الحوثيون يُحبطون محادثات مسقط: انخراط تكتيكي لتكييف معركة مأرب

04 مايو 2021
يرفض الحوثيون بند وقف إطلاق النار الشامل (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

أحبطت جماعة الحوثيين جولة المحادثات التي أجراها الوسطاء الدوليون في العاصمة العمانية مسقط على مدار اليومين الماضيين، وذلك بطرح المزيد من التعقيدات أمام المبادرات الأميركية والأممية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، ووقف النزاع المتصاعد منذ 6 أعوام.

وتعرّض الزخم الدبلوماسي الدولي الذي شهدته مسقط منذ السبت الماضي، لانتكاسة مبكرة، عقب لقاءات منفصلة أجراها المبعوث الأميركي إلى اليمن تيموثي ليندركينغ، والأممي مارتن غريفيث، مع الوفد التفاوضي لجماعة الحوثيين، حيث أبدى الأخير تصلباً شديداً تجاه كلّ البنود الإنسانية والاقتصادية والعسكرية المطروحة لحل ّالأزمة اليمنية، وفقاً لمصدر مطلع لـ"العربي الجديد".

وقال المصدر المقرب من أروقة المشاورات، إن التصلب الحوثي، أجبر الوسيطين الدوليَّين على إنهاء زيارتهما لمسقط، حيث عاد المبعوث الأممي إلى مقر إقامته في العاصمة الأردنية عمّان مساء أمس الاثنين، قبل العودة مجدداً إلى العاصمة السعودية الرياض في وقت لاحق من مساء اليوم الثلاثاء، وذلك لإجراء مزيد من النقاشات مع القيادة السعودية، برفقة المبعوث الأميركي.

وتعتمد جماعة الحوثيين سياسة المراوغة المعتادة في التعاطي مع الجهود الدولية، وكان من الواضح أن الضغوط التي تُمارس عليها من الوسطاء العمانيين، قد جعلتها توافق على "انخراط تكتيكي" بالمحادثات الجديدة، بما يجعلها تتجنب الحرج من القيادة العمانية من جهة، وخلق المزيد من التعقيدات التي تتكيف مع ظروف المعركة في مأرب، بما لا يؤثر في عملياتها الهجومية صوب منابع النفط والغاز، من جهة أخرى، وفقاً للمصادر.

وتمثلت أبرز الحيل الحوثية الجديدة، برفض بند وقف إطلاق النار الشامل الذي تشترطه المبادرة السعودية، وكذلك الإعلان الأممي المشترك، حيث طالب الوفد التفاوضي للجماعة بـ"وقف الغارات الجوية للتحالف، مقابل وقف الهجمات بالطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية في العمق السعودي فقط"، وسط إصرار على تجاهل الهجمات العدائية البرية صوب مدينة مأرب.

يدرس المجتمع الدولي اتخاذ عدد من الخطوات الحاسمة، التي من شأنها إجبار جماعة الحوثيين على الإصغاء الجاد لدعوات السلام

وبحسب المصدر، تصرّ جماعة الحوثيين على ضرورة "استبعاد مسألة رفع الحظر الجوي عن مطار صنعاء ودخول السفن النفطية إلى ميناء الحديدة من بنود المشاورات"، حيث يقدّم وفدها التفاوضي هذه النقاط باعتبارها بنوداً إنسانية لا يجب أن تكون ضمن أي نقاشات سياسية أو عسكرية لإنهاء الأزمة.

وأبدى الوسطاء الدوليون انزعاجهم من الطرح الحوثي الهادف إلى "خلق ظروف مواتية لمعركة مأرب"، وهي العملية التي يحرص المجتمع الدولي على وقفها في المقام الأولى لعدة اعتبارات إنسانية وسياسية وعسكرية.

وخلافاً للعواقب التي تهدد مصير أكبر تجمع نازحين على مستوى اليمن، ينظر المجتمع الدولي إلى أن سقوط مدينة مأرب في قبضة الحوثيين سيدفن العملية السياسية بشكل تام ويعقّد أي حلول مستقبلية، سواء من حيث الانعكاسات المباشرة على وضع المحافظات الجنوبية ودعوات الانفصال في حال سيطرة جماعة الحوثيين على كامل جغرافيا الشمال اليمني، وكذلك في ما يتعلق بمصير الحكومة الشرعية الحرج التي تتخذ من مأرب مركزاً عسكرياً واقتصادياً رئيسياً.

ويدرس المجتمع الدولي اتخاذ عدد من الخطوات الحاسمة، التي من شأنها إجبار جماعة الحوثيين على الإصغاء الجاد إلى دعوات السلام، وذلك من خلال الترتيب لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن، لمناقشة التطورات في مأرب منتصف مايو/ أيار الجاري، واستصدار قرار مُلزم للحوثيين بوقف الهجوم البري العدائي، أسوة بتدخل سابق قادته بريطانيا أواخر 2018 وأدى إلى إحباط هجوم القوات الحكومية على مدينة الحديدة غربي البلاد، وتوقيع اتفاق استوكهولم الهش.

وعلى الرغم من الصعوبات البيروقراطية التي تجعل استصدار قرار دولي كهذا يأخذ مداه الطويل، فضلاً عن المخاوف من الفيتو الروسي أو الصيني، سارع كبير المفاوضين الحوثيين محمد عبدالسلام، في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، إلى رفض أي قرار محتمل لمجلس الأمن، عندما قال: "إن أي نشاط مستجد لمجلس الأمن لن يكون قابلاً للتحقق إذا لم يلبِّ مصلحة اليمن"، لافتاً إلى أن جماعته "غير معنية بمراعاة من لا يراعي الحق في الأمن والسلم والسيادة".

ورمى المسؤول الحوثي مسؤولية فشل محادثات مسقط على الوسطاء الدوليين، حيث اعتبر أطروحاتهم أنها "تتحدث عن معركة جزئية وتختزل الصراع ولا تفيد في تحقيق سلام، بل تطيل في أمد الحرب".

ويتزامن الانسداد الحاصل في محادثات السلام مع تصعيد عسكري واسع على الأرض، حيث أعلن الجيش اليمني، في وقت مبكر من فجر اليوم الثلاثاء، أن قواته أحبطت خلال الساعات الماضية، سلسلة هجمات للحوثيين في جبهات المشجح والكسارة غربي مأرب، والجدافر، شرقي مدينة الحزم بالجوف.

وقال الجيش الوطني إن المعارك أدت إلى مقتل 23 عنصراً حوثياً وتدمير 5 دوريات قتالية تابعة للمليشيات الانقلابية، فضلاً عن اغتنام دورية عسكرية سادسة محمّلة بكميات من الأسلحة والذخائر.

المساهمون