الجزائر: أحزاب معارضة تدعو إلى التحالف بوجه السلطة

01 مارس 2022
العدالة والتنمية تدعو إلى لقاءات بين المعارضة (العربي الجديد)
+ الخط -

عادت أحزاب سياسية معارضة في الجزائر، أخيراً، إلى الدعوة لإقامة تحالفات بين قوى المعارضة والتنسيق مجدداً، لوقف ما تعتبرها سياسات التضييق التي عمدت إليها السلطة، ولإعادة الاعتبار للعمل السياسي والحد من محاولات إقصاء واستبعاد الأحزاب السياسية.

ودعت "جبهة العدالة والتنمية"، في بيان، أعقب اجتماع مجلسها الشوري، أول من أمس الأحد، "القوى السياسية والمعارضة الجادة من أجل التنسيق لإعادة الاعتبار للفعل السياسي المنظم ومواجهة سلوكيات تمييع الساحة السياسية وإرادة إبعاد دور الأحزاب والفاعلين السياسيين عن الساحة وتحييدها عن الدور المنوط بها دستورياً في تأطير المجتمع والمساهمة في تسيير شؤونه العامة".

وجاء ذلك تزامناً مع ما وصفته "التضييق الممنهج للحياة السياسية والغلق الإعلامي وكذا الاعتقالات والمضايقات بسبب الآراء والمواقف السياسية"، مؤكدةً أنّ "الجنوح للقبضة الأمنية في التعامل مع أي احتجاج قد يوجد حالة من الاحتقان، ويعمق الشعور بأنه لم يتغير أي شيء".


 
وحذرت "العدالة والتنمية"، التي كانت تحتضن غالبية لقاءات قوى التغيير خلال فترة الحراك الشعبي؛ من أنّ "الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي خلفته سياسات الحكومات المتعاقبة وتعاملها العشوائي أدى إلى انهيار قيمة العملة الوطنية وتعطل عجلة التنمية وزيادة في التضخم وغلاء في المعيشة وضعف في القدرة الشرائية".

وقالت إنّ هذا الوضع "أثر على جميع فئات المجتمع، الأمر الذي سيعمق بؤر الفقر ويزيد تذمر فئات كثيرة من الشعب بما ينبئ بمخاطر تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعيين، ورفض سياسة شراء السلم الاجتماعي".

وقبل دعوة "جبهة العدالة والتنمية" إلى حوار سياسي بين قوى المعارضة، كانت "جبهة القوى الاشتراكية"، قد دعت إلى حوار وتوافقات سياسية وطنية.

وقال الحزب، في بيان، الأسبوع الماضي، إنّ "الجزائر اليوم، أمام مأزق ومرحلة دقيقة من تاريخها تستدعي مشروعا وطنيا جامعا".

وأشار إلى أنّ عدم وجود تنسيق بين القوى السياسية في السابق، "لم يسمح ببناء وهيكلة ميزان قوى حقيقي لسلطة الأمر الواقع، وعجّل بفشل مسار وطني جامع".

واعتبر أنه "لم يفت الأوان بعد، ولا تزال الفرصة قائمة للشروع في مسار وطني جامع يصون الدولة الوطنية ويحمي مكوناتها ومقوماتها ويؤسس لعهد جديد، عهد دولة القانون والديمقراطية، عهد يضمن الرقي والازدهار للجزائريين والجزائريات".

وأكد أنّ "الوقت هو للمنطق والحكمة اللذين يمليان تغليب الحوار بين كل المكونات الوطنية الحية وترجيح التوافق وعبر كل المستويات على الشروط الأساسية لبناء دولة القانون".

وفي السياق، نشر رئيس "حركة مجتمع السلم"، عبد الرزاق مقري، السبت الماضي، تقدير موقف عبر فيه عن دعم الحركة لأية مبادرات للحوار والعمل مع القوى السياسية، وما وصفها بـ"المعارضة الحكيمة".

كما دعا "القادة الحكماء الأذكياء في المعارضة إلى التفكير في إعادة بناء تجربة العمل المشترك".

وقال "إلى القادة من أصحاب البذل والعطاء، الذين يعملون أكثر مما يتكلمون، ممن هم على صلة مباشرة ودائمة مع المواطنين، أنتم قادرون على صناعة المستقبل بالاستفادة من تجارب التاريخ"، منعاً لما وصفها "تكرار التجربة الفاشلة المانعة لتمثيل وتجسيد الإرادة الشعبية الحقة عندئذ، والوقوف في وجه مشتتي الصفوف وممزقي الأمل".

من جهته، اعتبر حزب "العمال اليساري"، في بيان صدر، مساء أمس الإثنين، أنّ "التهجمات على الحريات الديمقراطية من اعتقالات تعسفية وتعدٍ على التعددية الحزبية، بالتوازي مع التراجع عن المكتسبات الاجتماعية وتدني القدرة الشرائية، هي نتيجة لتنصل الدولة من مهامها".

وأشار إلى أنّ "الإجراءات الأخيرة غير كافية تماماً كإرساء منحة البطالة الإقصائية والظرفية"، محذراً في المقابل من "سياسة التقشف وإلغاء الدعم الاجتماعي ما قد يخلق معاناة كبيرة في جميع القطاعات في البلاد".

استرجاع للنفس السياسي

وحول هذه الدعوة، قال الناشط السياسي ناصر حداد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ قوى المعارضة "تبدو في وضع استرجاع للنفس السياسي بعد فترة انخرط جزء منها في المسار الانتخابي واستحقاقاته، لكن مشكلات النشاط السياسي وطرح مسألة الحريات يبدو أنها دفعت الأحزاب المعارضة إلى التحرك لفعل شيء ما، لا سيما أنها قضايا تتقاطع فيها مطالب هذه الأحزاب".

واعتبر أنّ "الحوار بين قوى المعارضة ما زال ممكناً، لأنّ الثقة السياسية بين أطراف المعارضة لم تنته، على الرغم من التباين في الخيارات على مستويين؛ الأول حول المشاركة في المسار الانتخابي، والثاني في الطروحات السياسية إزاء السلطة".

كما رأى أنّ إقرار قوى المعارضة، أخيراً، بالفشل في تحويل فرصة الحراك الشعبي إلى محطة لانتقال ديمقراطي بين الخلافات السياسية، "هو مؤشر على مراجعة مهمة لدى تلك القوى واقتناعها بضرورة التنسيق والحوار مجدداً".

المساهمون