الجامعة العربية... دور غائب في الأزمة السورية

04 مارس 2021
لم تلعب الجامعة العربية أي دور لحل الأزمة السورية (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

ليس من المتوقع أن تجد مطالبة وزير الخارجية المصري بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، استجابة إقليمية ودولية، في ظل رفض النظام لكل الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للقضية السورية التي غابت عن اهتمام الجامعة منذ عام 2012 بعد أن تعامل هذا النظام بازدراء كبير مع الجهود العربية لنزع فتيل الأزمة في عامها الأول.   

واعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، في كلمة له، أمس الأربعاء، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدورة الـ 155 لمجلس الجامعة العربية، أنّ عودة سورية إلى الحاضنة العربية "أمر حيوي" من أجل صيانة الأمن القومي العربي، بيد أنه طالب النظام السوري بإظهار إرادة نحو الحل السياسي، و"استيعاب المعارضة الوطنية السياسية، وتخفيف حدة النزاع للخروج من أتون الحرب المستمرة إلى بر الأمان"، وفق قوله.

من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنّ سورية تمثل "جرحاً نازفاً مفتوحاً منذ عشر سنوات من الصراع"، مضيفاً أنّ "أبناء الشعب السوري لا يزالون في الداخل والخارج يدفعون الثمن من أمنهم ومعاشهم ومستقبل أبنائهم".

وتابع: "هناك حاجة ماسّة لخلق مسار فعّال وذي صدقية للحل السياسي"، مردفاً: "لا ينبغي أبداً أن يكون العرب بعيدين عن الحل، لأن سورية دولة عربية، وليس في مقدورِ أيّ طرفٍ كان أن ينزع عنها عروبتها أو هويتها الأصيلة".

ولا تُعَدّ هذه الدعوة الأولى لعودة النظام السوري إلى الجامعة، حيث سبقتها دعوات من دول عربية لم تقطع علاقتها مع النظام مثل العراق، أو أعادتها لاحقاً، مثل الإمارات العربية المتحدة، إلا أنّ هذه الدعوات أحبطت بسبب الرفض الإقليمي والدولي لتعويم بشار الأسد مرة أخرى بعد المجازر التي ارتكبها بحق السوريين.  

وكانت جامعة الدول العربية قد علّقت عضوية سورية في الجامعة، بعد قرار أصدره وزراء الخارجية العرب، أواخر عام 2011، في ذروة الحراك الثوري السلمي في سورية، عقب رفض النظام السوري مبادرة للحل طرحتها الجامعة. وأرسلت الجامعة العربية أواخر ذاك العام العشرات من المراقبين العرب لتقييم الأوضاع في سورية، إلا أن النظام السوري أفشل مهمة هؤلاء المراقبين، إذ كان من الواضح أنه اختار القمع وسيلة لوأد الثورة.

وفي يناير/كانون الثاني 2012، لجأت جامعة الدول العربية إلى طرح مبادرة جديدة من أجل التوصل إلى حل للأزمة السورية، تتضمن "تشكيل حكومة وحدة وطنية في أجل لا يتجاوز شهرين، وذلك بمشاركة من السلطة والمعارضة"، تعد لانتخابات برلمانية ورئاسية تعددية حرة. وطلبت الجامعة في المبادرة من بشار الأسد "تفويض نائبه الأول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من أداء واجباتها في المرحلة الانتقالية".

ورفض النظام السوري هذه المبادرة، وهو ما دفع الجامعة العربية إلى اعتماد المبعوث الأممي إلى سورية كوفي عنان، مبعوثاً خاصاً بها. وفي منتصف 2012، رفض النظام فحوى بيان جنيف1 الذي رسم خريطة حل للأزمة السورية، ما أدى إلى انكفاء الدور العربي في الأزمة السورية، إذ تعاملت كل دولة معها بناءً على سياساتها ومصالحها.

ورفضت الجامعة العربية منح المعارضة مقعد سورية فيها، رغم أنها دعت معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف السوري المعارض، إلى إلقاء كلمة باسم الشعب السوري خلال أعمال القمة العربية الـ 24 في العاصمة القطرية الدوحة، في مارس/ آذار من عام 2013، ولطالما اعتبر الشارع السوري المعارض دور جامعة الدول العربية في سورية سلبياً، إذ اكتفت بدور المتفرج على ما يجري في دولة كانت من المؤسسين لها في أربعينيات القرن الفائت.

ووصف مدير المكتب الإعلامي في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية إبراهيم جباوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أداء الجامعة العربية في سورية بـ "المشلول"، مضيفاً: "دوّلت الأزمة السورية وانكفأت". وأمل جباوي أن "تستعيد الجامعة العربية دورها وتسهم في إيجاد حل للقضية السورية".

من جانبه، أعرب الباحث السياسي رضوان زيادة عن اعتقاده أنّ "وزير الخارجية المصري سامح شكري يحاول جسّ نبض الإدارة الأميركية الجديدة حيال الموقف من النظام السوري"، مضيفاً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "شكري يعرف أن الإدارة السابقة وقفت بقوة ضد إعادة تأهيل النظام وعودته إلى الجامعة، ولذلك أحبطت الكثير من محاولات الإمارات ومصر في هذا الإطار".

وحول الموقف المتوقع من إدارة الرئيس جو بايدن حيال هذا الملف، أعرب زيادة عن قناعته بأنّ "الإدارة الأميركية الحالية لن تدفع نحو دعم هذه الخطوة، ولا سيما أنها شددت على فكرة العقوبات"، مضيفاً: "ما زال هناك قانون قيصر الذي يمكن أن يشمل كل من يتعاون مع نظام الأسد".

ووصف زيادة دور الجامعة العربية في سورية بـ "السلبي"، وتابع: "حتى إنها توقفت ليس عن لعب أي دور، بل توقفت تماماً عن إصدار أي بيان". وذهب إلى القول إنّ "الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط وضع نفسه كموظف في وزارة الخارجية المصرية، ولذلك هو يعكس تماماً الموقف المصري في كل مواقف الجامعة، وليس فقط في القضية السورية". 

المساهمون