تعهد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان بتسليم السلطة للمدنيين في أي وقت، لكنه اشترط لذلك حدوث توافق سياسي بين مختلف القوى السياسية.
وقال البرهان، في حوار أجراه معه التلفزيون الحكومي يوم السبت، إن التوافق المطلوب يجب أن يتم عبر جلوس كل الأطراف السياسية عدا حزب المؤتمر الوطني، حزب الرئيس المعزول عمر البشير، إلى طاولة مفاوضات على أسس وطنية، للتوصل إلى توافق يحدد دور مؤسسات الدولة وإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية.
وأشار إلى أن الجيش السوداني سيلتزم بكل ما يخرج به التفاوض بما يضمن تكوين حكومة كفاءات مستقلة وتعديل الوثيقة الدستورية، وقيام انتخابات حرة مستقلة، نافياً رغبته في الاستمرار شخصياً في حكم السودان، ولا يريد أن تحكم المؤسسة العسكرية البلاد.
وأعلن البرهان عن تحقيقات تجريها القوات النظامية في ما يتعلق بقتل المتظاهرين والتجاوزات التي تتم من قبل بعض الأفراد، كاشفاً عن توقيف عدد من المتهمين في بعض حالات القتل في كل من مدينة الخرطوم بحري وشارع الأربعين وشروني.
وأكد أنه لم يصدر شخصياً أوامر لأي جهة بإطلاق النار على المتظاهرين، ولا مطاردتهم، وأنه سيتحمل المسؤولية إذا ثبت عكس ذلك، وسيرضى بتقديمه للمحاكمة بشأن حوادث القتل الأخيرة، أو في فض اعتصام محيط قيادة الجيش قبل نحو 3 سنوات.
ورجح البرهان، في الوقت نفسه، وجود طرف ثالث يتورط في قتل المتظاهرين، بدليل المتاجرة المستمرة بسقوط شهداء، موضحاً أنه أقال قبل مدة عدداً من قادة الأجهزة الأمنية لفشلهم في الوصول إلى قتلة الشهداء، ولم يستبعد اتخاذ إجراءات بحقهم في المستقبل.
وأشار البرهان إلى أن حق التظاهر متاح في أي مكان عدا 3 مناطق؛ بالقرب من القصر الرئاسي ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي، مشيراً إلى أن أي تجاوز حصل للقوات خارج هذه المناطق شُكلت له "مجالس تحقيق" ستعلن نتائجها. ولفت إلى أن الشرطة مُنعت تماماً من حمل السلاح أثناء التعامل مع التظاهرات.
وأكد حرصه على الحوار مع لجان المقاومة، صاحبة الفضل الأكبر في التغيير بالسودان، مشيراً إلى أنه سبق أن اجتمع بمجموعة، منهم ولدى السلطات تواصل مع مجموعات أخرى.
تفكيك نظام الثلاثين من يونيو
وأكد البرهان أنه لا يزال مؤمناً بمبدأ تفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران، لكنه ذكر أن اللجنة التي شُكلت في السابق لهذا الغرض انحرفت عن مسارها وعملت بمنهج مختلف، نافياً صدور قرارات من جانبه بإعادة محسوبين على النظام السابق. وأوضح أن القرارات صدرت من القضاء، وأنهم، ورغم ذلك، سيعيدون النظر في قائمة من أُعيدوا للخدمة وإبعاد أي شخص تم تعيينه في عهد النظام السابق على أساس الانتماء الحزبي.
ونفى البرهان وجود دوافع سياسية وراء القبض على بعض أعضاء لجنة إزالة التمكين، موضحاً أن هناك شبهات جنائية دُونت بموجبها بلاغات في محاضر النيابة، وذكر أنه يمكن تسوية القضية من أجل الوصول إلى التوافق السياسي وتهيئة المناخ من أجل الحوار السياسي.
اتفاق مع المبعوث الأممي
وحول المبادرة الأممية لإنهاء الأزمة السياسية، أوضح أن اتفاقا تم مع المبعوث الأممي فولكر بيرتس على أن يظل وسيطاً يدعو للحوار وجلوس الأطراف مع بعضها، وأنه ليس من حقه إصدار مبادرة، لافتاً إلى أن المبعوث غير مهتم حالياً بمساعدة السودان للوصول إلى مرحلة الانتخابات، وحصر نفسه في الشأن السياسي الداخلي، ومتأثر بحديث مجموعة محددة فقط. وشدد على وجود لجنة سودانية تتولى جمع المبادرات للخروج برؤية موحدة.
وحول سعي الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على قادة الانقلاب، قال البرهان إن معلومات مهمة تغيب عن أعضاء الكونغرس، مبيناً أن العقوبات والتهديد والتلويح لن تحقق فائدة.
التعاون الاستخباراتي بين الخرطوم وتل أبيب
وفي ما يتعلق بتعدد تبادل الزيارات بين السودان واسرائيل، ذكر عبد الفتاح البرهان أنهم راغبون في خلق بيئة مؤاتية ليعيش السودان في المجتمع الدولي من دون عداء مع أي دولة في العالم، موضحا أن التعاون الاستخباراتي بين الخرطوم وتل أبيب لم يتوقف منذ لقائه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأضاف "هذا أمر طبيعي وأمر مشروع، ونسعى من خلاله لتأمين دولتنا وتأمين الإقليم"، وأعاد التأكيد أن الزيارات كلها تتم في الإطار الأمني والاستخباراتي، وليست سياسية وليست لها مقاصد أخرى، مشيراً إلى وجود فائدة فيها لمصلحة الوطن.
ولفت إلى أن التعاون الأمني بين الخرطوم وتل أبيب مكّن السودان من القبض على كثير من التنظيمات الإرهابية داخله، والتي كان يمكن أن تتسبب في زعزعة الأمن بالداخل وفي الإقليم.