تحاول أحزاب الموالاة التي كانت تدعم سياسات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تعزيز فرصها في الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل، بإحداث مصالحة سياسية مع الفئات الشعبية، وترميم صورتها بعد فترة ارتباك كبير نتيجة ثورة الشارع والحراك الشعبي ضدها، بسبب دعمها للسياسات التي أدخلت البلاد في أزمة سياسية واقتصادية خانقة.
ودافع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي عن حزبه الذي شهد نزيفا حادا على مستوى الكوادر والمناضلين منذ بدء الحراك الشعبي، وسجن اثنين من أمنائه العامين.
وقال في مؤتمر صحافي اليوم، بمناسبة انطلاق الحملة الانتخابية، إن الجبهة تعرضت لمحاولة اغتيال سياسي من أطراف مدفوعة بتصفية حسابات خاصة وأحقاد تاريخية، مضيفًا: "هناك أصوات ترتفع من حين لآخر مدفوعة بتصفية حسابات خاصة وبأحقاد تاريخية لخدمة الاستعمار وأذنابه، تريد اغتيال جبهة التحرير، وهو حزب حي يرزق بوجوده الشرعي والشعبي ومئات آلاف المناضلين في ربوع الجزائر"، مشيرا الى أن الحزب سيقف بالمرصاد لكل المزايدات السياسية.
ويقصد بعجي بمحاولة اغتيال الحزب، جملة مطالبات بحل الحزب واسترجاع الرمز التاريخي كملك مشترك للشعب الجزائري، لكون جبهة التحرير هي رائدة كفاحه التحرري، لكن المنظمة الوطنية للمجاهدين (قدماء المحاربين في ثورة التحرير)، ردت سريعا اليوم الخميس على تصريحات بعجي، وطالبت في بيان لها، بضرورة فك جبهة التحرير الوطني التاريخية، والحزب السياسي.
ودعت إلى توقيف وإنهاء ما وصفته "بتوظيف رمز الجبهة طيلة أزيد من نصف قرن وجعلها غطاء لإخفاء ممارسات من تداولوا الحكم، وتحميلها مسؤولية الإخفاقات التي عرفتها مسيرة التنمية الوطنية".
ثاني أحزاب المولاة التي تسعى خلال الحملة الانتخابية إلى ترميم صورتها السياسية، هو التجمع الوطني الديمقراطي، والذي يوجد أمينه العام السابق أحمد أويحيى في السجن بتهم تتعلق بالفساد.
ولجأ الحزب الى تبني تسمية جديدة "الأرندي الجديد"، (وهي اختصار لتسمية الحزب بالفرنسية)، في سياق مسعى إقناع الرأي العام والناخبين بأنه يختلف عن الصيغة السابقة للحزب، وأنه بصدد تغيير مواقفه السياسية مع وجود قيادة جديدة تقود الحزب منذ عام 2020، بعد انفصاله عن الإدارة، على الرغم من استمرار قيادته الجديدة في دعم وإسناد خيارات السلطة.
وقال الأمين العام الحالي للتجمع الطيب زيتوني، إنه يرفض وجود مزايدات سياسية على الحزب، مضيفًا أن "التجمع الجديد يطالب الطبقة السياسية بالالتزام بأخلاقيات العمل السياسيي والمنافسة الشريفة".
وأوضح، أن حزبه كان قد دافع عن الجمهورية في عز الأزمة الأمنية، مشيرًا إلى أنهم يملكون ملفات حول الكثير من الذين يزايدون على الحزب.
وفي نفس السياق، وفيما خرجت الحركة الشعبية التي كان يقودها وزير النقل السابق عمارة بن يونس، من المشهد السياسي وتجمدت بشكل كامل، تحاول أحزاب أخرى، على غرار تجمع أمل الجزائر الذي غيّر قيادته إلى وزيرة البيئة السابقة فاطمة زرواطي، وحزب التحالف الجمهوري بقيادة مساعد وزير الخارجية السابق بلقاسم ساحلي، إعادة التموقع في المشهد السياسي مجددا، بعد فترة شهدت فيها خلخلة تنظيمية كبيرة، ودفعت ثمنا كبيرا بسبب دعمها لسياسات بوتفليقة.
وقال أمين عام حزب صوت الشعب، لمين عصماني، خلال مؤتمر صحافي، إن حزبه لا يفضل البقاء رهن الماضي، وإن الانتخابات المقبلة، تمثل محطة جديدة للتنافس، مشيرًا إلى أنه مستعد لإجراء مناظرة سياسية بين البرامج المطروحة لإثراء العملية السياسية، وإعطاء الفرصة والأريحية التامة للشعب الجزائري في اختيار ممثليه. علمًا أن الحزب كان أحد الأحزاب السياسية التي كانت تدعم ترشح الرئيس السابق لولاية رئاسية خامسة.
من جانبه، قال المحلل السياسي يوسف بن ديدة في حديث لـ"العربي الجديد"، إن هذه الانتخابات ستكون امتحانًا حقيقيًا لأحزاب الموالاة، لكونها ستكشف عن طبيعة حجمها خاصة بالنسبة لحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الديمقراطي اللذين تربعا على المشهد وصدارة الانتخابات منذ عام 1997.
وأضاف، أن أكبر هاجس لهذه الأحزاب هي النتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، لكونها ستكون مهمة جدا لقراءة حجم هذه الأحزاب، والتثبت من أن نتائجها كانت فعلا بتضخيم من السلطة والإدارة، ولم تكن نتائج فعلية تعبر عن رضا الناخبين عليها أو قوة إقناعها ببرامجها وافكارها. وأشار إلى أن أحزاب المولاة ستواجه صدا كبيرا في هذه الانتخابات، لأن الناخب الجزائري مقتنع بأنها تمثل جزءا من الأزمة والخيارات الخاطئة، مشيرا إلى أن الحملة الانتخابية في الغالب لا تعبر بالضرورة عن الحقيقة الشعبية.