هل تحتاج الإدارة الأميركية لإدراج الحوثيين في لائحة المنظمات الإرهابية؟ أم أنّ الجماعة التي أشعلت حرباً وتسبّبت بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، هي مصنّفة بالفعل، ولا تنقصها سوى المنافسة في القائمة القصيرة ضمن جماعات "الماسترز"؟
بشكل مفاجئ، اكتشفت الإدارة الأميركية المتربعة على عرش البيت الأبيض منذ العام 2017، أنّ جماعة الحوثيين تستحق الحضور في قائمة الإرهاب. وبعد 6 سنوات من العمليات العسكرية وأكثر من عام على مشاورات القناة الخلفية بينها وبين الجماعة، رأت السعودية أنّ ذلك التصنيف المحتمل "سيكون أمراً ملائماً"، كما جاء على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، أخيراً.
لا علاقة للأمر بإنصاف الضحايا، فاليمن الذي ظلّ طيلة السنوات الفائتة مسرحاً لحرب بالوكالة، هو آخر اهتمامات اللاعبين الإقليميين والدوليين، وإذا كان هناك من تصنيف حقيقي، فإنّ أيادي الجميع ملوثة بدماء الأطفال اليمنيين.
تصفّق الحكومة اليمنية حالياً لرغبة السعودية التي تدفع إدارة دونالد ترامب لإحراز هدف ضدّ إيران في الوقت الضائع. أما المواطن المنكوب، فيتحول رأسه إلى حلبة صراع لأسئلة تنطح بعضها: إذا كانت جماعة الحوثيين تقتلنا منذ 6 سنوات بهذه الطريقة وهي بعيدة عن قوائم الإرهاب، فماذا ستصنع بنا بعد أن تحظى "بشرف الانتماء" رسمياً لجماعات الإرهاب؟ وما هي الأسلحة التي ستلجأ لاستخدامها بعد الصواريخ الباليستية وقذائف الهاون والألغام المحرمة؟ هل ستلقي قنبلة ذرية مثلاً على مأرب؟
ما لا تعرفه الإدارة الأميركية أنّ لدى جماعة الحوثيين لائحة أكبر من تلك التي لدى وزارة الخزانة، إذ تصنّف سكان مدينة تعز بأنهم "دواعش"، وسكان مأرب بأنهم مرتزقة وإرهابيون، فضلاً عن إدراج سكان باقي المحافظات البعيدة عن سيطرتها ضمن جماعات المنافقين والتكفيريين وفي أفضل الأحوال أتباع "آل سلول".
إذا كانت جماعة الحوثيين تستخدم ناقلة النفط "صافر" كقنبلة موقوتة لابتزاز المجتمع الدولي وهي خارج القائمة، فماذا ستصنع بها وبممرات الملاحة في باب المندب وهي قد أصبحت إرهابية بشكل رسمي؟
يعيش اليمن تحت حصار سعودي، وتعيش أغلب المدن تحت حصار حوثي، والأحياء المحاصرة تحت حصار أصغر من مليشيات متعددة. فكيف سيكون وضع صنعاء وأكبر كتلة بشرية في مناطق الحوثيين في حال إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب؟ ما هو وضع منظمات الإغاثة وكيف ستتعامل البنوك الإقليمية مع البنوك اليمنية؟
بعيداً عن جملة التعقيدات المركبة، لا يزال لدى الحوثيين العديد من الأوراق التي ستجعل التصنيف الأميركي مستحيلاً. فهناك رهائن أجانب لا يزالون في صنعاء، وقد ينضم إليهم عمّال إغاثة، وهناك طيارون سعوديون وضبّاط، وهناك قادة عسكريون بارزون موالون للحكومة الشرعية في سجون الجماعة. فهل ستجازف واشنطن والرياض بكل هؤلاء من أجل مجرد قرار لن يقلب الموازين كما يعتقد البعض؟
التصنيف الأميركي لن يضيف شيئاً لجماعة هي مصنّفة بالفعل في نظر الملايين. ليست لدى الجماعة أرصدة وتعاملات مع بنوك سويسرا وأميركا حتى تتجمد، وليس هناك قادة يتنقلون بين مطارات العالم. لذلك، ربما يثمر التصنيف بتجميد حساب محمد علي الحوثي على موقع "تويتر".