دفعت قيادة قوات الحزام الأمني الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم السبت، بقوات جديدة إلى مدينة شقرة الساحلية في محافظة أبين، جنوبي اليمن، وذلك بعد ثلاث سنوات من الحرب التي جرت حينها في المنطقة بين قوات الحكومة والمجلس الانتقالي.
ويأتي دخول هذه القوات إلى أبين (على بعد نحو 200 كيلومتر من عدن) تحت عنوان ضبط الوضع الأمني فيها لتأمين عدن، لا سيما مع عودة الاغتيالات والاعتداءات إلى العاصمة اليمنية المؤقتة، التي يتخذها مجلس القيادة الرئاسي مقراً له منذ تشكيله في إبريل/نيسان الماضي.
وتأتي الخطوة في وقت طالب فيه المجلس الانتقالي الجنوبي، خلال اجتماع استثنائي اليوم السبت، بتوفير الإسناد اللوجستي للقوات الأمنية (لم يحدد أي تشكيل)، وبالتزامن مع تقاطع في المواقف بين قوى عدة فاعلة في عدن، في اعتبار أن ما يجري من تطورات أمنية في الآونة الأخيرة يخدم الحوثيين من جهة ومن يطلق عليهم "الجماعات المتطرفة" (عناصر من داعش والقاعدة) من جهة ثانية، على اعتبار أن هؤلاء ينشطون في بعض مناطق الجنوب لنشر الفوضى وإجبار الحكومة وقيادات الدولة العليا على مغادرة البلاد، مع العلم أنه لم تتبن أي جهة الاعتداءات الأخيرة في عدن.
وشهد يوم الأربعاء الماضي نجاة القيادي العسكري والأمني البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو أيضا مدير أمن محافظة لحج، اللواء صالح السيد، من محاولة اغتيال في خور مكسر بعدن، من خلال تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه وقتل على أثره أربعة اشخاص وأصيب أكثر من عشرة آخرين بينهم مدنيون. وتمكنت الأجهزة الأمنية بعدها بأقل من ساعة من تفكيك سيارتين أخريين، كانتا ستستخدمان ضمن هذه العملية حسب الأجهزة الأمنية. وقبل ذلك بأيام، قتل الصحافي صابر الحيدري جراء عبوة ناسفة وضعت في سيارته.
وشكلت هذه الهجمات، التي جرت كلها خلال شهر يونيو/حزيران الماضي في عدن، ثقلاً كبيراً على الأجهزة الأمنية والعسكرية في المدينة، في ظل الجهود الساعية الى توحيد كل تلك القوات ودمجها من خلال اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة، المشكلة لتوحيد كل القوات الموالية لكل الأطراف تحت وزارتي الداخلية والدفاع، لإنهاء الاختلالات الأمنية والعسكرية.
وعقب هذه التطورات، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو أحد الأطراف المشاركة في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي (ممثلاً بعيدروس الزبيدي، الذي يرأس المجلس الانتقالي وعين نائباً لرئيس مجلس القيادة) عقب اجتماع استثنائي عقده، اليوم السبت، الحكومة إلى توفير الإسناد اللوجستي للقوات الأمنية بعد العملية الأخيرة التي استهدفت أحد أبرز القيادات العسكرية والأمنية التابعة للانتقالي، في إشارة إلى اللواء صالح السيد.
وأشادت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي بـ"الجهود التي تبذلها القوات الأمنية بمختلف تشكيلاتها للتصدي لعناصر الإرهاب والتطرف"، مشددة على ضرورة رفع الجاهزية واليقظة الأمنية في عموم محافظات الجنوب، داعية في السياق المواطنين "للتعاون مع الأجهزة وسرعة التبليغ عن أي عناصر مطلوبين أمنياً، وأي تحركات مريبة تهدف إلى إقلاق السكينة العامة".
وفي السياق، قال مصدر في اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة المشكلة أخيراً في سياق المساعي لدمج كل الجهات الموالية للشرعية تحت قيادة واحدة، لـ"العربي الجديد"، إن الهجمات التي طاولت عدن، خلال الشهر الماضي، تعتبر تحدياً للجنة العسكرية والأمنية المشتركة، لا سيما بعد تدشينها من قبل قيادة المجلس الرئاسي، ممثلة بنائب الرئيس اللواء عيدروس الزبيدي، "وهذا يظهر أن الحوثيين والجماعات المتطرفة هم الأكثر تضرراً من جهود تشكيل اللجنة، لأن تلك الجماعات كانت هي المستفيدة من تلك الخلافات والانقسامات في صف الحكومة وشركائها في السابق".
وبرأيه، ترى تلك الجماعات أن مصالحها مهددة، مشيراً إلى "سعيها لإفشال عمل اللجنة من خلال هذه الأعمال الإرهابية". ولفت إلى أن اللجنة المشتركة وزارتي الداخلية والدفاع، إلى جانب الأجهزة والقوات الأخرى، تدرك حجم الخطر من رد فعل الجهات التي تتعارض مصالحها مع عودة حكومة المناصفة والتفاهم بين الأطراف السياسية وأيضا مجلس القيادة الرئاسي.
في موازاة ذلك، قال مصدر حكومي في عدن، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تعمل مع جميع الجهات المعنية على إعطاء ملفي الأمن والخدمات أهمية قصوى خلال الفترة المقبلة، وفق توجيهات قيادة المجلس الرئاسي، وبدعم من قيادة التحالف العربي.
وشدد على أن جميع القوى المشاركة ضمن الحكومة والمجلس الرئاسي "تدرك أهمية المضي قدماً لتوحيد الجهود لمواجهة هذه الجماعات الحوثية والمتطرفة منها، في محاولتها نشر الفوضى من خلال أعمالها الإرهابية".
ولفت المصدر إلى أن الاعتداءات في عدن تتزامن مع عودة حشد الحوثيين قواتهم في مختلف الجبهات، وزيادة الخروقات والانتهاكات للهدنة، وصلت إلى استهداف سيارات الإسعاف والمدنيين من مزارعين وغيرهم، فضلاً عن استخدام طيرانهم المسيّر بشكل مكثف خلال الفترة الماضية.