الحوثيون يسابقون الزمن لاجتياح مأرب مع شن هجمات جديدة على السعودية

20 مارس 2021
تستفيد القوات الحكومية من الغطاء الجوي لمقاتلات التحالف لإحباط هجمات الحوثيين (فرانس برس)
+ الخط -

دخلت جماعة الحوثيين في سباق مع الزمن لإسقاط محافظة مأرب اليمنية رغم الدعوات الدولية التي تحثها على وقف فوري للتصعيد وعدم تعريض حياة نحو مليون نازح لخطر جسيم.

ولجأت الجماعة إلى انتهاج سياسية المناورة في التعاطي مع الضغوط الدولية التي تتم عبر وسطاء عُمانيين، ففي حين كان المطلب الرئيسي وقف الغارات الجوية؛ طرح حلفاء إيران شرطاً جديداً، يتمثل بإدخال جميع سفن الوقود التي يحتجزها التحالف خلال 48 ساعة، اعتباراً من مساء أمس الجمعة.

وتمكن الحوثيون من إجبار القوات الحكومية ومن خلفها رجال القبائل على اتخاذ وضعية الدفاع فقط، وترقب أي هجوم من عدة جبهات على الأطراف الغربية والشمالية الغربية للمحافظة النفطية.

وبالتزامن مع دعوة جديدة أطلقها مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، بوقف الهجوم على مأرب باعتباره يهدد جهود تأمين التسوية السياسية؛ نفّذ المسلحون الحوثيون عملية هجومية واسعة في أطرافها الغربية، استمرت أكثر من 35 ساعة، وفقاً للقوات الحكومية.

وفيما أعلن الجيش الوطني أن المعركة التي دارت في جبهتي الكسارة وهيلان، انتهت بالتصدي للهجمات ومقتل 83 عنصراً حوثياً وتدمير ثماني دوريات دفع رباعي وعربتين، ذكرت وسائل إعلام حوثية ودولية، أن المجاميع الحوثية قد أصبحت على مقربة من مدينة مأرب، عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.

وأقرت مصادر في الجيش اليمني، بسيطرة الحوثيين على بعض التلال في سلسلة جبال هيلان الاستراتيجية، غربي مأرب. ورغم التأكيد على أهميتها العسكرية، أشارت المصادر  نفسها إلى أن السيطرة على تلك المناطق "لن تجعل المليشيات في وضع السيطرة المطلقة، وبالإمكان استعادتها"، حسب تعبيرها.

ووفقاً للمصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"؛ فإن التقدم الذي حققه الحوثيون لا يمكن اعتباره اختراقاً جوهرياً قياساً بالهجمات وكثافتها، وإن الأمور ما زالت ثابتة على الأرض بالنسبة للجيش الوطني وليس هناك ما يُقلق حتى الآن.

ومنذ تصعيد الحوثيون هجماتهم على مأرب في السابع من فبراير/شباط الماضي؛ ما زالت المعارك محتدمة بشكل رئيسي في هيلان والمشجح والكسارة، وهي المناطق التي تحولت إلى بؤرة استنزاف واسعة للمقاتلين منذ أكثر من 40 يوماً جراء التضاريس الجبلية الوعرة، باستثناء الكسارة التي تبرز كمنطقة مفتوحة، وفقاً للمصادر ذاتها.

وقال مصدر عسكري آخر في القوات الحكومية، لـ"العربي الجديد"، إن المعارك التي تدور هناك كر وفر، حيث ينفذ الحوثيون هجوماً ينتهي بالسيطرة على تلة أو عدة تلال، وبعدها يتم تنفيذ هجوم مضاد للجيش الوطني ينتهي باستعادتها.

وتسعى جماعة الحوثيين للتوغل نحو منطقة نخلا، وهي موقع يكتسب رمزية بالنسبة لأبناء مأرب الذين احتشدوا تلبية لنداءات قبلية في 2015 بهدف التصدي للهجمات العدائية الحوثية، وتكلل ذلك بإحباطها.

واستفادت القوات الحكومية خلال معارك الـ48 ساعة الماضية من غطاء جوي مكثف لمقاتلات التحالف السعودي الإماراتي أحبط الهجمات البرية. ووفقاً لوسائل إعلام حوثية، فقد تعرضت المناطق الغربية لمأرب إلى 38 غارة، وهو رقم قياسي مقارنة بالأيام الأولى للمعركة.

وحاول الحوثيون مراراً تحييد الطيران الحربي وذلك بتكثيف الهجمات على منشآت سعودية عبر الطائرات المسيرة بدون طيار، لكنهم فشلوا في ذلك. حيث استهدفت منشأة تابعة لشركة أرامكو في الرياض ما أدى لاندلاع حريق تمت السيطرة عليه وفقاً لوزارة الطاقة السعودية، أمس الجمعة، فضلاً عن هجوم آخر على مطار أبها، وكان آخر هذه الهجمات هجوم بطائرة مسيرة تم الإعلان عنها اليوم السبت.

وأظهرت لقطات مصورة بثتها وكالة "واس" السعودية، اعتراض الطيران الحربي دوريات وعربات حوثية في جبهة الكسارة غربي مأرب أثناء محاولتها التسلل إلى مناطق الحكومة.

وعجز المجتمع الدولي عن كبح الهجمات الحوثية على مأرب والسعودية، واعتبر وزير الإعلام في الحكومة المعترف بها دولياً، معمر الإرياني، أن التصعيد والتطورات الأخيرة "تضع مصداقية المجتمع الدولي في إحلال السلام وإنهاء معاناة اليمنيين على المحك".

واتهم الوزير اليمني في تغريدة على "تويتر"، فجر السبت، ميليشيا الحوثي باستهداف الأحياء السكنية والمدنيين بمدينة مأرب بصاروخين باليستيين، ووصف ذلك القصف المتعمد بأنه "عمل انتقامي جبان يعكس حالة الهستيريا التي تعيشها الميليشيا جراء تصاعد خسائرها البشرية، وعجزها عن تحقيق أي تقدم على الأرض".

ويتعرض المجتمع الدولي لعملية مناورة حوثية بالتزامن مع تصعيدهم العسكري، وبعد أيام من الرفض الصريح الذي أعلنه المتحدث الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، للخطة الأميركية واعتبارها "مؤامرة"؛ عاد الرجل ذاته خطوة إلى الوراء وأعلن أن النقاش لا يزال مستمراً حول المقترحات التي قدمها المبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ.

وقال عبد السلام في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، الجمعة: "ناقشنا هذه الاقتراحات ونقدم بديلاً لها، وثمة فرق بين رفض النقاش ورفض مقترح أو مناقشته.. ولهذا فإن النقاش مستمر".

ورغم النقاشات والدعوات الأميركية المتكررة لوقف إطلاق النار والتي غالباً ما تحضر عقب الهجمات التي تطاول السعودية؛ فإن خبراء يرون أن الإدانة الشفوية لن تكون كافية لردع الحوثيين.

وقال تقرير حديث لمركز واشنطن إن "الكلمات الصادرة من الإدارة الأميركية "يجب أن تقترن باحتمال ملموس بتكبد هزيمة عسكرية في مأرب وانتكاسات متعاقبة على الجبهات الأخرى".

كما دعا التقرير واشنطن للتفكير في تقديم معلومات استخباراتية تستهدف قادة الحوثيين الموجودين في الخطوط الأمامية.

وفي السياق، اعتبر المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ماجد المذحجي، مساء أمس الجمعة، أن رفض الحوثيين للمسار الدبلوماسي الجديد الداعي لاستئناف الحوار من أجل تحقيق السلام، يشير بوضوح إلى أنهم يراهنون على الانتصار في مأرب لتعزيز نفوذهم وإجبار المجتمع الدولي على التعاطي معهم بناء على حقائق جديدة على الأرض تشمل وجود مأرب تحت سيطرتهم.

ويرى المذحجي، أن التوقيت مثالي للحوثيين، حيث السعودية في حالة ضعف سياسي على المستوى الدولي، وحلفاؤها يبدون أقل التزاماً بالدفاع عن مأرب مقارنة بحالهم خلال معركة الحديدة عام 2018، لافتاً إلى أن ذلك يتضح من خلال اللهجة الضعيفة والخجولة تجاه الحوثيين حالياً، مقارنة بالفترة التي كبحت دخول قوات الحكومة إلى الحديدة.

وتابع: "بالرغم من عدم امتلاك نفوذ ضد جماعة الحوثيين؛ على المجتمع الدولي اتخاذ موقف أخلاقي واضح في هذه المعركة، وإلا فإنه سيعزز تصور اليمنيين بأن القوى الخارجية صامتة في وجه عدوان الحوثيين، حيث الكثير من اليمنيين فروا من منازلهم بحثاً عن ملاذ من الحوثيين في مدينة مأرب، وهم الآن يواجهون احتمال الاضطرار للهروب مجدداً فيما لا يوجد أمامهم إلا ملاذات أقل".

 
المساهمون