المحقق العدلي يطلب التنفيذ الفوري لمذكرة توقيف وزير سابق في قضية انفجار مرفأ بيروت

10 ديسمبر 2021
غرق التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في متاهات السياسة (حسين بيضون)
+ الخط -

طلب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، اليوم الجمعة، بعد استئنافه التحقيقات، تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة منذ شهرين في حق وزير المالية السابق علي حسن خليل، المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وقال شقيق الضحية جو نون، وليم نون، لـ"العربي الجديد": "إننا بصدد البحث في تنفيذ تحرك أمام المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بهدف تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية التي صدرت بحق خليل، وذلك بعدما علمنا أن المحقق العدلي خابر النيابة العامة التمييزية اليوم الجمعة، وطلب تنفيذها من قبل الأجهزة الأمنية، ونحن نرى أنه طالما أن المسؤولين والمدعى عليهم خارج السجن ستبقى ممارسات عرقلة التحقيق".

ويشير نون إلى أن "ما يعرقل سير التحقيقات، وبالتالي حسم قضية الموقوفين أيضاً، هو ممارسات الطبقة السياسية وطلبات الرد المكثفة بوجه المحقق العدلي، التي نأمل أن تتوقف حتى يصدر القرار الظني بأسرع وقتٍ".

وغرق التحقيق في الانفجار في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية. فمنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب ووزراء سابقين، وطلبه ملاحقة مسؤولين وأمنيين، تنتقد قوى سياسية عدة، على رأسها "حزب الله" و"حركة أمل"، عمل البيطار.

ومنذ تسلمه التحقيق، لاحقت 16 دعوى البيطار مطالبة بكفّ يده عن القضية، تقدم بغالبيتها وزراء سابقون مُدعى عليهم وامتنعوا عن المثول أمامه، وهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق.

وأدت تلك الدعاوى إلى تعليق التحقيق مرات عدة، قبل أن يستأنف مجدداً الأسبوع الحالي إثر رد القضاء دعاوى عدة ضد البيطار.

وفي أول إجراء بعد استئناف التحقيق، أعاد البيطار إلى النيابة العامة التمييزية مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حق النائب علي حسن خليل، و"أمر بتنفيذها بشكل فوري من قبل الأجهزة الأمنية".

استمرار الهجوم على البيطار

وما يزال البيطار يتعرض لهجوم مركز ومتعدد الجبهات من قبل المدعى عليهم من المسؤولين السياسيين بهدف إبعاده عن الملف، وأحدث هذه الهجمات تمثلت في "تقدم وكلاء الدفاع عن رئيس الوزراء السابق حسان دياب بدفوع شكلية أمام المحقق العدلي، بعدما ردت الهيئة العامة لمحكمة التمييز دعوى مخاصمة الدولة التي كان تقدّم بها، والتي ترتكز كلها على التمسّك بنظرية المرجع الصالح المتمثل بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لا القضاء العدلي".

وقال مصدر قانوني مطلع على الملف لـ"العربي الجديد"، إن "المدعى عليهم يناورون ويحاولون كسب الوقت حتى تنضج التسوية السياسية التي يعمل عليها رئيس البرلمان نبيه بري بشكل أساسي، والتي تتوقف عليها عودة جلسات مجلس الوزراء، وهي التي تعطي مجلس النواب حق الحسم، وتحيل بالتالي الملف إلى مرجع يمكن لهم السيطرة عليه وعلى قراراته، بعدما عجزوا بكل الوسائل الممكنة عن إبعاده عن القضية".

ويشير المصدر إلى أن "الهجوم على البيطار ستتسع رقعته في الأيام المقبلة، خصوصاً أن هناك مذكرات توقيف يجب تنفيذها، والتي صدرت بحق وزير المال السابق النائب علي حسن خليل، الذي يعد اليد اليمنى لبري، وكذلك مذكرة التوقيف الخاصة بوزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، والتي تمتنع المراجع المختصة عن تنفيذها".

الصورة
مرفأ بيروت (حسين بيضون)

في المقابل، تقدمت اللجنة التأسيسية لـ"أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار بيروت"، التي يترأسها إبراهيم حطيط، بدعوى رد بحق البيطار، وذلك بعدما تراجعت اللجنة عن مواقف ومبادئ سارت عليها بداية، وباتت تتهم البيطار بالاستنسابية وتسييس الملف، حيث عبّر عن ذلك حطيط في أكثر من تصريح يحمل خطاب "حزب الله" و"حركة أمل"، لكنه نفى ذلك هو الذي تحدث أكثر من مرة عن تهديدات تعرض لها بسبب مواقفه.

وأسف شقيق الضحية جو نون، وليم نون، لانحراف حطيط وبعض الأهالي عن مسار القضية ومناداتهم بمحاسبة الجميع، باستثناء "الحزب والحركة"، مستبعداً أن يكون لطلبات الرد التي يتقدمون بها أي تأثير.

موقوفون بانفجار بيروت يقدمون شكوى إلى الأمم المتحدة

إلى ذلك، تقدّم عدد من الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت، اليوم الجمعة، بشكوى إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، بواسطة المحامية راشيل لندون.

والموقوفون الذين تقدموا بالشكوى هم المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، والمدير العام للجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم، ومدير الخدمات الجمركية حنا فارس.

وأعلنت المحامية المتخصصة في القانون الجنائي والعضو في نقابتي المحامين في باريس ومدريد وفي المحكمة الجنائية الدولية، راشيل لندون، أن هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع حلول اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من كل سنة.

وأشار بيان نشرت نصه "الوكالة الوطنية للإعلام" إلى أن "موضوع الشكوى يأتي في خانة اعتبار الموقوفين معتقلين من قبل الحكومة اللبنانية بشكل تعسفي وغير قانوني".

وسبق لأهالي الموقوفين في قضية انفجار مرفأ بيروت أن نفذوا أكثر من تحرك احتجاجي مطالبين بإطلاق سراح أبنائهم، مستنكرين البطء الحاصل في التحقيقات، مع الإشارة إلى أن عدد الموقوفين في القضية بلغ 18 موقوفًا.

عون يؤكد التمسك بمضامين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

وفي الذكرى الـ73 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أن "لبنان متمسك اليوم أكثر من أي وقت مضى بمضامين هذا الإعلان وبنوده، لأنها تشكل بحد ذاتها دستوراً دولياً من شأنه أن يجعل الإنسان في صلب السياسات الدولية، لجهة الاعتراف بها والعمل على احترامها".
وشدد الرئيس عون على أن "لبنان اليوم يناضل من أجل تكريس احترام هذه الحقوق وصيانتها".
إلى ذلك، توقف سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف في هذا اليوم عند "أهمية استقلالية القضاء كشرط مسبق من أجل ضمان التمتع بالحقوق والحريات الأساسية من دون تمييز"، مع العلم أن لبنان يشهد في هذه المرحلة أكبر ضرب لاستقلالية القضاء في ظلّ التدخلات من قبل المنظومة الحاكمة في عمله، ومحاولاتها عرقلة التحقيق، ومنع الجهات الأمنية والمعنية التابعة لها من تنفيذ القرارات التي تصدر عن المحقق العدلي أو طلباته للحصول على إذن بملاحقة الأمنيين والعسكريين.
المساهمون