الخطاب السنوي للرئيس الأميركي عن "حالة الاتحاد".. فرصة لتلميع الصورة

07 فبراير 2023
الخطاب فرصة بايدن لإبراز ما حققه (واشنطن بوست/ Getty)
+ الخط -

يلقي الرئيس الأميركي، جو بايدن، مساء اليوم الثلاثاء، خطابه السنوي عن "حالة الاتحاد" خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ وتنقلها أجهزة التلفزة مباشرة إلى بيوت الأميركيين.

في الأصل هو تكليف دستوري للرئيس ليقدم إلى الكونغرس صورة عن "حالة الاتحاد" الراهنة، لكن في الواقع هو عرض لـ "حال" رئاسته، أو بالأحرى تلميع لصورتها، عبر الإفاضة بما حققه السنة الماضية وما ينوي إنجازه في العام الجاري.

ومع الأعوام تحول التكليف من صيغة بسيطة غير دورية إلى تقليد سنوي أشبه بمهرجان سياسي. الدستور ينص على "قيام الرئيس بين الحين والآخر بتزويد الكونغرس بمعلومات عن حالة البلاد ويقترح عليه خطوات لأخذها في الاعتبار عندما يرى ذلك ضرورياً وملائماً". استمر البيت الأبيض لأكثر من 120 سنة في القيام بهذه المهمة، بكتاب خطي يرسله إلى الكونغرس. منذ 109 سنوات، جرى تطوير التكليف بطريقة صار معها جزءاً من طقوس الرئاسة. بدلا من الرسالة صارت المهمة تجري بصيغة خطاب يلقيه الرئيس في مثل هذا الوقت من كل سنة وبحضور جميع أركان الإدارة وقضاة المحكمة العليا وكبار القادة العسكريين، فضلا عن أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وبحضور السلك الدبلوماسي وعدد من الضيوف والمواطنين الذين يختارهم البيت الأبيض. وبهذه الهالة صار بمثابة حدث بارز يشاهده بين 30 و40 مليون أميركي.

مع مرور السنين وتكرار المشهد ودوران الخطاب في نفس الإطار الترويجي – التسويقي، بدأ التقليد يبدو أشبه بأسطوانة مألوفة وأحيانا مكرورة، خاصة وأن الرئيس لا يكشف عادة في كلمته هذه عن سياسات جديدة بقدر ما يغتنم الفرصة للتأكيد على توجهاته وأجندته المعروف سلفاً معظم بنودها. وحتى إن بعض المراقبين لم يترددوا أخيرا في الدعوة إلى تجاوز هذا التقليد، من باب أن مشهديته تطغى على مضمونه.

 لكن المناسبة، ومشهديتها، قد تكون هذه المرة مهمة للرئيس بايدن ولو أن مردوداتها الإيجابية غير مضمونة. فالخطاب يأتي في لحظة محيّرة وفاصلة من رئاسته. آخر الاستطلاعات التي جرت عشية كلمته، كشفت عن رصيد رئاسي هزيل لا يتلاقى مع أهمية ما أنجزه خلال السنتين الماضيتين. والأهم أنه لا يعكس واقع الحال الداخلي الذي كان يفترض أن تنعكس أرقامه الجيدة على رصيده وبما يعزز احتمالات ترشيحه للمرة الثانية في 2024.

فالبطالة في أدنى درجاتها 3.4 بالمائة، وهو معدل غير معروف منذ 1969، والتضخم هبط 3 نقاط في الأشهر الثلاثة الأخيرة وصار بحدود تزيد قليلاً على 6 بالمائة. أما جائحة كورونا فانحسرت بدرجة عالية، والمشاريع الهامة كتلك المرتبطة بالبنية التحتية والخفض الضريبي، والتي مررها في الكونغرس بدأ بعضها يدخل حيز التنفيذ.

ويظل تعامل الرئيس الأميركي مع الحرب الروسية على أوكرانيا يحظى بدعم واسع، خاصة في الكونغرس ومعظم الجمهوريين فيه. كما أن تصرف إدارته مع المنطاد الصيني قبل يومين، حظي هو الآخر بالتأييد عموما باستثناء الجمهوريين المتشددين الذي أخذوا عليه "تأخره" في إسقاط الطائر الصيني المشتبه في قيامه بأعمال تجسس.

ومن المتوقع أن يتوقف بايدن في خطابه غداً عند هذه المحطات لتجييرها لحسابه السياسي، علها مع الأرقام الداخلية توفر شحنة زخم هو بأمسّ الحاجة إليها عشية حسم قرار ترشيحه لتجديد رئاسته. والوقت ليس في صالحه، فالفترة المتبقية من رئاسته محكومة بالشلل بعد إمساك الجمهوريين بمجلس النواب، وبالتالي انسداد طريق الكونغرس أمام مشاريعه الهامة.

الآن ما زال بإمكانه توظيف ما تحقق في نصف ولايته الرئاسية، وهذا الرصيد معطوفا على الانشقاق في الحزب الجمهوري حول مرشحهم المحتمل للرئاسة، يدفع فريقاً من بطانة بايدن الرئاسية باتجاه إعلان ترشيحه قريبا. ويعول هذا الفريق، لا بل يراهن، على فوز الرئيس السابق، دونالد ترامب، بالترشيح عن الحزب الجمهوري وبما يعزز احتمالات فوز بايدن لأن رصيد الرئيس السابق هابط أكثر من وضع الرئيس الحالي.

لكن ساحة الجمهوريين قد لا تبقى حكرا على ترامب. فعاليات ومرجعيات متزايدة في صفوفهم ومنهم ممولون للحملات الانتخابية، بدأوا يجهرون برفضهم لترشيح ترامب. بداية الانقلاب على هذا الأخير حملت بعض الديمقراطيين على رفع صوت التحذير من ترشيح بايدن وضرورة المجيء بمرشح آخر من صفوفهم من زاوية أن "تقدمه في السن" من شأنه أن يعطي ورقة قوية لخصمه الجمهوري لاسيما إذا كان غير ترامب. وقد بدأت تظهر دعوات علنية من الديمقراطيين في هذا الاتجاه. بايدن على ما يبدو يدغدغه إغراء التجديد. في حزبه تخوف من هذه المجازفة، وغدا في خطابه عليه كشْح هذه المخاوف، لكن مثل هذه المناسبة لا توفر عادة المنبر المطلوب لتسويق الترشيح للرئاسة.