استمع إلى الملخص
- اتهامات متبادلة بين الهيئة والمنظمات حول التمويلات الأجنبية، حيث اعتبرت الهيئة أن بعض الجمعيات تلقت تمويلات مشبوهة، بينما اتهمت "أنا يقظ" الهيئة بمحاولة إقصاء المجتمع المدني.
- جمعية القضاة التونسيين حذرت من تداعيات الأزمة القضائية على الانتخابات، مشيرة إلى تدخل وزارة العدل في صلاحيات مجلس القضاء العدلي، مما يؤثر على نزاهة واستقلالية القضاء.
تصاعد الجدل بين هيئة الانتخابات التونسية وعدد من المنظمات الممنوعة من مراقبة الانتخابات الرئاسية، بذريعة "عدم حيادها واستقلاليتها وتلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة".
ورفضت هيئة الانتخابات التونسية طلبات كل من منظمة "أنا يقظ" وجمعية "مراقبون" لمراقبة الانتخابات المقررة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وهما من بين أبرز المنظمات المختصة في مراقبة الانتخابات. وأثارت هيئة الانتخابات جدلاً جديداً، بعد أن خاضت في خلاف مع المترشحين المرفوضين من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ودخلت في تجاذبات مع المحكمة الإدارية بعد رفض قرارات إعادة ثلاثة مرشحين للسباق الرئاسي.
ويتصاعد الجدل بين الهيئة وعدد من المنظمات، في صدارتها منظمة "أنا يقظ" و"مراقبون"، من خلال التصريحات والبلاغات والبيانات. وأصدرت الهيئة بياناً قالت فيه إنه "بمناسبة النظر في مطالب اعتماد مقدمة من بعض الجمعيات التي تهتم بملاحظة (مراقبة) الانتخابات، وفي إطار التثبت من مدى توفر الشروط القانونية والترتيبية لمنح الاعتماد، خاصة شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة، تم إشعار الهيئة من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات تمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها متأتٍ من بلدان بعضها لا تربطه بتونس علاقات دبلوماسية". وأضافت الهيئة في البيان ذاته أنه "تبعاً لذلك رُفض منح الاعتماد لها وإحالة ما توصلت به من معطيات للجهات المعنية للتعهد وإجراء اللازم".
وأججت تصريحات عضو الهيئة نجلاء العبروقي السبت الماضي، الجدل، عندما قالت في تصريح لوكالة الأنباء التونسية إن "عدداً من الجمعيات التي أودعت لدى الهيئة مطالب اعتماد لملاحظة الانتخابات الرئاسية، وردت في شأنها إشعارات من جهات رسمية حول تلقيها تمويلات أجنبية مشبوهة". وأضافت العبروقي أن هذه الإشعارات أحيلت على النيابة العمومية، مشيرة إلى أن من بين هذه الجمعيات منظمة "أنا يقظ" وجمعية "مراقبون". وقالت إن "عدة جمعيات أخرى يجري التحري في شأنها، ولم يتم البت بعد في مطلب الاعتماد الذي أودعته"، لافتة من جهة أخرى إلى "إسناد هذا الاعتماد إلى عدد من الملاحظين بجمعيات توفرت فيها الشروط المستوجبة".
توجه لهيئة الانتخابات التونسية لـ"إقصاء المجتمع المدني"
من جانبه، قال عضو الفريق التنفيذي لمنظمة "أنا يقظ"، صهيب الفرشيشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "توجه هيئة الانتخابات لحرمان وإقصاء المجتمع المدني من ملاحظة الانتخابات القادمة ومراقبة مسارها أصبح جلياً، من خلال استهدافها وتعمد تشويهها في محاولة لإلهاء الرأي العام عن التجاوزات القانونية وعدم امتثال الهيئة لقرارات المحكمة الإدارية".
وبيّن الفرشيشي أن "تمويلات المجتمع المدني خاضعة لرقابة البنك المركزي التونسي ولأجهزة الرقابة المكلفة من الدولة والتي تعمل باستمرار ولا تنتظر توجيهات من هيئة الانتخابات"، معتبراً أن هذه الاتهامات الكيدية ليست إلّا دليلاً على "عدم حياد واستقلالية الهيئة".
وفي جانب آخر اعتبر الفرشيشي أن "الهيئة تتنصّل من الرقابة على الانتخابات التونسية من خلال إقصاء المنظمات والجمعيات والتضييقات على وسائل الإعلام، حيث لاحظنا أنا الندوة الإعلامية الأخيرة، جرت دون حضور وسائل الإعلام، وهناك مراسلات تنبيه تستهدف وسائل الإعلام بسبب المضامين الإعلامية التي تنتقد الهيئة".
من جهته، قال رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة تقدمت بطلبات اعتماد "وتم مدّنا بعدد أولي من البطاقات وننتظر الباقي". واعتبر معطر أن رفض مطالب اعتماد منظمة "أنا يقظ" و"مراقبون" وغيرها، "سيؤثر سلباً على عدد الملاحظين وعلى مدى انتشار الراصدين، وعلى تنوّع تقارير الرقابة". وقال: "لا يمكن لأي جمعية أو منظمة أن تراقب كل مراكز الاقتراع، وبالتالي تعدّد الجمعيات الميدانية يعطي رؤية أكبر وأشمل، كما أن وجود ملاحظي المجتمع المدني يعطي للمواطن ثقة ومصداقية أكبر في العملية الانتخابية".
وأضاف: "ما لم يصدر قرار قضائي بات أو أحكام حول إخلال هذه المنظمات بالمرسوم 88 الخاص بتنظيم عمل الجمعيات، فلا يجب منعها من ملاحظة الانتخابات"، مضيفاً أن قرارات المنع اتخذت لمجرد الشبهات ومن دون أي أحكام باتة أو ثابتة.
وقال معطر إن التمويل الأجنبي "من حق الجمعيات وليس أمراً ممنوعاً، ومن المؤسف أن الدولة التونسية لا تموّل نشاطات كهذه والتمويل الوحيد أجنبي ومصرح به وينشر في صحف رسمية وتعلم به رئاسة الحكومة، وكل شيء معلوم ومعلن ومراقب، والمنظمات تحصل على تمويلاتها في إطار مشاريع وليس من دون هدف".
وتابع معطر "من الغريب اليوم الحديث عن تمويل مشبوه، خصوصاً أن هذه الجمعيات معروفة ونشاطها معلوم ومتواصل من سنوات ومن معرفتنا بالأشخاص لا نتصور إقدامهم على ممارسات غير قانونية".
وكانت شبكة "مراقبون" المختصة في متابعة الشأن الانتخابي، قد طالبت في بيان، الأسبوع الماضي، هيئة الانتخابات التونسية بالإجابة عن مطالبها المقدمة للحصول على مطالب "الاعتماد"، البالغ عددها 1220 مطلباً، مبينة أنها لم تتلق أية إجابة.
جمعية القضاة التونسيين تحذر من "الترهيب المسلط على القضاة"
في جانب آخر، حذّرت جمعية القضاة التونسيين اليوم الاثنين من "تداعيات الأزمة القضائية والترهيب المسلط على القضاة من قبل وزارة العدل، على وضع الحقوق والحريات وحقوق المتقاضين والمواطنين، خاصة في خضم أجواء استحقاق الانتخابات الرئاسية المقبلة". وقالت الجمعية في بيان إن "وزارة العدل تستحوذ بالكامل على صلاحيات مجلس القضاء العدلي وتتجاوز كل الخطوط الحمراء في السيطرة على القضاء"، داعية "كافة مكونات المجتمع التونسي إلى اليقظة والتنبه إلى خطورة ما آل إليه الوضع القضائي في تونس والعمل بكل ما يتوفر له من إمكانيات على حماية القضاة التونسيين".
وأضافت الجمعية أن مكتبها التنفيذي رصد "تعمد وزارة العدل الاستحواذ التام على الصلاحيات المخوّلة لمجلس القضاء العدلي المؤقت الذي أستحدثه رئيس الجمهورية بديلاً لمجلس القضاء العدلي الشرعي والمنتخب، وإقدام الوزارة، في مخالفة واضحة وصريحة للنصوص القانونية المنطبقة، على نشر جداول الكفاءة لترقية القضاة وإصدارها في الأسابيع الأخيرة لعدد كبير من مذكرات العمل بتواتر وشبه يومي فيما يشبه الحركة القضائية الواسعة". وبسحب البيان، شملت المذكرات "العديد من القضاة من الرتبة الأولى والرتبة الثانية والرتبة الثالثة ومن قضاة النيابة العمومية ومن القضاة الذين تعهدوا مؤخرا ملفات تتعلق بجرائم ذات طابع انتخابي تخص مرشحين للانتخابات الرئاسية، كما شملت عددا من المسؤولين عن المحاكم ممن عُرفوا لدى عموم القضاة والمحامين والمتقاضين بالكفاءة والاستقلالية والحياد والنزاهة، وذلك بتجريدهم من المسؤولية ونقلتهم تعسفيا بعيدا عن مقار إقامتهم، من دون أي مبرر أو تقييم موضوعي".