وكانت السلطات الانفصالية في كاراباخ قد أصدرت، الخميس، مرسوماً يقضي بحلّ "جميع المؤسسات.. في الأول من يناير/ كانون الثاني 2024"، مؤكدة أن الجمهورية المعلنة من جانب واحد قبل أكثر من 30 عاماً، "ستزول من الوجود".
فرّ أكثر من 100 ألف من السكان الأرمن من إقليم كاراباخ في أعقاب العملية العسكرية التي شنتها أذربيجان وانتهت باستسلام الانفصاليين، وفق ما أكدت الحكومة الأرمينية اليوم السبت.
وقالت نظلي باغداساريان، المتحدثة باسم رئيس الحكومة نيكول باشينيان، إن أكثر من 100 ألف شخص غادروا الإقليم، علماً بأن عدد السكان الأرمن في المنطقة كان يقدّر بنحو 120 ألفاً.
وأتى النزوح الجماعي للأرمن من كاراباخ بعد إعلان حلّ الجمهورية الانفصالية المعلنة من جانب واحد، وعلى رغم دعوات أذربيجان لهم للبقاء.
وكتب أرتاك بلغاريان، الوسيط السابق لحقوق المدنيين في كاراباخ، على منصة "إكس" (تويتر سابقاً): "لم يبق سوى بضع مئات من الموظفين في القطاع العام والعاملين في مجال الإسعاف والمتطوعين وأشخاص من ذوي الحاجات الخاصة، وهم يستعدون بدورهم للمغادرة"، مؤكداً أن هذه المعلومات "غير رسمية".
ويأتي ذلك غداة إعلان الأمم المتحدة أن بعثة لتقييم الحاجات الإنسانية ستصل إلى المنطقة في نهاية هذا الأسبوع، هي الأولى من نوعها منذ نحو ثلاثة عقود.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة ستيفان دوغاريك إن "حكومة أذربيجان والأمم المتحدة اتفقتا على (إرسال) بعثة إلى المنطقة. البعثة ستصل نهاية هذا الأسبوع".
وأضاف: "لم نتمكن من دخول هذه المنطقة منذ نحو ثلاثين عاماً" بسبب "الوضع الجيوسياسي المعقد... لذا من الأهمية بمكان أن نتمكن من الدخول".
وأعربت فرنسا، السبت، عن أسفها لأن أذربيجان لم توافق على دخول البعثة إلا بعد نزوح أكثر من 100 ألف أرمني. وأكدت الخارجية الفرنسية من جديد "التزامها بدعم سيادة وسلامة أراضي أرمينيا إلى حيث لجأ هؤلاء السكان".
وقال معظم الأشخاص في هذه المنطقة التي يتمتّع فيها جميع الرجال بخبرة عسكرية وقتالية، إنّهم أحرقوا كل ما يمكن أن يعرض سلامتهم للخطر.
تظاهرة في أرمينيا
وأثار تواصل نزوح السكان الأرمن بشكل جماعي من الإقليم من جديد الاتهامات بـ "التطهير العرقي"، وتلقت محكمة العدل الدولية طلباً من أرمينيا باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية سكان هذا الجيب.
وفي أرمينيا التي يتدفق إليها اللاجئون، يتنامى شعور بالغضب. وأعلن مناهضون لحكومة باشينيان عزمهم تنظيم مسيرة، بعد ظهر السبت.
ودفع عدم تدخل روسيا في العملية العسكرية الأذربيجانية أرمينيا إلى اتهام موسكو، حليفتها التقليدية، بالتخلي عنها في مواجهة أذربيجان عدوتها التاريخية. ونفى الكرملين هذه الاتهامات.
ومن المفترض أن تقرر روسيا مع أذربيجان مستقبل مهمّة حفظ السلام في هذه المنطقة الانفصالية التي تنشر فيها قوات منذ العام 2020.
دعم عاجل لحالة الطوارئ الإنسانية في أرمينيا
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد أعربت عن "قلقها العميق" إزاء الوضع الإنساني في أرمينيا، وأعلنت تسجيل "وصول أكثر من 88,700 لاجئ خلال أقل من أسبوعٍ واحد، بشكلٍ رئيسي إلى محافظة سيونيك جنوبي البلاد".
وقالت ممثلة المفوضية في أرمينيا كافيتا بيلاني، في مؤتمر صحافي، عُقد أمس الخميس، في قصر الأمم في جنيف، إن المفوضية تقود "الاستجابة المشتركة بين الوكالات للاجئين وتعمل مع مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة. ويجري الآن وضع اللمسات الأخيرة على خطة الاستجابة المشتركة بين الوكالات، التي سيتبعها إطلاق نداء تمويل مشترك" يأخذ بالاعتبار "الاحتياجات على المدى القصير والمتوسط والطويل".
وبينت أن هؤلاء اللاجئين "منهكون وخائفون ويعتريهم القلق حيال المستقبل. لقد كانوا يعيشون تحت الحصار على مدى الأشهر التسعة الماضية، كما أنهم لا يعلمون ما سيحل بالبيوت التي اضطروا للفرار منها، وما إن كانوا سيتمكنون من العودة".
وأضافت: "إنهم يخشون ما سيحل بهم الآن، ويعتريهم القلق حيال تمكن أطفالهم من الوصول إلى التعليم. وصلت الغالبية العظمى منهم وهم لا يحملون معهم إلا القليل من حاجياتهم، لذا فهم يحتاجون للمساعدة الإغاثية بشكلٍ عاجل".
ونبهت بيلاني إلى الحاجة لـ"توفير مزيد من الدعم المالي"، وناشدت: "بشكلٍ عاجل مجتمع المانحين الدوليين لإبداء التضامن وروح تقاسم المسؤولية لتمكين أرمينيا من الاستجابة لحالة الطوارئ الإنسانية التي تتكشف فصولها الآن".
(فرانس برس، العربي الجديد)