حملت لجنة التحقيق التي كلفها رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بالنظر في الحفل الموسيقي الذي أقيم في مقام النبي موسى الواقع بين القدس وأريحا بالضفة الغربية، في الـ26 من الشهر الجاري، في بيان لها مساء اليوم الخميس، الفرقة ووزارتي الأوقاف والشؤون الدينية والسياحة والآثار الفلسطينيتين، المسؤولية عما جرى.
ووفق بيان للجنة التحقيق، التي أنهت أعمالها اليوم الخميس، ورفعت تقريرها لرئيس الوزراء، فقد حملت اللجنة الفرقة الموسيقية مسؤولية عدم التزامها بتعليمات حالة الطوارئ المعمول بها لمواجهة فيروس كورونا والتي يُحظر بموجبها إقامة الاحتفالات، للحد من تفشي فايروس كورونا، وتنظيمها حفلاً موسيقياً في المقام دون مراعاة أهميته وحساسيته بكونه مقاماً ومسجداً.
كما حملت اللجنة وزارة السياحة والآثار المسؤولية الإدارية عن منح إذن ليس من اختصاصها بإقامة عروض وحفلات إلكترونية في موقع يتبع لوزارة الأوقاف وعدم تقدير حساسية الموقف، وما قد يترتب عليه من تداعيات وعدم التدقيق في طبيعة الفرقة ونوعية الحفلات الإلكترونية التي تقيمها وعدم مراعاة حالة الطوارئ رقم (27) لسنة 2020 بشأن الإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا.
وحملت اللجنة كذلك وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المسؤولية الإدارية عن غياب إجراءات الحراسة بالمكان، وطالبتها بالعمل الفوري على تأمين حراسة لائقة للمكان ومنع دخوله من قبل جهات غير مخولة بذلك بما يتناسب مع طبيعته التاريخية والدينية.
وأوصت اللجنة بإحالة تقريرها إلى النائب العام لاتخاذ المقتضى القانوني بحق كل شخص يشتبه بتورطه جزائياً، سواء بمنح الموافقة على إقامة الحفل بالموقع المذكور، أو التقصير في حراسته، أو انتهاك حرمته، أو العبث به وإتلاف محتوياته، أو تأجيج المشاعر وإثارة النعرات الدينية، ومحاولة خلق الفتن بما يشمل خرق حالة الطوارئ.
وتضمنت توصيات اللجنة الواردة في التقرير مساءلة مدير عام المتاحف والتنقيبات بوزارة السياحة والآثار، بسبب مخالفته الإجراءات والتعليمات والواجبات الوظيفية المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية، بمنحه موافقة بواسطة البريد الإلكتروني دون اتباع الأصول الواجبة من حيث تقديم الطلبات ومنح الإذن أو الترخيص حسب الأصول، وكذلك منح إذن لإقامة حفل في غير المواقع التابعة لوزارة السياحة ومخالفة حالة الطوارئ.
وأوصى تقرير اللجنة النيابة العامة الفلسطينية، بتوقيف كل من تورط في انتهاك حرمة المكان والاعتداء على مقتنياته بالحرق أو التخريب وتقديمهم للمحاكمة.
وفي السياق، أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية غسان نمر بأن الوزارة ستتولى التدقيق في منح أي تراخيص مستقبلية إلى جانب الجهات صاحبة الاختصاص لمنع تكرار ما حدث، مشيراً إلى أن الحكومة لن تسمح بتكرار تلك الواقعة، وأنه كان على وزارة الأوقاف والشؤون الدينية واجب توفير الحراسة لتلك الأماكن.
وأشار نمر إلى أنه سيتم توفير الحراسة اللازمة لجميع الأماكن والمقامات الدينية الواقعة في جميع المناطق غير الخاضعة للسلطة الفلسطينية كونها جزءاً من التاريخ الفلسطيني والموروث الديني والثقافي.
ونوه نمر إلى اتخاذ الإجراءات والعقوبات الإدارية بحق الجهات أو الأشخاص الذين ثبت تقصيرهم في التعامل مع تلك الواقعة، محذراً من محاولات البعض تأجيج المشاعر وإثارة النعرات الدينية وخلق الفتن بين أبناء الوطن الواحد، مؤكداً حرمة الأماكن المقدسة وحمايتها من أي انتهاك.
وقال نمر: "إن النيابة العامة وبحكم اختصاصها قامت بتحريك الدعوى الجزائية منذ اللحظة الأولى لتلك الواقعة وفق القانون".
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، والذي يشغل أيضًا منصب وزير الداخلية، كلف لجنة برئاسة اللواء محمد الجبريني، المساعد الأمني لوزير الداخلية، بالتحقيق في تلك الأحدات.
وأثارت مشاهد فيديو لحفلة صاخبة لفرقة فنية تدعى "بويلر روم" داخل مسجد النبي موسى ومقامه غضب الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بمحاسبة أي جهة رسمية فلسطينية سمحت لتلك الفرقة بانتهاك حرمة المسجد والمقام الديني، ووسط اتهامات لوزارتي السياحة والآثار والأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينيتين بشأن السماح للفرقة بتنظيم هذا الحفل، فيما شكلت الحكومة الفلسطينية لجنة تحقيق بما جرى.
وأظهرت مقاطع فيديو مساء السبت الماضي، قيام شبان فلسطينيين من القدس بإخراج تلك الفرقة التي كان يرقص أعضاؤها على نغمات الموسيقى داخل المسجد والمقام، وسط صراخ وإطلاق ألعاب نارية لإخراجهم.
وتبع الغضب على ما جرى أن أحرق شبان فلسطينيون (مجهولو الهوية)، مساء الأحد الماضي، أثاث غرف فندقية في مسجد النبي موسى ومقامه، بعدما اقتحموا الغرف الفندقية وحطموا الأثاث بداخلها.
واعتقلت الشرطة الفلسطينية، يوم الأحد الماضي، الفنانة العالمية المختصة بموسيقى "التكنو"، سماء عبد الهادي، التي أقامت حفلاً في مقام النبي موسى بين القدس وأريحا بالضفة الغربية، وتبع ذلك غضب فلسطيني على إقامة الحفل في المقام، فيما تصاعدت الدعوات المطالبة للسلطة الفلسطينية بالإفراج عن سماء، وعدم تحميلها المسؤولية عن ذلك كونها تملك تصريحًا بإقامة الحفل في المقام.
ورغم أن هناك مطالبات بالإفراج عن سماء عبد الهادي وخاصة من فنانين ومثقفين، إلا أن هناك مطالبات أخرى تطالب بمحاسبة سماء عبد الهادي على أنها أقامت حفلاً في مكان ديني. وظهر انقسام بالرأي على مواقع التواصل الاجتماعي بين مطالب بالإفراج عنها ومطالب بمحاسبتها، حيث لا تزال سماء معتقلة ومدد اعتقالها للمرة الثانية كان آخرها أول أمس الثلاثاء، لمدة 15 يومًا.