أعلنت السلطات الجزائرية إصدارها أوامر قبض دولية في حق رئيس الحركة الانفصالية "ماك" فرحات مهني، المقيم في فرنسا، على خلفية اتهام القضاء له وللحركة بالمسؤولية عن تدبير الحرائق الهائلة التي شهدتها منطقة القبائل، والتخطيط لجريمة "الأربعاء الأسود" المتمثلة بحرق الشاب جمال بن إسماعيل في 11 أغسطس/آب الجاري في منطقة الأربعاء نايث إيراثن شرقي الجزائر، وكذا في سلسلة حرائق شهدتها المنطقة.
وقال النائب العام لمجلس قضاء الجزائر سيد أحمد بن مراد، في مؤتمر صحافي عقد اليوم الخميس للكشف عن نتائج التحقيقات القضائية في هذه الأحداث، إن القضاء قرر إصدار أمر قبض دولي في حق رئيس هذه الحركة الانفصالية التي تطالب بانفصال منطقة القبائل، وشكلت ما زعمت أنها حكومة منفى مقرها في باريس، حيث أثبتت التحقيقات أن 24 من الموقوفين المتورطين في هذه الأحداث ينتمون إلى هذه الحركة وينشطون في صفوفها، وكانوا يتلقون تحويلات مالية من الخارج.
وأكد المصدر نفسه أن الجزائر ستلجأ إلى استخدام الوسائل القانونية التي تتيح التنسيق والتعاون القضائي الدولي، وإلى جهاز الشرطة الدولية "إنتربول"، لتوقيف فرحات مهني واستلامه ومحاكمته أمام القضاء الجزائري، حيث ستسلم الجزائر ملفاً كاملاً لـ"إنتربول" بشأنه.
لكن لا يعرف ما إذا كان جهاز الشرطة الدولية سيعمل على تنفيذ الطلب الجزائري، بسبب اعتبارات سياسية، والحماية التي توفرها فرنسا لرئيس الحركة الانفصالية في القبائل، حيث يقيم لديها منذ عقدين ويحمل جواز سفر فرنسياً أيضاً، لكن القرار الجزائري سيسهم في الحد من تحركات مهني الدولية، خشية توقيفه في مطارات دول لديها اتفاقات تسليم المطلوبين مع الجزائر.
وكانت السلطات الجزائرية قد اتخذت في 18 مايو/أيار الماضي قراراً بتصنيف حركة (ماك) الانفصالية كحركة إرهابية، بسبب مساسها بالوحدة الوطنية للبلاد، ودعواتها إلى انفصال منطقة القبائل، والتحريض على تشكيل مجموعات شرطة محلية في قرى ومدن منطقة القبائل.
وأكدت التحقيقات الأولية في جريمة "الأربعاء الأسود"، بحسب النائب العام، "وجود تدبير مسبق وتأثير ممهنج لعناصر تنتمي إلى حركة الماك في الواقعة، وتنسيق ودور للعنصر الأجنبي، أكدته معطيات تقنية من خلال التخطيط والترويج والتهييج"، ورفض المتحدث الكشف عن طبيعة الجنسيات الأجنبية المعنية، لكن السلطات الجزائرية وجهت اتهاماً مباشراً في وقت سابق إلى المغرب، مشيرة إلى وجود عدد من المتورطين في الأحداث الأخيرة في منطقة القبائل ما زالوا في حالة فرار، عددهم 29 شخصاً، جزء منهم يقيمون في الخارج، أُصدِرَت أوامر قبض دولية في حقهم.
ودعا المسؤول القضائي "الدول للتعاون مع الجزائر وتوقيف المتورطين في الأحداث الإرهابية الأخيرة التي جرت في منطقة القبائل، بغرض تسليمهم للسلطات الجزائرية ومحاكمتهم بسبب خطورة الوقائع وضمان عدم الإفلات من العقاب"، وقال: "أؤكد لهؤلاء المتورطين أنهم لن يعرفوا الطمأنينة، ما دامت ملفاتهم بيد العدالة الجزائرية"، مشيراً إلى أن الجزائر نجحت أخيراً في استلام عدد من المطلوبين للقضاء من دول أجنبية، كان آخرهم المدير العام السابق لشركة "سوناطراك"، ولد قدور، من الإمارات، والعسكري الهارب الرقيب في الدرك الوطني محمد عبد الله من إسبانيا.
وجاءت التطورات القضائية المعلنة اليوم في أعقاب انتهاء قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي محمد، وسط العاصمة الجزائرية، من التحقيقات الأولية في حادثة مقتل الشاب جمال بن إسماعيل والحرائق المندلعة في منطقة القبائل، وبعد ثلاثة أيام متواصلة من استجواب 88 شخصاً، وضع 83 منهم رهن الحبس المؤقت، فيما تقرر وضع أربعة مشتبه فيهم في حالة إفراج مؤقت وتحت قيد الرقابة القضائية، على أن يواصل القاضي التحقيقات المعمقة التي قد تستمر لفترة من الزمن، بسبب العدد الكبير من المتهمين، قبل أن يُحوَّل الملف إلى غرفة الاتهام وتحديد جلسة لمحاكمتهم في وقت لاحق.