما تعذر الشروع في مناقشتها أمس الثلاثاء بسبب خلافات وتبادل اتهامات بين النواب والكتل.

وأجّل المجلس مناقشات تعديلات قانون المحكمة الدستورية إلى الأربعاء، بسبب الخلافات والتجاذبات، مما زاد من تعقيدات أزمة المحكمة.

وأهدر البرلمان الوقت أمس الثلاثاء في الجدل ونقاط النظام، دون أن يشرع في مناقشات القوانين المبرمجة، وعلى رأسها تعديل قانون المحكمة الدستورية، ثم قانون زجر الاعتداء على الأمنيين، وتحول الجزء المخصص من الجلسة للتنديد بالاعتداء الذي طاول قبل أيام نائب ائتلاف الكرامة أحمد موحى بآلة حادة، إلى تبادل الاتهامات والشتائم بين النواب.

وبعد يوم طويل من التدافع والصراعات وقطع الجلسة للتشاور والتنسيق وتعقيم قاعات البرلمان، أعلن رئيس المجلس راشد الغنوشي، أن النصاب غير متوفر للتصويت، داعيا الكتل للاجتماع والتنسيق اليوم قبل مواصلة جدول الأعمال.

وشهد البرلمان حالة من الاحتقان والتوتر بسبب اكتشاف حالتي إصابة بفيروس كورونا لنائب عن حزب النهضة، وآخر عن الحزب الدستوري الحر، إلى جانب إصابات في صفوف العاملين في البرلمان، ما زاد من حالة الهلع بين صفوف الحاضرين، خصوصا مع إعلان رئيسة كتلة الدستوي الحر عبير موسي مقاطعتها للجلسة إلى حين إجراء التحاليل اللازمة للبرلمانيين.

ورافق انطلاق الجلسة العامة الصباحية أمس وقفة احتجاجبة نظمتها منظمات وجمعيات حقوقية ونقابية، طالبت بإسقاط قانون زجر الاعتداء على الأمنيين، كما وصفت العودة البرلمانية بـ"المفزعة"، بسبب القوانين المعروضة، على غرار تعديلات قانون المحكمة الدستورية وقانون تنظيم حالة الطوارئ، وقانون تنظيم القطاع السمعي البصري، معتبرين أن حزمة القوانين المطروحة مخالفة لروح الدستور ومبادئه القائمة على تكريس الحريات وحماية حقوق الإنسان.

وتطورت الوقفة الاحتجاجية أمام مقر البرلمان إلى اعتداء على متظاهرين بسبب الشعارات المرفوعة ضد الأمنيين، وانتهت بإيقاف عدد من الشباب، ليتدخل البرلمانيون من الكتلة الديمقراطية ومعارضون في مقرات الأمن لإطلاق سراح الموقوفين.

وشهد البرلمان حالة من الاحتقان والتوتر بسبب اكتشاف حالتي إصابة بفيروس كورونا لنائب عن حزب النهضة، وآخر عن الحزب الدستوري الحر، إلى جانب إصابات في صفوف العاملين في البرلمان

وقالت منسقة حملة "حاسبهم"، أحد منظمي الوقفة الاحتجاحية، مريم صوالحية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة مخالف للدستور التونسي وللمعاهدات والمواثيق الدولية، مشيرة إلى أنه "من شأنه أن يمهد لعودة ناعمة لنظام بوليسي من خلال تكريس ثقافة الإفلات من العقاب وتعزيز آليات القمع."

وشددت المتحدثة على أن "طرح هذا القانون غير مبرر، خصوصا أن القوانين والتشريعات الموجودة كفيلة بحماية الأمنيين عند القيام بواجبهم"، مشيرة إلى أنّ "هذا القانون فيه اعتداء على مكتسبات المواطنين لما يتضمنه من بنود خطيرة تهدد حقوق المواطن".

وزاد الاحتجاج خارج البرلمان من صعوبة عقد الجلسة، وسط انقسام البرلمانيين، حيث غيّرت الكتلة الديمقراطية موقفها والتحقت بالمتظاهرين لمساندتهم، داعية إلى عدم تمرير هذا القانون.

وينتظر أن تكون جلسة اليوم أشد تشنجا مع الشروع في مناقشات هذه القوانين المرفوضة من المجتمع المدني، حيث سيتنافس البرلمانيون في إظهار تقربهم من الشارع ومن المنظمات المؤثرة.

ودعت المنظمات النقابية والحقوقية البرلمان إلى عدم المساس بقانون المحكمة الدستورية لخدمة أجندات سياسية، وطالبت الرئيس التونسي قيس سعيد بممارسة حق النقض في حال اختارت الأغلبية البرلمانية تمرير المبادرة رغم عدم دستوريتها.

وانتقدت المنظمات في بيان رسمي تعديل قانون المحكمة الدستورية، وخصوصا ذهاب البرلمان نحو "تغيير الأغلبية المستوجبة لانتخاب مجلس نواب الشعب للأعضاء الثلاثة المتبقين لعضوية المحكمة الدستورية، لأنه يؤدي إلى المساس بقيمة ومكانة هذه المؤسسة الدستورية التي تشكل الركيزة الأساسية للدستور التونسي، خاصة أن هناك هيئات دستورية أخرى يقع انتخاب أعضائها بأغلبية الثلثين".

وتفتح التعديلات المجال إلى خفض الأغلبية المطلوبة للتصويت من الثلثين (145 صوتا) إلى أغلبية معززة بثلاثة أخماس (131 صوتا) في حال عجز البرلمان مرة أخرى في الانتخاب في ثلاث دورات، غير أن هناك جانبا من البرلمانيين اقترح خفض الأغلبية إلى ما دون ذلك، لتصل إلى الأغلبية المطلقة (109 صوتا) حتى تنتهي معضلة انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين.

وينصّ التعديل الثاني على حذف عبارة "تباعًا" الواردة في البند 10 من القانون، وذلك بإلغاء ترتيب الانتخاب من طرف مجلس نواب الشعب قبل، والمجلس الأعلى للقضاء ورئيس الجمهورية بصفة متتالية.

وينص قانون المحكمة الدستورية في صيغته الحالية على أن التعيين يتم بداية من البرلمان بانتخاب 4 أعضاء في جلسة عامة، ثم يعين المجلس الأعلى للقضاء بدوره 4 أعضاء آخرين، وأخيرًا يعين رئيس الجمهورية بقية الأعضاء الـ4 حتى يكتمل مجلس المحكمة الدستورية المكون من 12 عضوا، وهو ما اُعتبره البرلمانيون عنصرا معطلًا لتنصيب المحكمة بعد فشلهم في انتخاب أعضائها حتى الآن، وبما منع المجلس الأعلى للقضاء والرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وخلفه الحالي قيس سعيد من تعيين بقية الأعضاء قبل إتمام البرلمان لواجبه.

وينص الدستور التونسي على ضرورة تشكيل المحكمة الدستورية في أجل أقصاه سنة بعد الانتخابات التشريعية التي تمت في 2014، غير أن الكتل البرلمانية لم تتمكن من انتخاب سوى عضو واحد، وهي القاضية روضة الورسيغني، في مارس/آذار 2018 من بين أربعة أعضاء.

وفشل مجلس نواب الشعب منذ العهدة الماضية (2014-2019) في انتخاب بقية أعضاء المحكمة، بعد أن عقد 6 دورات انتخابية، وأعاد فتح باب الترشيح في ثلاث مناسبات، دون جدوى، بسبب الخلافات بين الكتل والأحزاب حول نزاهة المرشحين وحيادهم واستقلاليتهم.

وتواصل فشل البرلمان بتركيبته الحالية، التي أفرزتها انتخابات 2019، في عقد جلسة عامة لمواصلة اختيار ثلاثة من أصل أربعة أعضاء في المحكمة الدستورية، بسبب اعتصام وتعطيل كتلة الحزب الدستوري الحر من جهة، ولغياب التوافق بين الكتل من جهة أخرى حول 7 مرشحين، منهم 5 من المختصين في القانون، واثنان من غير ذلك.

المساهمون