استمع إلى الملخص
- نسبة التصويت في انتخابات 2019 كانت 38%، وستكون نسبة التصويت في الانتخابات الحالية مؤشراً على مدى رضا الشعب عن المسار السياسي والاقتصادي منذ ذلك الحين.
- الانتخابات تمثل اختباراً كبيراً للسلطة المستقلة للانتخابات، التي تأسست بضغط من الحراك الشعبي، وتواجه تحديات في الحفاظ على الشفافية ومنع التزوير.
إذا تمّ تجاوز النقاش حول النتائج المحتملة للانتخابات الرئاسية في الجزائر من حيث ترتيب المرشحين، يبقى السؤال الذي يشغل المرشحين أنفسهم والأحزاب، والنخب المنشغلة بالحقل الانتخابي أو المشتغلة عليه أساساً في انتخابات السبت المقبل، متعلقا بمدى تحقيق معدل تصويت مكافئ للجهد الذي بُذل لإقناع الجزائريين بالمشاركة في التصويت، بغض النظر عن اختياراتهم ولو بورقة بيضاء.
صحيح أن السلطة السياسية في الجزائر تجاوزت، منذ عقدٍ تقريباً، عقدة معدل التصويت (الانتخابات بمن حضر)، طالما أنه لا يوقف تفعيل النتائج، لكن نسبة التصويت هذه المرة ليست مجرد طموح سياسي، أو غاية بهدف تعزيز شرعية المؤسسة الرئاسية فحسب، بقدر ما هي عنوان سياسي على درجة من الحساسية لجهة الظروف التي تجري فيها الانتخابات محلياً وإقليمياً، وعلى درجة من الخطورة بالنسبة للدلالات السياسية بما هي مؤشر يمكن أن يحكم على كامل المسار القائم.
في انتخابات عام 2019، التي جرت في ظروف متوترة كانت متسمة باستمرار ضغط الشارع في التظاهرات، وتنشيط قوى المقاطعة لحملات الرفض، ومنع التصويت بالقوة في مدن عدة، ومقاطعة من قبل أحزاب سياسية وازنة، لم يصوت 62% من الناخبين. وفي كل الأحوال ستوضع نسبة التصويت في انتخابات السابع من سبتمبر/أيلول الحالي، في مقابل تلك التي سجلت عام 2019 (38%)، وهي التي ستوضح ما إذا كان المسار السياسي والخيارات الاقتصادية، وانعكاساتها الاجتماعية على معيشة الجزائريين، أتاحت إقناع كم من كتلة المقاطعة كموقف، وكم من كتلة العزوف الانتخابي كسلوك، بالانخراط والمشاركة.
ستُقرأ النتائج على هذا الأساس، لأنه في حال بقيت النسبة في حدود المجال الذي سجل سابقاً، فهذا يعني أن المسار السياسي المنتهج منذ العام 2019، بحاجة إلى مراجعة، ويعني أن منسوب الرضى على الخيارات القائمة، وعلى تدبير الشأن العام، لم يتجاوز العناوين السياسية، ويعني أيضاً أنه لم يحدث اختراق للكتلة الصلبة المقاطعة، حتى مع مشاركة حزبين لهما وزن شعبي وسياسي، حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية.
هذه الانتخابات في أحد جوانبها، هي امتحان كبير للسلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر، هذه السلطة الحديثة التي طالبت بها كتلة المعارضة منذ مؤتمرها العام في يونيو/حزيران 2014، وتعد أحد منجزات الحراك الشعبي الضاغط عام 2019، هي أمام تقييم كبير، بعدما تجمعت أسئلة عدة بشأن قدرتها في الحفاظ على الاستحقاق الانتخابي، وفرض سطوة القانون وقطع يد الإدارة التي سبق وأن وصفها رئيس السلطة نفسه محمد شرفي "بالسوسة المدسوسة"، والانتصار للشفافية ضد كل الممارسات التي من شأنها أن تعيد طرح هواجس التزوير، على الأقل هذا الذي عبر عنه مرشحون من تطلع إلى مراجعة تركيبة هذه الهيئة وطريقة تعيينها.
ليس واضحاً ما هو مقدار المفاجأة في هذه الانتخابات وطبيعتها، وقبل ذلك ما إذا كان هناك مجال ممكن لذلك، وهذه المفاجأة قد تكون على أكثر من مستوى، في نسب التصويت، وفي مقدار أصوات كل مرشح، وفي توزيع خريطة الكتلة الناخبة المصوتة في علاقة بالمرشحين، وبالمتغيرات التي قد تطرأ وتأثيراتها في قادم الاستحقاقات السياسية والانتخابية.