البرلمان العراقي يصوّت لصالح قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي": تفوق سياسي لتحالف الصدر
صوّت البرلمان العراقي، اليوم الأربعاء، على قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، والمُعد من قبل اللجنة المالية في البرلمان، والقاضي بتخصيص أكثر من 25 تريليون دينار عراقي، (قرابة 18 مليار دولار)، كبديل عن مشروع الموازنة الاتحادية المالية للدولة، التي تعثر إقرارها بسبب تأخر تشكيل الحكومة، وعدم قدرة حكومة تصريف الأعمال الحالية على إرسال الموازنة لهذا العام.
وجرى تمرير القانون بأغلبية مريحة، حيث شارك نحو 280 نائباً من أصل 329 نائباً في جلسة اليوم الأربعاء، صوّت معظمهم للقانون، بمن فيهم نواب عن "الإطار التنسيقي".
ويعتبر تمرير القانون نقطة جديدة لصالح الكتلة الصدرية في البرلمان بزعامة مقتدى الصدر، التي دعمت تمرير القانون مع حلفائها في كتلتي "السيادة" والحزب الديمقراطي الكردستاني، رغم تحفظ خصوم الصدر التقليديين على القانون، واعتباره محاولة لمنح صلاحيات أوسع لحكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي.
وتتوزع القيمة الإجمالية التي يتضمنها القانون والبالغة أكثر من 25 تريليون دينار على جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، لغرض تمشية أمورها المالية، بسبب عدم إقرار موازنة سنة 2022، بسبب تأخير تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
ويتركز صرف المبلغ على دعم قطاع الكهرباء والطاقة، ووزارة التجارة ودفع مستحقات الفلاحين والخدمات وإعمار المناطق المحررة من تنظيم "داعش"، شمالي وغربي البلاد، بينما تصرف أموال لإكمال المشاريع في المحافظات الجنوبية والوسطى، وفقاً لنسب الفقر فيها ودعم شبكة الرعاية الاجتماعية وتخصصات مالية بهدف تثبيت أصحاب العقود والأجور اليومية في مؤسسات الدولة، إضافة إلى تعيين حملة الشهادات العليا الأوائل.
وعقب التصويت على القانون، أصدر نائب رئيس البرلمان حاكم الزاملي بياناً، بارك فيه بإقرار القانون، الذي اعتبره "إنجازاً كبيراً وانتصاراً لحقوق الفقراء والشرائح المهمشة وغيرها"، مؤكداً متابعته مع الجهات واللجان المعنية لآلية صرف المبالغ المرصودة ضمن القانون لضمان وصولها إلى مستحقيها.
فيما اعتبر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إقرار القانون "إثباتاً لقوة البرلمان الحالي"، مقترحاً، في بيان له، تشكيل لجنة من داخل البرلمان لمراقبة آلية تصرف حكومة مصطفى الكاظمي بالأموال المخصصة ضمن القانون الجديد.
تمشية أمور الدولة
وقال عضو اللجنة المالية البرلمانية جمال كوجر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ "تشريع هذا القانون كان مهماً جداً في ظل الظروف الحالية، ومع عدم وجود موازنة للعام الحالي، فهناك مشاريع خدمية وغذائية تحتاج إلى تخصيصات مالية، حتى لا تكون هناك أزمات حقيقية بهذه الملفات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر".
وأكد كوجر أنّ "مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية ليس بديلاً لقانون الموازنة العامة للدولة العراقية، فهذا القانون هدفه تمشية أمور الدولة في ظل حكومة تصريف الأعمال اليومية، وإقرار الموازنة متوقف فقط على تشكيل الحكومة الجديدة".
وبيّن أنّ "اللجنة المالية البرلمانية سوف تراقب بدقة صرف الأموال المخصصة ضمن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، لمنع أي هدر بهذه الأموال ومنع أي تلاعب فيها، وأي شبه حول صرف أي مبلغ ستكون هناك محاسبة شديدة لأي جهة أو شخصية حكومية مقصرة بهذا الأمر".
"صفقات سياسية"
في المقابل، قال النائب المستقل في البرلمان، باسم خشان، خلال حديث مع "العربي الجديد"، على هامش جلسة البرلمان، إنّ "مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية مرر وفق صفقات سياسية، رغم أنه مخالف للدستور ولقرارات المحكمة الاتحادية العليا"، وفقاً لقوله.
وبيّن خشان أنّ "مشروع القانون يحتاج إلى مصادقة رئيس الجمهورية، وبعد 30 يوماً ينشر في الجريدة الرسمية، وبعدها ينفذ، وبعد نشره في الجريدة الرسمية، سأقدم طعناً جديداً على القانون أمام المحكمة الاتحادية، كونه مخالفاً للدستور ويتضمن شبهات فساد خطيرة".
بدوره، اعتبر الخبير القانوني العراقي، جمال الأسدي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بمثابة "سلفة مستقبلية بحساب مسبق"، مؤكداً أنّ "هذا لا يخالف الدستور ولا القوانين النافذة، وهو مخرج قانوني ذكي من اللجنة المالية في مجلس النواب".
وبيّن الأسدي أنّ "فقرات قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية تصب في المصلحة العامة للبلد ولتسيير أعماله وسيخدم شرائح المتعاقدين والمحاضرين وذوي الاحتياجات الخاصة والديون المستحقة للفلاحين وغيرهم والمستفيدين من هذا القانون سيتجاوز عددهم أكثر من 350 ألف شخص".
وأضاف أنّ "هذا القانون ليس بديلاً عن الموازنة العامة للدولة، فلا يمكن أن يكون أي قانون بديلاً عن الموازنة، كما أنّ هذه تخصيصات قليلة جداً بالنسبة للأموال المرصودة في كل موازنة".
وأثار مشروع قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، خلال الفترة الماضية، جدلاً كبيراً في الوسط السياسي والبرلماني، بعدها قررت المحكمة الاتحادية العليا، في 15 مايو/ أيار 2022، إلغاء مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بناءً على دعوى أقامها النائب المستقل باسم خشان، فيما بينت المحكمة أن حكومة الكاظمي حكومة تصريف أعمال، ولا يحق لها إرسال مشاريع القوانين وعقد القروض أو التعيين في المناصب العليا للدولة والإعفاء منها أو إعادة هيكلة الوزارات والدوائر.