جددت الجزائر رفضها خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع في منطقة الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.
وتضمنت رسالة وجهها مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، نذير العرباوي، إلى مجلس الأمن نشرها الأخير رداً على تصريحات سابقة للسفير المغربي في الأمم المتحدة، عمر هلال، سرداً للموقف الجزائري وحقائق تخص المسار التاريخي لقضية الصحراء، واصفة المقترح المغربي بأنه "محاولة لفرض الأمر الواقع في ظل وهم الحل السياسي المقترح".
وحذر السفير العرباوي بأن مضمون وأسس وأهداف ما يسمى بالحكم الذاتي في الصحراء قد شكل سابقة خطيرة تهدد أساس الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.
واعتبر أن "منح أي مصداقية للقوة القائمة بالاحتلال ولما يسمى مقترح الحكم الذاتي سيعني، وللمرة الأولى منذ إنشاء الأمم المتحدة، إضفاء الشرعية من قبل المجتمع الدولي على احتلال وضم إقليم والسيطرة على شعبه بالقوة".
وأوضح أن الجزائر ليست طرفاً في النزاع القائم، بدليل أن "طرفي النزاع اللذين وقعا بالفعل على اتفاقية تعتبر دولية، اتفاق هيوستن عام 1991، هما المغرب وجبهة البوليساريو، في محاولتهما لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية والذي كلفت به بعثة المينورسو".
وذكر أن "بعثة المينورسو أنشأت بموجب قرار مجلس الأمن 690 المؤرخ 29 إبريل/ نيسان 1991، وفقاً لمقترحات التسوية التي قبلها المغرب وجبهة البوليساريو في 30 أغسطس/ آب 1988 وتمت الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن".
وقال إن "الرباط تتعمد في منع البعثة من تولي مهمة رصد حالة حقوق الإنسان بالأراضي الصحراوية المحتلة"، متهماً المغرب "بعرقلة التسوية السلمية للنزاع، للتحقيق حل عادل ودائم يضمن لشعب الصحراء الغربية ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير".
كذلك اتهم المغرب "بمحاولة صرف القضية الصحراوية عن حقائقها التاريخية وتضليل المجتمع الدولي بتصريحات كاذبة وهجمات لا أساس لها من الصحة ضد الجزائر، من أجل تحقيق مكاسب لما يسمى بخطة الحكم الذاتي كحل وحيد في الصحراء".
واستطرد قائلاً "كذلك توجيه ادعاءات مباشرة كاذبة ومضللة ضد الجزائر مصحوبة باتهامات غير مقبولة، ومضللة بشكل واضح، كما هو عليه الحال دائماً عندما يضيق الخناق على ممثل المخزن بحقائق دامغة لا يمكن إنكارها بشأن الوضع في الصحراء".
ودانت الرسالة ما صفتها الجزائر "بدبلوماسية المقايضات والتطبيع غير الطبيعي"، مذكرة "بالوضع القانوني للصحراء التي أدرجتها الأمم المتحدة منذ عام 1963، ضمن قائمة الأقاليم المطلوب إنهاء الاستعمار فيها بموجب ميثاق الأمم المتحدة".
وأشار سفير الجزائر بالأمم المتحدة إلى أن "جميع القرارات ومنذ ذلك الحين، التي اعتمدتها الجمعية العامة تحمل قاسماً مشتركاً، وهو الاعتراف بالحق غير القابل للتصرف لشعب الصحراء في تقرير المصير".
كذلك ذكر "أيضاً بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن الصحراء، الصادر في 16 أكتوبر/ تشرين الأول 1975، بالإضافة إلى الأحكام الأخيرة لمحكمة العدل الأوروبية المتعلقة بالاتفاقيات غير القانونية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والتي تنص بوضوح، على أن المغرب والصحراء إقليمان متمايزان ومنفصلان".
وكان المغرب قد جدد بداية الشهر الحالي تمسكه بمقترح الحكم الذاتي، الذي كان قد تقدم به في عام 2007، "كحل وحيد" للنزاع في الصحراء، وبالمسلسل السياسي للموائد المستديرة.
جاء ذلك خلال المحادثات التي جمعت بالرباط وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بالمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا.
وقالت وزارة الخارجية المغربية إن الوفد المغربي ذكّر خلال المحادثات بالمواقف الثابتة للرباط التي أكدها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، بالتزام المغرب باستئناف العملية السياسية تحت الرعاية الحصرية لهيئة الأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفي إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة.
وخلال العام الماضي تصاعد حملات الهجوم اللفظي بين المغرب والجزائر لتصل ذروتها في شهر يوليو/ تموز عندما أعلن عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة تأييده الصريح لحق سكان منطقة القبائل في تقرير مصيرهم رداً على الدعم الجزائري لجبهة البوليساريو، وهو ما أثار غضب الحكومة الجزائرية التي سارعت لاستدعاء سفيرها لدى المغرب "للتشاور".