الانتخابات الليبية: سيناريوهات للتأجيل لمدد طويلة ومساعٍ لوليامز لكبحها

10 ديسمبر 2021
تحاول وليامز إعادة تفكيك المشهد على أكثر من مسار لتخفيف الضغط عن المسار السياسي (الأناضول)
+ الخط -

تتزايد الضغوط في كواليس حراك الانتخابات الليبية في أكثر من مستوى، داخلي وخارجي، نحو تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كان من المفترض إجراؤها يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وتتراوح سيناريوهات التأجيل بين أيام وعدة أشهر، في وقت بدأت فيه المستشارة الأممية الجديد ستيفاني وليامز اتصالاتها بقادة الأطراف الليبية.

وتوافقت معلومات مصادر ليبية عدة حول تلقي قادة الأطراف الليبية اتصالات كثيفة من عواصم إقليمية ودولية معنية بالملف الليبي، تفاوتت فيها وجهات نظرها حول مدة تأجيل الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أن مساعي وليامز تهدف إلى ترتيب خطوات مرحلة الانتخابات، وإعادة ضبط إيقاعها بما يضمن رسم قدر كبير من التوافق في الرؤية الدولية للعملية الانتخابية في البلاد، وعدم تأجيلها لمدة تتجاوز يناير/كانون الثاني المقبل.

وفي وقت أشارت فيه معلومات المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية لم تحدد المفوضية العليا للانتخابات حتى الآن موعداً له، في انتظار ما سيسفر عنه تقرير اللجنة البرلمانية التي كوّنها مجلس النواب، خلال جلسته يوم الثلاثاء الماضي، كشفت عن عديد من المقترحات التي ناقشها برلمانيون على صلة ببعض العواصم الدولية والإقليمية لشكل التأجيل، ومن بينها تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لمدة تتراوح بين 90 يوماً إلى 120 يوماً، بالتزامن مع تشكيل لحكومة مؤقتة بديلة عن الحكومة الحالية، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بحجة تكليفها بمهام توفير الظروف اللازمة للانتخابات.

وعلى الرغم من أن الدبيبة يعد خارج وظيفته منذ ترشحه للانتخابات؛ فإن هذا المقترح استند إلى أن الدبيبة مترشح رئاسي ويمكنه استغلال موارد الحكومة في دعايته الانتخابية، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون لحكومة محايدة قدرة على الوصول إلى مختلف أنحاء البلاد لتوفير الظروف اللازمة لإجراء الانتخابات، تزامناً مع دعوة من مجلس النواب نوابه لبدء العمل على إعادة النظر في القوانين الانتخابية.

وبالإضافة لهذه المحاولات في كواليس مجلس النواب؛ أعلن المجلس الأعلى للدولة عن مبادرة لتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى فبراير المقبل، لكن هذا المسعي وغيره، بحسب دبلوماسي ليبي رفيع، قد يصطدم مع خطة خاصة بالمستشارة الأممية الجديدة، بدأت معالمها بالتشكّل من خلال التواصل الخارجي والداخلي، تهدف إلى إنقاذ العملية الانتخابية من محاولات التأجيل لفترات بعيدة.

وفي أول تغريدة لها بعد تكليفها بمنصب مستشارة أممية في الشأن الليبي؛ عبرت وليامز عن سعادتها بـ"عودتي إلى هذا البلد العزيز، وكلي أمل أن أتمكن من الإسهام في مساعدة الليبيين على توطيد سُبل الاستقرار وتعزيز السلم والتقدم نحو مستقبلٍ مشرق".

وفيما يؤكّد الدبلوماسي حديثه أن وليامز جاءت للدفاع وحماية رؤية خاصة ببلادها لمرحلة الانتخابات الليبية؛ فإن خطتها تشير إلى سعيها إلى إعادة تفكيك المشهد في أكثر من مسار، وأولها المسار العسكري بالإضافة للمسار الاقتصادي، لتخفيف الضغط الحاصل على المسار السياسي، وتحديداً العملية الانتخابية للمضي به قدماً.

ووفقاً لرأي الدبلوماسي الليبي؛ فإن إعادة النشاط للمسارين العسكري والاقتصادي وإعادة حراكهما في المشهد، ستدفع بالمؤثرين الخارجيين الحاليين في المسار الانتخابي إلى الانشغال بحال التموضع في مراكز المسارين، بدلاً من التعويل على التموضع عبر حلفائهم في المسار الانتخابي، مشيراً إلى أهمية المسار العسكري للكثير من الأطراف الدولية المتدخلة عسكرياً في البلاد، والأخرى التي ترفض بقاءهما.

وفي مؤشر لبدء نشاط المسار الاقتصادي، أعلن محافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، ونائبه علي الحبري، بشكل مفاجئ، عن اتفاقهما "على إطلاق عملية توحيد المصرف المركزي بشكل فعلي"، والتزامهما بنتائج مشاورات المسار الاقتصادي.

وفيما يرى الدبلوماسي أن هذه الجهود ستعترضها صعوبات عديدة قد تفشلها؛ رجح بأن يقصي التوجه الجديد الشخصيات الجدلية في المشهد الليبي، وأولهم خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي وعبد الحميد الدبيبة، لفتح المجال أمام شخصيات الصف الثاني، وأبرزها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ووزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، اللذان سبق أن كوّنا حلفاً سياسياً أثناء انتخابات ملتقى الحوار السياسي في فبراير/ شباط الماضي، معتبراً أن هذا الحلف يضمن توزيعاً جديداً للقوى الليبية، ويسهّل عملية التوافق، كون عقيلة وباشاغا على علاقة هادئة بمختلف الأطراف الليبية، كما أن وجودهما على رأس السلطة يمكن أن يكون خياراً أفضل لتضييق الخيارات أمام الجانب الروسي، الذي سيفضل التوصل إلى تفاهمات عند التضييق عليه، وإن كانت تفاهمات مراوغة كالعادة.

وقال: "المعلومات التي رشحت حتى الآن أن وليامز لن تسمح بتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أكثر من يناير/ كانون الثاني المقبل"، وتابع: "وليامز وحلفاؤها الأوروبيون سيدفعون بالمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي وجهات قضائية في البلاد إلى الواجهة، ومنحهم دوراً بالتنسيق لإعادة ترتيب المشهد الانتخابي، لا سيما في استبعاد عدد من الشخصيات المترشحة، دار حولها جدل واسع، ويمكن أن تؤدي إلى إفشال الانتخابات"، مستبعداً أن يكون لملتقى الحوار السياسي، الذي سبق أن كونته وليامز العام الماضي، أي دور في هذه المرحلة بعد أن تسربت خلافات الأطراف إلى داخله.

وفي تقارب مع معلومات المصادر حول الدور المحتمل للمجلس الرئاسي في الفترة الحالية، سبق أن أشار رئيس المجلس محمد المنفي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى مقترح استبعاد الشخصيات المشاركة في المشهد السياسي الحالي من الترشح للانتخابات، "ما لم يكن هناك توافق بينهم على الإطار القانوني للتصويت".

ويلاحظ أن المجلس الأعلى للقضاء خرج هو الآخر بشكل مفاجئ في بيان له، ليل البارحة، متهماً أطرافاً، لم يسمها، بشن حملة على القضاء، وأنه رصدها "وأحيلت إلى مكتب النائب العام لتتبعها وتقديم مقترفيها إلى العدالة".

وأكد المجلس، في بيان له، أنه استند في تحديد لجان الطعون والاستئناف إلى القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب، وأن تعديلاته اللاحقة جاءت بناء على التعديلات التي طرأت على قانون الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن قضاته وقعوا "ضحية التهديد والترهيب"، وحالت أطراف بينهم وبين "محارب العدالة"، في إشارة لطرد مليشيا تابعة لحفتر القضاة من محكمة سبها، جنوبي البلاد، ومنعهم لعدة أيام من عقد جلساتهم للنظر في الطعون، كما أكد استمراره في أداء دوره لدعم أي مسار يذهب بالبلاد نحو الاستقرار.

المساهمون