اعتقلت السلطات الجزائرية ضابطاً رفيعاً سابقاً في جهاز المخابرات كان يدير مركزاً للتحقيق والتحري يُعرف باسم "مركز عنتر"، بتهمة إخفاء مبالغ مالية ومحجوزات كانت قد عثرت عليها الأجهزة الأمنية خلال مداهمة منزل الابنة المنسوبة إلى الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، التي تُعرف إعلامياً بـ"السيدة مايا" المتهمة بقضايا فساد.
وقرّر القضاء العسكري إيداع الضابط السابق في المخابرات عتو ناصر، الذي يُعرف باسم العقيد إسماعيل، وكان يدير مركز التحريات والتحقيق التابع للجهاز الأمني، والمعروف باسم "مركز عنتر"، وضابطين آخرين، بعدما وُجّهت إليه تهمة اختلاس أموال محجوزة في قضية فساد، كان القضاء الجزائري يحقق فيها، تخص سيدة الأعمال نشناش زوليخة (الموقوفة في السجن) منذ سنتين.
ويعتقد القضاء العسكري أن العقيد إسماعيل قام مع ضابطين آخرين في شهر مايو/ أيار 2019، بعد اندلاع مظاهرات الحراك الشعبي واستقالة الرئيس بوتفليقة، بمداهمة فيلا للمتهمة "مايا"، حيث حُجزَت مبالغ مالية كبيرة بالدينار الجزائري، قُدّرت بما يعادل مليون يورو، إضافة إلى كمية من المجوهرات (17 كيلوغراماً من الذهب) ومبالغ بالعملة الأجنبية. وفي شهر يوليو/ تموز 2019، قُدِّم أقل من نصف المبلغ إلى القضاء وفرقة التحري التابعة للدرك الوطني التي تسلمت فقط ما يعادل 400 ألف يورو، فيما استوليَ على ما بقي من المبلغ للحيازة الشخصية.
ودفعت هذه الوقائع هيئة الدفاع عن المتهمة خلال المحاكمات السابقة، إلى المطالبة بباقي المحجوزات المالية والعينية، ما دفع القضاء العسكري إلى بدء تحريات حول تورط الضابط السامي في المخابرات العقيد إسماعيل في سرقة المحجوزات التي تجاوز مقدارها 600 ألف يورو، وتقرّر إيداعه السجن، كذلك جرى التحقيق من قبل القضاء مع المدير السابق للمخابرات بشير طرطاق، الموقوف في سجن البليدة في القضية نفسها، بتهمة الإخلال بالإجراءات الواجب اتباعها في التحقيقات، وفي استرجاع الأموال ومآل المبلغ وظروف إيداعه بالبنك المركزي.
ويُعدّ العقيد إسماعيل طرفاً رئيساً في قضية الصحافي ومدير قناة "النهار" أنيس رحماني، إذ كان ضحية لتسريب وبث مباشر لتسجيل صوتي جمع بينهما قبيل بدء الحراك الشعبي، يطلب فيه الضابط من مدير القناة إرسال أحد الصحافيين إلى مركز المخابرات للتحقيق معه في قضية نشره لإحدى المقالات التي أزعجت مدير المخابرات حينها بشير طرطاق. وأدين الصحافي رحماني بالسجن في هذه القضية التي كانت السبب في إحالة العقيد إسماعيل على التقاعد وتنحيته من منصبه.
وفي سياق آخر، تقرّر إيداع قائد كتيبة الدرك الوطني برتبة رائد في ولاية وهران غربي الجزائر، ووضع جنرال في الجيش تحت الرقابة القضائية. وذكرت مصادر موثوقة لـ"العربي الجديد"، أن القضية تتعلق بابتزاز مالي وفساد كشفتها عملية تحريات قام بها عناصر من جهاز الأمن (الاستخبارات) بتوكيل من نيابة القضاء العسكري، كشفت عن تورط عدد من الإطارات في جهاز الدرك، كذلك جرت مصادرة مبلغ مالي بالعملة الوطنية، قُدّر بما يعادل 700 ألف يورو، إضافة إلى مبلغ 60 ألف يورو وجدت داخل مسكن وظيفي للجنرال في الجيش، وتقرّر في هذه القضية أيضاً إنهاء مهام عدد من الضباط السامين.