الحريري يشارك في إحياء ذكرى اغتيال والده في بيروت و"يرفع الدعم عن نوابه"

14 فبراير 2022
غادر الحريري الضريح دون الإدلاء بأي كلمة (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

زار رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، اليوم الاثنين، ضريح والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، لإحياء الذكرى السابعة عشرة لاغتياله، حيث قرأ الفاتحة إلى جانب عمته النائبة بهية الحريري، وألقى التحية على مناصريه الذين توافدوا بكثافة إلى وسط بيروت دعماً له، قبل أن يغادر من دون الإدلاء بأي كلمة.

ورفع مناصرو "تيار المستقبل" صور سعد الحريري ووالده رفيق الحريري، وأطلقوا شعارات تؤكد استمرارهم في دعم نهجهما ومبادئهما ووفائهم الدائم لهما، فيما شددوا على أن "سعد الحريري هو الزعيم الوحيد الذي يمثلهم".

وقال مصدر قيادي في "المستقبل"، لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد الشعبي دليل على وفاء مناصري المستقبل لسعد الحريري، وإن المشاركة كانت عفوية".

واغتيل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط من عام 2005 في انفجار كبير دوى في بيروت، وأدى إلى مقتل 21 شخصاً إلى جانبه. وأصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في 11 ديسمبر/كانون الأول 2020، حكمها على سليم عياش المنتمي إلى "حزب الله"، وفرضت عليه خمس عقوبات بالسجن المؤبد للمشاركة في اغتيال الحريري، فيما لا يزال عياش طليقاً، في وقت يرفض أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله تسليمه لعدم اعترافه بالمحكمة الدولية وقراراتها، كما يؤكد عدم دستوريتها.

وتأتي ذكرى الاغتيال هذا العام على وقع تعليق سعد الحريري العمل بالحياة السياسية وما خلفه من ارتباك في "تيار المستقبل" بعد خروجه للمرة الأولى منذ تأسيسه من المعركة الانتخابية، وتركه فراغًا على صعيد الزعامة السنية والذي تحاول شخصيات من الطائفة ملأه، على رأسهم شقيق سعد الأكبر بهاء الحريري.

وكان بهاء الحريري قد سارع إلى الإعلان عن مواصلة مسيرة والده رفيق الحريري، مؤكدًا خوضه "معركة استرداد الوطن"، بيد أنه حتى الساعة لم يحضر إلى لبنان، متذرعاً بالعامل الأمني رغم إشارته إلى أن عودته باتت قريبة، إذ فسرت حينها باحتمالية مشاركته في ذكرى اغتيال والده.

وأمّت شخصيات سياسية ودينية ووفود شعبية اليوم ضريح الحريري في المناسبة، فيما كانت لافتةً مغادرة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة من دون الإدلاء بأي تصريح.

في حين قال رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، بعد قراءته الفاتحة: "كتب علينا أن نصمد، وسنصمد".

وضمن المواقف التي أعلنت اليوم في ذكرى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، قالت عقيلته نازك رفيق الحريري إنها "ما زالت على وعدها بأن تستمر بسعيها جاهدة لتكملة قضية ومسيرة ونهج الشهيد الكبير مع العائلة والمحبين والأوفياء".

ونشر بهاء رفيق الحريري صورة له إلى جانب والده عبر "تويتر" مرفقة بعبارة "مش مهم مين بيبقى ومين بروح المهم يبقى البلد".

من جهته، قال ميقاتي عبر "تويتر" إن "ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري محطة مضيئة في تاريخ هذا الوطن، بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها في كل المجالات وشكلت علامة فارقة لا يمحوها الغياب أو يخمد وهجها. وفي هذا الظرف العصيب الذي نمر به، نستذكر بشكل خاص حكمته وعزمه في مواجهة كل التحديات والصعوبات".

وقال رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع إن "دماء الشهيد رفيق الحريري وحدّت اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، حول مشروعه، فانتفضوا في 14 آذار في انتفاضة مليونية غير مسبوقة داعين إلى خروج الجيش السوري ورافعين شعار "لبنان أولاً" و"الدولة أولاً" و"السيادة أولاً"، و"هذا ما سيكون".

أما رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، فقال في بيان: "اليوم وبعد 17 عاماً على الجريمة الكبرى، وفي أعقاب الانهيارات التي أصبح لبنان في خضمها، بات لبنان أحوج ما يكون إلى عمل وطني إنقاذي عبر إعادة ضخ الحياة والعزيمة والإصرار في عروق ومنطلقات مشروع رفيق الحريري الوطني، القائم على إعادة الاعتبار للدولة في دورها وفي الحرص على بسط سلطتها الكاملة على جميع أراضيها ومرافقها".

وعاد الحريري إلى بيروت يوم الأحد عشية إحياء ذكرى والده، حيث ترأس اجتماعاً لـ"كتلة المستقبل" النيابية، وكرّر خلاله مواقفه التي أعلنها في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، والأسباب التي دفعته إلى تعليق عمله بالحياة السياسية وعدم خوض الانتخابات النيابية هو و"تيار المستقبل"، تاركاً حرية الاختيار للنواب بالترشح، ولكن من خارج "عباءة" المستقبل.

واتخذ الحريري قراره بعدما رأى أن "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة"، على حدّ تعبيره.

الصورة
إحياء ذكرى اغتيال الحريري في بيروت (حسين بيضون/ العربي الجديد)
مناصرو "تيار المستقبل" يرفعون صور سعد الحريري ووالده في بيروت (العربي الجديد)

بدوره، قال عضو "كتلة المستقبل" النائب عاصم عراجي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحريري أكد خلال اجتماع الكتلة أنه لن يتراجع عن خطوته، مكررًا مواقفه السابقة حول الأسباب التي دفعته لاتخاذ قراره"، مشيرًا إلى أن الحريري ترك للنواب حرية الاختيار في خوض الانتخابات، خصوصاً أن هناك نواباً في الكتلة ليسوا محزبين ضمن "تيار المستقبل"؛ بل حلفاء معه، بحسب قوله.

ولفت عراجي إلى أنه "ما يزال يدرس قراره بالمشاركة بالانتخابات النيابية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التحالفات التي سيخوض معها الاستحقاق"، مشيراً إلى أن "قرار الحريري أحدث إرباكاً في الشارع اللبناني وليس فقط السني، إذ إن هذه أول مرة حزب يتمتع بحيثية كبيرة في البلد يعلق عمله السياسي ويقرر عدم خوض الانتخابات النيابية".

وشدد عراجي على أن "نواب (تيار المستقبل) مستمرون في عملهم ومشاركتهم في الجلسات، وخصوصاً على صعيد درس مشروع الموازنة لعام 2022 الذي أقرته الحكومة"، نافيًا تعليق النواب عملهم.

من جهته، قال العضو في "كتلة المستقبل" النائب محمد الحجار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحريري أكد في اجتماع الكتلة أنه لن يدعم أي شخص يترشح في هذا الاستحقاق، لكنه شدد في المقابل على أنه لا يدعو لمقاطعة الانتخابات النيابية أو الجلسات النيابية".

ولفت إلى أنه على صعيده الشخصي لم يحسم قراره بعد بالترشح أو عدم خوضه الانتخابات، مؤكدًا أنه في طور دراسة خياراته، وكذا الأمر بالنسبة لبعض النواب، خصوصاً الذين يمتلكون حيثية معينة في مناطقهم تحتم، في بعض الأحيان، الترشح.

وأضاف "الحريري لا يرغب طبعاً بإقفال البيوت السياسية، وهو ما يجعل النواب مترددين في موقفهم على صعيد الترشح. لو طلب منا عدم الترشح نهائياً لكنا احترمنا قراره والتزمنا به".

ولا ينفي الحجار أن خطوة رئيس "تيار المستقبل" تؤثر حتماً على وضعهم في الانتخابات، كما تنعكس على الأحزاب السياسية الذين كانوا يتطلعون للتحالف معه لتأمين الحاصل الانتخابي.

المساهمون