انتهت رحلة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الأميركية واشنطن، حيث شارك بقمة القادة الأميركيين والأفارقة، بنتائج إيجابية لصالح السلطة، حيث حظي بإشادات من الإدارة الأميركية، كما تجنب النقد في قضية "حقوق الإنسان".
وبعدها وافق صندوق النقد الدولي على القرض الجديد الذي طلبته الحكومة المصرية. وقبل ذلك انتهت أعمال قمة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، التي شارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن، وأشاد خلالها أيضاً بعلاقاته مع القاهرة.
وافقت الجهة المسؤولة عن الحوار الوطني على قائمة أسماء لإشراكها في جلسات الحوار التي لم يحدد موعدها بعد
والآن ومع اقتراب العام 2022 من نهايته، يظل الحوار الوطني، الذي دعا إليه السيسي في إبريل/ نيسان الماضي، حبيس الجلسات التي يعقدها "مجلس أمناء الحوار الوطني"، الذي عقد 12 اجتماعاً في مقر الأكاديمية الوطنية للتدريب (تابعة لرئاسة الجمهورية)، على مدار الأشهر الماضية، من دون تحديد موعد لبدء الحوار حتى الآن.
وكان سياسيون وحقوقيون قد أبدوا تحفظهم على الحوار الوطني، الذي دعا إليه السيسي، واعتبروه مجرد محاولة لتجميل صورة النظام في الخارج، بالتزامن مع عقد قمة المناخ في شرم الشيخ، وطلب الحكومة قرضاً جديداً من صندوق النقد الدولي، وليس مبادرة حقيقية للتحاور مع الجميع للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد.
ضم شخصيات لجلسات الحوار
وعلمت "العربي الجديد" أن الجهة المسؤولة عن الحوار الوطني وافقت في الأيام القليلة الماضية، على قائمة تضم أسماء شخصيات عامة وسياسية وفنية وأكاديمية، قدمتها الحركة المدنية الديمقراطية لإشراكها في جلسات الحوار التي لم يحدد موعدها بعد.
وضمت القائمة التي عرضتها الحركة المدنية أسماء كانت مرشحة للاشتراك في المحور السياسي للحوار، ومنها: أحمد كامل البحيري عن حزب "الكرامة"، وحمدي عبد العزيز عن حزب "الاشتراكي المصري"، وهيثم الحريري عن حزب "التحالف الشعبي". ومن الشخصيات العامة: المحامي عصام الإسلامبولي، وضياء الدين داود، وإيهاب الخولي. ومن النقابات طارق النبراوي ممثلاً عن نقابة المهندسين، ويحيى قلاش عن الصحافيين، ومها أبو بكر من الحزب "الناصري" ممثلة عن المحامين. وعن النقابات العمالية: شعبان خليفة من حزب "المحافظين"، وكمال أبو عيطة كشخصية عامة. وضمت قائمة لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة محمد منيب، وراجية عمران، ومحمد نور فرحات.
وقال سياسي بارز وقيادي حزبي سابق من داخل الحركة المدنية، تحفظ على ذكر اسمه، في تصريحات، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ظل إصرار النظام والحكومة على تنفيذ رؤيتهما وخطتهما في ما يتعلق بإدارة البلد، لا معنى للدخول في حوار معهما".
وأضاف أن "الحركة المدنية أصدرت بياناً، الأحد الماضي، أكدت فيه ضرورة مراجعة الإنفاق على مشروعات لا تمثل أهمية ملحة على سلم الأولويات، وكذلك دمج الصناديق الخاصة، وعلى رأسها صندوق هيئة قناة السويس في الموازنة العامة للدولة. وبعدها بـ24 ساعة، وافق مجلس النواب على تشريع يسمح ببيع وتأجير أصول هيئة قناة السويس، وهو ما يؤكد أن النظام غير مقتنع أساساً بأهمية الحوار الوطني مع القوى السياسية. وبالتالي فإن المشاركة في الحوار، إذا عقد، تعد ضرباً من العبث".
ووافق مجلس النواب (البرلمان) المصري في جلسته العامة، أول من أمس الإثنين، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة، بشأن تعديل بعض أحكام قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، وإرجاء التصويت النهائي عليه إلى جلسة لاحقة لعدم توافر النصاب اللازم لتمريره.
وقضى مشروع القانون بإنشاء صندوق جديد لهيئة قناة السويس بغرض المساهمة بمفرده، أو مع الغير، في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.
رفض نواب إنشاء صندوق قناة السويس
وسجل بعض أعضاء المجلس رفضهم المشروع المعد من الحكومة في مضبطة الجلسة، ومنهم النائب عن حزب "الوفد الجديد" محمد عبد العليم داود، الذي قال في كلمته إن "إنشاء صندوق بهيئة قناة السويس هو بمثابة تفريغ مصر من أموالها، وتحويل المال العام إلى مال خاص. وهذا المشروع يمثل خطراً داهماً على الدولة المصرية".
وأضاف داود أن "مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يشبه مشروع طرح أهرامات الجيزة للبيع في سبعينيات القرن الماضي، والذي تصدت له النائبة نعمات أحمد فؤاد تحت قبة البرلمان"، وتابع: "هذه قناة السويس المملوكة للشعب المصري، والتي حفرها بدمه، وليست شركة من شركات القطاع العام التي تُباع بأبخس الأثمان!".
قيادي حزبي سابق: شروط الحركة المدنية الديمقراطية للمشاركة في الحوار الوطني لم تتحقق حتى الآن
وفي السياق، قال القيادي الحزبي السابق إن "جميع الشروط التي وضعتها الحركة المدنية الديمقراطية للمشاركة في الحوار الوطني، والتي كان على رأسها الإفراج عن معتقلي الرأي، وتأجيل القرارات الاقتصادية المهمة لحين إجراء حوار حولها، لم تتحقق حتى الآن. وهذا ما يؤكد ما كان يتردد من أن الدعوة للحوار جاءت أساساً لهدف معين، وهو الترويج لصورة معينة عن النظام في الغرب، لتفادي النقد والحصول على ثقة المؤسسات المانحة، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي".
ووافق صندوق النقد الدولي، يوم الجمعة الماضي، على منح مصر قرضاً بـ3 مليارات دولار، وإعطاء 347 مليون دولار دفعة أولى. ويضمن القرض حصول مصر على نحو 14 مليار دولار من الشركاء.
توقعات بعقد جلسات الحوار قريباً
وقال المصدر إنه "يتوقع أن يتم عقد جلسات الحوار في الفترة القريبة، من أجل إكمال الصورة أمام المجتمع الدولي فقط، وليس من أجل الاعتراف بأن البلاد تمر بأزمة سياسية واقتصادية حادة، تهدد استقرار المجتمع كله، وتنذر بانفجار نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالطبقات الفقيرة".
وكانت الحركة المدنية الديمقراطية قد أكدت، في بيان، أن "الاعتراف بالحق في التعددية والتنوع كان يمكن ولا يزال بإمكانه أن يجنب البلاد كثيراً من الأزمات، وأن الإفراج عن سجناء الرأي من المعارضين (السلميين) يمثل إشارة إيجابية على إمكانية تصحيح المسار، بهدف مواجهة الأزمة بالانتصار الحاسم لمبدأ العدالة الاجتماعية وفتح رئات المجتمع للحرية، وقد أثبت الشعب دوماً أنه الحارس الأمين لمصالح الوطن".
وقالت إنه "باختصار، الحرية والعدل أقصر طريق للاستقرار. كما أن تعزيز فرص التداول السلمي للسلطة هو الطريق الآمن لتجاوز الأزمات".
وكان مجلس أمناء الحوار الوطني قد أعلن، في 13 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، أنه "مستمر في عقد اجتماعاته ولقاءاته التحضيرية بالأكاديمية الوطنية للتدريب، وذلك لوضع اللمسات النهائية لخطط عمل لجان المحاور الثلاثة، وترشيحات أسماء المشاركين والممثلين لبعض الجهات والمؤسسات من مُقدِّمي المقترحات، ومن الخبراء المعنيين، وجداول الأعمال استعداداً للبدء الفعلي للجلسات النقاشية للحوار الوطني".
وعلمت "العربي الجديد" أن الجهة التي تدير الحوار الوطني قامت منفردة، وبعيداً عن الحركة المدنية الديمقراطية، بالاتصال ببعض الشخصيات العامة، ووجهت لها الدعوة لحضور جلسات الحوار.