بدأت الجزائر مساعي لتحريك ملف المصالحة الفلسطينية مجدداً، بعد شهر من القمة العربية التي كلفت الجزائر بإدارة مشاورات مع الدول الأعضاء في لجنة فلسطين، بهدف تشكيل فريق عربي يشرف على تنفيذ مصالحة وطنية فلسطينية.
وتدخل زيارة العاهل الأدرني الملك عبد الله الثاني إلى الجزائر ضمن سياق السعي وراء متابعة ملف المصالحة الفلسطينية.
وتؤكد تصريحات متطابقة لقيادات فلسطينية وجود مشروع اجتماع تنسيقي بين الفصائل الفلسطينية، قد يعقد قبل نهاية الشهر الجاري، للنظر في آليات تنفيذ اتفاق 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأعلن عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية، السبت الماضي، أن "الجزائر دعت الفصائل إلى لقاء لتنفيذ ما تم التوافق عليه"، فيما أكد القيادي في حركة "فتح" حسين حمايل أن الفصائل قد تعقد اجتماعاً للبناء على ما تم التوصل إليه في لقاء الجزائر.
وكشف ممثلون عن الفصائل فلسطينية في الجزائر، في أحاديث مع "العربي الجديد"، أنهم يترقبون توجيه دعوات لاجتماع يُعقد برعاية جزائرية قبل نهاية الشهر الجاري.
وتحاول الجزائر إنهاء هذا الملف في أسرع وقت ممكن، وذلك يعود لضرورة إنجاز الالتزامات الواردة في اتفاق الفصائل الفلسطينية وفي الآجال المتفق عليها من جهة، وضمان أن تنتهي فترة رئاستها القصيرة للقمة العربية (خمسة أشهر فقط) قبل مارس/ آذار المقبل، بتحقيق منجز على هذا الصعيد، من جهة أخرى.
يُذكر أن القمة العربية في الجزائر، مطلع الشهر الماضي، كانت دعت إلى "مرافقة الأشقاء الفلسطينيين نحو تجسيد الخطوات المتفق عليها ضمن إعلان الجزائر"، كما تضمن الفصل الملحق لمقررات القمة العربية "دعوة الجزائر بصفتها رئيسة القمة، والدول العربية المعنية، إلى مواصلة جهودها، والتشاور فيما بين أعضاء لجنة فلسطين حول تشكيل فريق عربي لمتابعة جهود المصالحة كافة، بما فيها إعلان الجزائر، للعمل على تحقيق المصالحة الفلسطينية وتنفيذ الاستحقاقات الواردة في إعلان الجزائر، وما سبقه من استحقاقات في إطار تلك الجهود، لتعزيز لحمة الموقف الفلسطيني، والمساهمة في تقوية موقفه التفاوضي، وصون حقوقه المشروعة".
وبالتوازي مع الجهود الجزائرية القائمة مع الفصائل الفلسطينية، سيكون على الجزائر إقناع الدول العربية الأعضاء في لجنة فلسطين في الجامعة العربية بالإسراع في تشكيل الفريق العربي، الذي سيتولى تنفيذ خطوات المصالحة الفلسطينية، ويعتقد أن الملف طرح خلال لقاءات الرئيس عبد المجيد تبون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ. كما تم نقاشه خلال الزيارة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الجزائر، التي انتهت أمس الأحد، على الرغم من وجود اعتراضات مصرية واضحة على مسعى تصدر الجزائر في الملف الفلسطيني.
وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري عز الدين زحوف، لـ"العربي الجديد"، إن الجهود الجزائرية المحمودة في إطار تنفيذ خطوات المصالحة الوطنية، "تجرى على مستويين، هما المستوى الفلسطيني بكل تعقيدات الداخل الفلسطيني، والمستوى العربي الذي تتداخل فيه المواقف والقراءات السياسية"، مشيراً إلى أن "المساعي الجزائرية تواجه مصاعب سياسية على كلا المستويين، بسبب تعقيدات الموقف الإقليمي، لأن المسألة الفلسطينية، وعلى الرغم من كونها عنواناً كبيراً للاجتماع العربي، فإنها على صعيد الواقع تعرف تطورات صعبة، من ذلك تمدد التطبيع الذي كانت آخر مظاهره زيارة رئيس الكيان الصهيوني إلى البحرين".
وكان 14 فصيلاً فلسطينياً قد شاركت في اجتماع المصالحة الوطنية في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ووقعت على وثيقة "إعلان الجزائر"، التي تضمنت تسعة بنود تتعلق بانتخاب المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال عام واحد من توقيع الإعلان، وإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية خلال مدة زمنية لا تزيد عن العام في المناطق الفلسطينية، بما فيها مدينة القدس، كما وتوحيد المؤسسات الفلسطينية وتفعيل آلية العمل للأمناء العامين للفصائل، وإنهاء الانقسام، على أن يتولى فريق عمل جزائري عربي مشترك الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق.
وتضمن الاتفاق أيضاً التزام "القوى الوطنية بتطوير المقاومة الشعبية وتوسيعها، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة، والالتفاف حول برنامح وطني كفاحي جامع لكل مكونات الشعب الفلسطيني".