قضى الأميركيون ليلة متوترة أمام شاشات التلفاز، لمشاهدة جلسة علنية عقدتها لجنة تابعة للكونغرس وعرضت خلالها أدلة تدين الرئيس السابق دونالد ترامب في الهجوم على الكابيتول العام الماضي.
لكن بعد 17 شهرا على وقوع الهجوم، يتمثّل التحدي الأكبر أمام لجنة مجلس النواب التي تحقق في المسألة، في ضمان بأن يكون لمشاهد العنف التي عرضتها في وقت ذروة المشاهدة الوقع السياسي الذي تسعى إليه.
اعتُبر عرض الخميس مدمّرا بالنسبة لترامب، الذي وُصف بأنه مصدر تهديد للديمقراطية في الولايات المتحدة، في وقت يسعى لنقل حملته المرتبطة بالاتهامات بأن الانتخابات الأخيرة سرقت منه إلى الاقتراع المقبل.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، في معرض حديثه عن الجلسة "من المهم أن يفهم الشعب الأميركي ما حصل حقا، وأن يفهم أن القوى ذاتها التي قادت إلى السادس من يناير/كانون الثاني ما زالت ناشطة اليوم"، في إشارة إلى ما ارتكبه سلفه.
عرضت اللجنة تسجيلات مصوّرة لمواجهات مباشرة بين الشرطة والمجموعة الداعمة لترامب التي اقتحمت الكابيتول لمنع المصادقة على نتيجة انتخابات 2020 التي فاز فيها بايدن.
وأظهر مشهد الشرطية المكلفة بحراسة الكابيتول، كارولين إدواردز، غائبة عن الوعي، بينما تحدثت في شهادتها عن "الانزلاق على دماء الناس"، مشيرة إلى أن الهجوم تحوّل إلى "مجزرة".
واختُتمت الجلسة بمقطع مصوّر يظهر عددا من أعضاء المجموعة يقولون إنهم توجّهوا إلى الكابيتول بناء على طلب ترامب.
وفنّدت ليز تشيني، التي كانت نجمة صاعدة في الحزب الجمهوري الأحداث إلى أن رفضت القبول بادعاءات ترامب بشأن سرقة الانتخابات، كل جانب من "الكذبة الكبيرة"، كما يطلق الرئيس السابق على نتيجة الانتخابات الأخيرة.
وأشارت مرارا إلى "عدم قانونية.. خطّته المتطورة المكوّنة من سبع نقاط" لقلب نتيجة الانتخابات.
وأكدت شهادات بعض أقرب حلفاء ترامب، بمن فيهم وزير العدل في عهده بيل بار وابنته إيفانكا، على أنه تم تنبيهه مرة تلو الأخرى، بشأن مدى خطورة نظريات المؤامرة التي يطرحها.
مشاهد فوضى
وأثارت تشيني صدمة في القاعة، عندما نقلت عن شاهد عيان قوله إن ترامب قال إن نائبه مايك بنس يستحق بأن يتم إعدامه شنقا بأيدي المجموعة التي اقتحمت الكابيتول.
ويتمثّل التحدي بالنسبة للديمقراطيين في ضمان تأثير ما تم عرضه على الناخبين، بعد ردود الفعل الفاترة من الرأي العام على آلية عزل ترامب مرّتين في مجلس النواب والاتهامات العديدة له بسوء السلوك.
وبينما أعادت الصور المؤثرة للتمرّد أحداث اليوم إلى الذاكرة، إلا أن الجزء الأكبر من الغضب تلاشى منذ يناير/كانون الثاني، بينما يركّز الناخبون حاليا على قضايا معيشية تمسّهم مباشرة، على غرار ارتفاع معدلات التضخم.
وكشف استطلاع للرأي أجراه مركز "يوغوف" بالاشتراك مع جامعة ماساتشوستس في مايو/أيار أن 42 في المائة فقط من المستطلعين يدعمون المساعي الرامية إلى محاسبة القائمين على التمرّد، في تراجع بعشر نقاط خلال عام.
وقال أستاذ العلوم السياسية لدى جامعة "كوبين ستيت" في بالتيمور، أحمد ذهني، لفرانس برس، إن "أداء ترامب ما زال جيّدا مع أتباعه على المستوى الشعبي".
وأضاف "لذا ما لم تأت لجنة الكونغرس المعنية بالسادس من يناير/كانون الثاني بأدلة جنائية تمنعه من الترشّح مجددا، يستبعد أن يقف (الجمهوريون) في مجلسي الشعب والشيوخ ضدّه".
"الحقائق ما زالت مهمة"
وقال المقدّم على "فوكس نيوز" تاكر كارلسون "سعر الغاز تجاوز خمسة دولارات. التضخم أعلى من أي وقت مضى في حياة معظم الأميركيين.. الجرائم العنيفة تجعل العيش في المدن مستحيلا، وقضى أكثر من 100 ألف أميركي جراء جرعات زائدة من المخدرات العام الماضي. لماذا لا تنعقد جلسة في وقت الذروة لمناقشة أي من هذه الأمور؟".
وبينما علّمت التجربة الناشطين ألا يعلّقوا آمالهم على إمكانية تسبب الفضائح في تغيير المواقف، في ظل الاستقطاب السياسي الكبير التي غالبا ما يسود الولايات المتحدة، إلا أن المحلل السياسي مايك هرنانديز يعتقد أن "الحقائق تؤثر".
وقال هرنانديز الذي يعمل لدى شبكة "تيليموندو 51 ساوث فلوريدا" لفرانس برس "إما أن تقدّم الحقائق التي تعرضها لجنة السادس من يناير/كانون الثاني أدلة على أن رئيس الولايات المتحدة وجّه الآلاف من أنصاره لتعطيل المصادقة على (أصوات) الهيئة الناخبة أو أنها لن تقوم بذلك".
وأضاف "إما أن ينتج عنها إثبات بأن تنسيقا جرى بين مسؤولين في مجلسي النواب والشيوخ مع الرئيس لإلغاء انتخابات 2020 أو لا".
لكن المؤكد أن مشاهدا معينا في ساوث فلوريدا كان يتابع الجلسة لم يكن راضيا إطلاقا عن مجرياتها. وكتب ترامب في سلسلة منشورات غاضبة على منصته "تروث سوشيال" إنها "حملة سياسية شعواء من طرف واحد ومسيّسة تماما".
(فرانس برس)