استمع إلى الملخص
- **ازدواجية الموقف الأميركي وتحذيرات السفر**: أعلنت إسرائيل عن خطتها العسكرية ضد لبنان، مما دفع وزارة الخارجية الأميركية لتحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان، وسط تحذيرات أممية من مخاطر العملية.
- **تحركات دبلوماسية وتحذيرات من تصعيد أكبر**: مبعوث أميركي دعا لحل دبلوماسي، بينما حذر الجنرال تشارلز براون من تدخل إيران لدعم حزب الله، وسط توتر متزايد قبل قمة "الناتو" وزيارة نتنياهو المحتملة للبيت الأبيض.
انتقل التركيز في الولايات المتحدة الأميركية بصورة متزايدة في المدة الأخيرة من غزة إلى جبهة لبنان على إيقاع التصعيد العسكري بين حزب الله وإسرائيل وإعلان الأخيرة عن انتهائها من وضع خطة لعملية عسكرية كبيرة ضد لبنان. وسارعت إدارة بايدن وبلغة ملتبسة تحتمل التأويل، إلى إبداء "تفهّمها" لتلويح حكومة نتنياهو بهذه العملية، بعد أن كانت في السابق تحذر إسرائيل من توسيع الحرب وتعارض فتح جبهات جديدة فيها، واستبدلت مؤخراً التحذير بالتمني من نوع أنها تريد "أن ترى الهدوء على الخط الأزرق" (الحدود اللبنانية – الإسرائيلية) بحسب ما قالت وزارة الخارجية الثلاثاء.
تراجع الإدارة الأميركية عن لغة المنع، جرى بزعم أنه "لم يعد بمقدورها التحكّم بإسرائيل وقراراتها"، وهو زعم كالعملة غير القابلة للصرف. وإذا كانت فعلا غير قادرة، فكان الأحرى بها أن ترد بوقف تزويد تل أبيب بالسلاح لا بوعدها بالدعم لو وقعت المواجهة مع الحزب. موقف أثار استغراب المراقبين لما فيه من تناقض غير مفهوم سوى أنه تشجيع مبطّن لنتنياهو ليمضي في عمليته العسكرية على جبهة لبنان الجنوبية، رغم أنه (نتنياهو) لم يعد بحاجة إلى تشجيع بعد أن ترك له الرئيس جو بايدن الحبل على غاربه في حرب غزة، وخاصة بعد ورطة بايدن في مناظرته مع ترامب وتداعياتها التي تهدد ترشيحه، بما جعله على كف عفريت من الصعب جداً إنقاذه.
وجاء إعلان إسرائيل في 18 يونيو/ حزيران الماضي عن جاهزية خطتها حول لبنان في سياق هذه الازدواجية التي تنطوي عملياً على ضوء أميركي في أقله برتقالي. ولذلك تمّ أخذه على محمل الجد وجرى التعامل معه على أنه تطور ينتظر لحظة ترجمته. وفي هذا السياق استوقف كلام نائب الناطق في الخارجية فيدنت باتيل حين قال إن الوزارة أوصت الأميركيين الراغبين بالسفر إلى لبنان عموماً "بإعادة النظر" في قرارهم، مع دعوتهم إلى "الامتناع كليا عن السفر إلى جنوبه وحدوده الشرقية مع سورية"، بما بدا بأن هذه الأماكن مرشحة لتكون مسرح العملية العسكرية. وأثار حظر السفر واستعداد الإدارة لمساندة إسرائيل، المخاوف التي عبّر عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي سارع إلى تحذير مجلس الأمن الدولي من مخاطر العملية "على شعوب المنطقة"، خاصة مع بدء فوري لتحركات تهدف لتسويق التوجه الإسرائيلي.
وحضر مبعوث الرئيس الأميركي الخاص عاموس هوكشتاين إلى لبنان يوم 18 يونيو/ حزيران الماضي ليدعو وبلهجة الإنذار، إلى وجوب البحث "سريعاً" عن مخرج دبلوماسي، قيل إنه يقوم على تراجع حزب الله إلى حدود نهر الليطاني "وإلاّ" فالبديل عن ذلك كما قال، يكمن في التوصل الى وقف نار في غزة، وهو يعرف (هوكشتاين) أن نتنياهو هو الذي خرّب على خطة بايدن وحال بالتالي دون التوصل الى وقف نار، برغم زعم الإدارة العكس. وكان لافتاً ما أدلى به رئيس هيئة الأركان الجنرال تشارلز براون في 23 يونيو/ حزيران الماضي، بأن الحرب لو اندلعت على هذه الجبهة (جبهة لبنان) فإن إيران قد تدخل فيها "لدعم حزب الله في حال وجد نفسه مهدَّداً"، ولعلن ما أراد براون قوله وهو نادرا ما يتبرع بالتصريحات، إن العملية العسكرية ستكون من العيار الثقيل الذي وصفه رئيس الأركان الإسرائيلي السابق باني غينتز الأسبوع الماضي بأنه سيضع لبنان "في الظلمة التامة".
واللافت هنا أيضا أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تناول الوضع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بلغة تتجاهل خطورة الوضع. وقال في ندوة نظمتها مؤسسة بروكينغز للدراسات، يوم الاثنين الماضي، حول السياسة الخارجية لرئاسة بايدن، إن كافة الأطراف "لا يريدون الحرب"، خلافا للاعتقاد السائد بن نتنياهو قد عقد العزم على الانتقال من "المرحلة الثالثة في حرب غزة نحو التركيز على لبنان". بات الوضع بعد التعثر في غزة، تحكمه دينامية جديدة؛ خطاب الإسرائليين يوحي بأن "العملية العسكرية في لبنان – يسميها البعض عملية محددة – صارت بحكم تحصيل الحاصل" عاجلاً ام آجلاً. لكن من المستبعد أن يحصل شيء من هذا النوع في الأيام القليلة القادمة، حيث تعقد قمة حلف "الناتو" الأسبوع القادم في واشنطن وعلى مدى ثلاثة أيام، إضافة إلى وجود تاريخ آخر قد "يمنع" اتساع الحرب هو 24 الجاري، إذ من المقرر أن يلقي فيه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خطابا أمام مجلسي الكونغرس "وربما" يقوم بزيارة للبيت الأبيض، لكن ذلك قد لا يمنع من انفجار الوضع قبل الزيارة. فالإدارة لا تنصح بالعملية قبل حصولها، لكنها مساندة لها بعد وقوعها.