الانفتاح العربي على الأسد: هواجس في شرقي الفرات

21 ابريل 2023
تريد "قسد" أن تكون جزءاً من منظومة النظام العسكرية (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

تترقب مختلف القوى السياسية في الشمال الشرقي من سورية، أو ما يُعرف بـ"شرق الفرات"، نتائج التقارب العربي مع النظام السوري، الذي من المتوقع ان تتصلب مواقفه أكثر حيال المبادرات التي تطرح للتوصل إلى حلول سياسية لملف هذه المنطقة الأغنى في البلاد.

وبالتزامن مع الانفتاح العربي تجاه نظام بشار الأسد، طرحت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية، التي تعد الذراع الإدارية والخدمية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، الثلاثاء الماضي، مبادرة للحل، تتضمن "وحدة الأراضي السورية"، مع إقامة نظام سياسي واجتماعي جديد في عموم البلاد، معتبرة أن "الافتقار إلى السياسة الديمقراطية والاجتماعية وفقدان الاعتراف بخصوصية المكونات السورية وحقوقها هو أساس الأزمة السورية".

بسام إسحق: التدخل في الشأن الداخلي السوري لحساب طرف ضد آخر مرفوض

وأبدت الاستعداد للقاء حكومة النظام السوري، وجميع الأطراف السورية، مشيرة إلى أنه "لا يمكن حل المشاكل إلا في إطار وحدة البلاد". كما دعت إلى "توزيع الثروات والموارد الاقتصادية الحالية بشكل عادل".

واعتبرت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، أن مبادرة "الإدارة الذاتية" تعكس قلق الأخيرة من "ارتداد تزايد التطبيع العربي والدولي مع دمشق سلباً عليها". ويؤكد هذا التعليق عدم اكتراث النظام بأي مبادرات لحسم مصير الشمال الشرقي من سورية الذي تسيطر عليه "قسد".

توقعات بتصلب مواقف النظام

ومن المتوقع أن تتصلب مواقف النظام أكثر تجاه أي محاولات للتوصل إلى حل سياسي في سورية وفق القرارات الدولية ذات الصلة، خصوصاً بعد تقارب دول عربية وتركيا معه في الآونة الأخيرة.

ولم يتعاط النظام السوري بإيجابية مع مبادرات سابقة، فهو يريد استعادة منطقة شرقي نهر الفرات من دون شروط، ما خلا بعض الحقوق الثقافية للأكراد السوريين في المناطق التي يشكل غالبية سكانها داخل محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية.

ويشير التوقيت الذي طُرحت فيه مبادرة "الإدارة الذاتية" إلى أن هناك تخوفاً لدى القوى السياسية في منطقة شرقي نهر الفرات من أن التقارب العربي ربما يفضي إلى دعم النظام لاستعادة المناطق الخارجة عن سيطرته.

وكان اجتماع جدة، الذي عقد في منتصف الشهر الحالي، وضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر والعراق والأردن، للتباحث حول الأوضاع في سورية، قد دعا إلى إنهاء ما سمّاه بـ"المليشيات المسلحة" في سورية، وهو ما يدعم موقف النظام.

أهداف "قسد"

وتريد "قسد" أن تكون جزءاً من المنظومة العسكرية والأمنية للنظام السوري الذي يرفض هذا المبدأ، ويأمل بأن يثمر تقاربه مع الجانب التركي تفاهماً للقضاء على هذه القوات وعلى فصائل المعارضة في شمال البلاد. وتعتمد هذه القوات على دعم التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، التي تحتفظ بوجود عسكري كبير في "شرقي الفرات" وترفض أي تطبيع مع النظام على حساب تطبيق قرارات الشرعية الدولية.

وأكد بسام إسحق، عضو المجلس الرئاسي في "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد)، وهو الذراع السياسية لـ"قسد"، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الدول حرة في قراراتها وتتقارب مع من تشاء". غير أن إسحق أشار إلى أن "مجلس سوريا الديمقراطية لا يقبل أن يكون هذا التقارب على حساب الإدارة الذاتية وقوات قسد"، مضيفاً: "التدخل في الشأن الداخلي السوري لحساب طرف ضد آخر مرفوض من قبلنا".

وتشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية ثقل "قسد" الرئيسي، ومن الواضح أن لديها هواجس حيال التقارب العربي والتركي من النظام السوري، خصوصاً أن المخاوف الأمنية من وجود هذه القوات في شمال شرقي سورية كانت سبباً رئيساً لانفتاح أنقرة على دمشق.

ويزدحم المشهد الكردي في سورية بالعديد من الأحزاب والمجالس والهيئات، لعل أبرزها المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ومجموعة أحزاب تدور في فلكه تشكل "الإدارة الذاتية" في شرقي الفرات.

شلال كدو: ليس هناك مبرر للاستعجال العربي للتطبيع مع النظام السوري

وإلى جانب هذين الكيانين الأكبر في سورية، هناك رابطة تضم الأكراد السوريين المستقلين، والتي انضوت أخيراً في الائتلاف الوطني السوري إلى جانب "الوطني الكردي".

وتتباين الرؤى السياسية بين هذه القوى الكردية، التي فشلت في تشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين حيال مجمل القضايا والملفات التي تخص السوريين الأكراد الباحثين عن حل سياسي للقضية السورية يضمن حقوقهم في مستقبل البلاد.

لا مبرر للاستعجال العربي للتطبيع

وتعليقا على التقارب العربي مع النظام السوري، قال شلال كدو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي، في حديث مع "العربي الجديد": "ليس هناك مبرر لهذا الاستعجال العربي للتطبيع مع النظام السوري المسؤول عما آلت اليه الأوضاع في سورية منذ 2011 وحتى اليوم".

وأمِل كدو أن يكون التطبيع العربي مع النظام "مقابل حل سياسي للأزمة السورية على أساس القرارات الدولية، ولا سيما القرار 2254"، مضيفاً: أي تقارب مع النظام لا يستند إلى هذا القرار لا يفيد الشعب السوري ولا يصب في صالح المصالح العربية في المنطقة.

وفي السياق، أشار سيهانوك ديبو، وهو الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "سورية جزء مهم من محيطيها الإقليمي والعربي"، مضيفاً: هذه هي مقاربتنا منذ بداية الأزمة السورية.

وتابع: "نتفهم التقارب العربي مع السلطة في دمشق، ونجده خطوة في محلها، خصوصاً إذا كانت عامل ضمان من أجل حل الأزمة السورية وفق مسار تفاوضي بناء على القرار الأممي 2254، أي الانتقال إلى حكم لامركزي ديمقراطي غير طائفي كما ينص القرار المذكور". ورأى ديبو أن التقارب العربي مع النظام السوري "خطوة مهمة لقطع الطريق أمام تدخلات إقليمية"، في إشارة منه إلى التدخل التركي في سورية.

تقارير عربية
التحديثات الحية