البرلمان المغربي يتجه إلى إقرار مدونة أخلاقيات لمحاربة الفساد

04 مارس 2024
شهدت الساحة البرلمانية في المغرب خلال الفترة الماضية التحقيق مع عدد من البرلمانيين (Getty)
+ الخط -

يتجه البرلمان المغربي إلى إخراج مدونة للأخلاقيات إلى حيز الوجود، في وقت يستمر فيه الجدل السياسي الذي أثاره ملاحقة عدد من البرلمانيين أمام القضاء بتُهم فساد، وتجريد آخرين من عضوية البرلمان بعد إدانتهم بأحكام قضائية إثر تورطهم في قضايا تبديد أموال عمومية واختلاسها.

وكشفت مصادر برلمانية أن مكتب مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) يستعد للإفراج عن مدونة السلوك والأخلاقيات الخاصة بالمجلس قبل موعد الدورة البرلمانية الربيعية، المقرر انطلاقها في الجمعة الثانية من شهر إبريل/ نيسان المقبل.

وبعد الكشف عن المدونة يُنتظر أن تخضع للمناقشة والمصادقة من مجلس النواب قبل عرضها على المحكمة الدستورية في إطار التعديلات التي ستدخل على النظام الداخلي للغرفة الأولى للبرلمان ومدى مطابقتها لأحكام الدستور.

ويأتي ذلك، في وقت أكد فيه رئيس مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي، أمس الأحد خلال استضافته في برنامج "ضيف الأسبوع" على قناة "ميدي1 تيفي" المغربية، أن "مدونة الأخلاقيات التي سيفرج عنها المجلس خلال الأسابيع القادمة لا تعطينا حق تجميد عضوية النائب البرلماني المتابع أمام القضاء"، مؤكداً أن "المحكمة الدستورية هي الوحيدة التي لها الحق في تجريد النائب البرلماني من عضويته".

وقال رئيس مجلس النواب إن "مدونة الأخلاقيات ستمنع البرلمانيين المتابعين قضائياً من ترؤس اللجان والمناصب الدبلوماسية البرلمانية"، في حين ستتيح للنائب البرلماني (المتابع قضائياً) حضور الجلسات وطرح الأسئلة ومناقشة المواضيع وتقديم مقترحات قوانين وتعديلات".

وتأتي تحركات البرلمان المغربي من أجل إخراج مدونة الأخلاقيات استجابة لدعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى تخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها تكون ذات طابع قانوني ملزم، وتحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلاً عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب أكثر إلى المؤسسات التمثيلية.

وكان العاهل المغربي قد شدد، في رسالة وجّهها في 17 يناير/ كانون الثاني الحالي إلى البرلمانيين بمناسبة تخليد الذكرى الستين لإحداث برلمان المملكة المغربية، على ضرورة تغليب المصالح العليا للوطن وللمواطنين على غيرها من حسابات الحزبية، مؤكداً أن تخليق الحياة البرلمانية والرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة وتعزيز ولوج النساء والشباب أكثر إلى المؤسسات التمثيلية يعد أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني.

وبحسب الباحثة في العلوم السياسية، شريفة لموير، فإن مدونة الأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها هي "تكريس فعلي لمبدأ المسؤولية والحساب، خاصة في ظل تأكيد طابعها القانوني الملزم"، مشيرة إلى أن "من شأن تلك المدونة أن تغلّب المصالح العليا للوطن والمواطنين بعيداً عن المزايدات الضيقة والحسابات السياسية للأحزاب، التي أصبحت تشوه المشهد السياسي في المغرب".

وأضافت لموير في حديث مع "العربي الجديد": "الأكيد أن التسريع في إخراج المدونة إلى الوجود هو تأكيد جدية المقاربة الجديدة التي دعا إليها العاهل المغربي، والتي تسعى أساساً إلى تخليق المشهد السياسي في المغرب"، لافتة إلى أن تكريس دولة الحق والمؤسسات يتجلى من خلال تخليق الحياة السياسية، التي هي انعكاس على المشهد الحزبي في المغرب والتي تعرف اختلالات محورية من حيث مباشرة الأدوار المنوطة بها، والتي كفلها لها الدستور المغربي.

وشهدت الساحة البرلمانية في المغرب خلال الفترة الماضية، التحقيق مع عدد من البرلمانيين، وعزل آخرين، بسبب تورطهم في قضايا جنائية، في حين يتم الاستماع إلى آخرين في ظل شبهات تحوم حولهم في عدد من الملفات، مع إحالة طلبات بعزل 119 منتخباً في عدد من البلديات، ضمنهم برلمانيون، بسبب ارتكابهم مخالفات قانونية.

وبموجب هذه الطلبات التي وضعها محافظو الأقاليم المغربية صدر 83 حكماً إدارياُ و65 حكماً استئنافياً وقرار واحد من النقض، فيما بلغت الأحكام الرائجة 5 ابتدائياً و8 أمام محكمة النقض وحكماً واحداً استئنافياً، كما كشف آخر تقرير لوزارة الداخلية حول منجزاتها لسنة 2023.

المساهمون