تنطلق الانتخابات الأميركية التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين الجمهوري والديمقراطي للرئاسة الأميركية في 15 يناير/ كانون الثاني الحالي، وسط بروز اسمين يُعتبران الأقرب للتنافس على كرسي البيت الأبيض في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، هما الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب. لكن للوصول إلى الاسمين النهائيين تخوض الولايات الأميركية سلسلة من المنافسات التي تختلف من واحدة إلى أخرى، فعلى ماذا ينص النظام الانتخابي وما هي تفاصيل اختيار المرشحين، ولماذا تنطلق الانتخابات من ولاية أيوا تحديداً
لماذا تنطلق الانتخابات الأميركية التمهيدية من أيوا؟
تبدأ الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في 15 يناير/ كانون الثاني الحالي من ولاية أيوا. لا شيء يميز هذه الولاية الصغيرة لتكون نقطة الانطلاق للانتخابات الأميركية أكثر من فكرة أنها هي نقطة البدء، فهي ولاية بيضاء وريفية، لا تبدو صورة مصغرة للولايات المتحدة، فأكثر من 97 في المائة من سكانها بيض، ولا توجد مدن كبرى فيها.
وإذا كنت من عشاق السينما، وشاهدت الدماء تسيل في أنحاء مدينة شيكاغو عام 1968 خلال فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي، كما نقلها الفيلم المقتبس من قصة حقيقية The Trial of the Chicago 7، فهذه الأحداث كانت بداية صعود ولاية أيوا لتكون نقطة انطلاق الانتخابات الأميركية منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.
سلطت التظاهرات في شيكاغو وأعمال العنف الكبيرة داخل المدينة التي امتلأت بمتظاهرين ضد الحرب في فيتنام جاؤوا من ولايات مختلفة، والمحاكمات التي تمت، الضوء على الفساد الذي شاب عملية ترشيح هيوبرت همفري من قبل زعماء الحزب الديمقراطي. عندها قرر الحزب الديمقراطي في أميركا وفي أيوا إجراء تغيير شامل لعملية الترشح السياسي لجعلها أكثر شفافية وقابلة للمساءلة.
عقد الحزب الديمقراطي اجتماعاته الحزبية لأول مرة في أيوا في 1972 ثم تبعه الحزب الجمهوري عام 1976
وفي بداية السبعينيات قرر الحزب الديمقراطي أنه حان الوقت لإجراء تغيير شامل يتضمن إعلان ونشر جدول الترشح السياسي، ولأن أيوا لديها نظام طويل ومعقد يبدأ بتجمع حزبي في الدوائر الانتخابية ثم في المدن، ثم في المقاطعات تليها المؤتمرات الحزبية، فكان القرار أن تبدأ أولاً. وعقد الحزب الديمقراطي اجتماعاته الحزبية لأول مرة في أيوا في 1972 ثم تبعه الحزب الجمهوري عام 1976. كما ساهم فوز مزارع الفول السوداني جيمي كارتر الذي لم يكن معروفاً على مستوى الولايات، بعد انطلاق حملته الانتخابية من هذه الولاية، ليصبح الرئيس رقم 39 في تاريخ الولايات المتحدة، في القول إنه لو كان مرشحاً في ولاية كبيرة لما كان سيفوز بالرئاسة، وبالتالي كانت أيوا طريق الشهرة للمرشحين.
أما ثاني الولايات فهي نيوهامشير، وتتم الانتخابات الأولية فيها بالنسبة للجمهوريين في 23 يناير الحالي، لكن الديمقراطيين قرروا لأول مرة منذ السبعينيات تجاهل هذا التقليد القديم وبدء الانتخابات الأولية للحزب من كارولينا الجنوبية في الثالث من فبراير/ شباط المقبل، وهو ما أشعل مشكلة قانونية كبيرة حالياً بين اللجنة الوطنية الديمقراطية والولاية التي ينص قانونها على أن تكون هي أول ولاية تتم فيها الانتخابات في أميركا بنظام الانتخابات الأولية، وهم لا يعتبرون أيوا ضمن هذا الإطار لأن انتخاباتها تتم بنظام التجمع الانتخابي.
وعلى الرغم من إعلان الديمقراطيين أن الانتخابات في أيوا ستتم في "الثلاثاء الكبير" في 5 مارس/ آذار المقبل، إلا أن التجمعات الانتخابية تتم في يناير الحالي، ولكن مع تغيير كبير في طريقة الانتخاب، فعكس السنوات السابقة لن يعلن المشاركون قرارهم، وإنما سيصوتون لصالح مرشح الحزب من خلال عملية التصويت عبر البريد التي بدأت في 12 يناير الحالي وتنتهي في 5 مارس المقبل.
من يترشح في الانتخابات التمهيدية الحالية؟
قدّم الحزب الجمهوري 5 أسماء كمرشحين للانتخابات الرئاسية التمهيدية في عدد من الولايات، وهم الرئيس السابق دونالد ترامب، حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي، رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، وحاكم نيوجيرسي السابق كريس كريستي. ولكن الأخير أعلن أخيراً انسحابه من السباق الانتخابي.
قدّم الحزب الجمهوري 5 أسماء كمرشحين للانتخابات الرئاسية التمهيدية فيما قدّم الديمقراطيون 3 أسماء
أما الحزب الديمقراطي فقدّم أسماء ثلاثة مرشحين، هم الرئيس الحالي جو بايدن، ورجل الأعمال النائب عن ولاية مينيسوتا دين فيليبس، والكاتبة ماريان ويليامسون. وأعلنت بعض الولايات أنها تلقت هذه الأسماء من الحزبين الرئيسيين قبل إغلاق باب الترشح للانتخابات التمهيدية مثل ولاية واشنطن، بينما تبرز أسماء روبرت كيندي جونيور، والمفكر والناشط كورنيل ويست، والمرشحة الرئاسية السابقة جيل ستاين كمرشحين مستقلين، ولا يشاركون في الانتخابات الأولية ولكن يمكنهم تسجيل أسمائهم في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
كيف تتم الانتخابات التمهيدية؟
هناك أكثر من طريقة للانتخاب، أولها طريقة التجمعات الانتخابية، والتي تشهدها انتخابات أيوا، وعدد آخر من الولايات، حيث تكون هناك تجمعات في مدارس وكنائس ومنازل وملاعب، وتعقد مناظرات ويتم عد المصوتين. أما الطريقة الثانية فهي طريقة الانتخابات التمهيدية، والتي تنقسم في داخلها إلى 5 أقسام، أولها انتخابات مفتوحة يمكن لأي شخص التصويت فيها سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً أو مستقلاً أو غير منتمٍ، بعد التسجيل، وثانيها انتخابات داخلية مغلقة لأعضاء الحزب، أو انتخابات شبه مفتوحة وهي أقرب إلى الأولى، أو انتخابات شبه مغلقة وهي أقرب إلى الثانية، أما الأخيرة فهي المفتوحة لغير المنتسبين ويمكن فيها المشاركة لغير المنتمين لأي من الحزبين.
أما الفارق الثاني بين التجمعات والانتخابات التمهيدية فهو أن التجمعات تديرها الأحزاب، وتتولى مسؤولية الإنفاق عليها، بينما تدير الطريقة الثانية حكومات الولايات، وتتولى الإنفاق وبالتالي تخضع للقواعد العامة التي تقررها الولاية بالاتفاق مع الأحزاب ويتم تحديد موعد نهائي لتلقي أسماء المرشحين من الأحزاب طبقاً لكل ولاية.
ما هو الثلاثاء الكبير وما أهميته؟
وبينما تمثل بداية الانتخابات في أيوا أهمية كبيرة لتسليط الأضواء، فإن الأنظار تتجه إلى اليوم الذي يطلق عليه تاريخياً اسم "الثلاثاء الكبير"، لأنه يمثل التاريخ الذي يعقد فيه أكبر عدد من الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية. ويُعقد "الثلاثاء الكبير" هذا العام في الخامس من مارس المقبل، حيث تتم الانتخابات في 15 ولاية، على رأسها ولايات كبيرة ومهمة مثل كاليفورنيا وتكساس، بالإضافة إلى ألاباما وأركنساس وألاسكا وكولورادو ومين وماساتشوستس ومينيسوتا وكارولينا الشمالية وأوكلاهوما وتينيسي ويوتا وفيرجينيا وفيرمونت. ويُطلَق عليه اسم يوم الحسم، أو اليوم الذي يحدد بشكل كبير اتجاه السباق، إلا أن ذلك لا يعني أن من يهيمنون على نتائج الانتخابات في ذلك اليوم هم من يفوزون بالترشيحات النهائية.
يُعقد "الثلاثاء الكبير" هذا العام في الخامس من مارس، حيث تتم الانتخابات في 15 ولاية
وبينما تبدأ الانتخابات الأولية في 15 يناير الحالي، فإن يونيو/ حزيران المقبل يشهد انتهاءها، وتُعقد في 4 يونيو المقبل الانتخابات في عدد من الولايات، وهي مونتانا ونيومكسيكو ونيوجيرسي وساوث داكوتا، بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا (مقر العاصمة الأميركية، ويحق لسكانها التصويت في الانتخابات الرئاسية فقط دون التصويت في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ لأنها ليست ولاية)، فيما تُعقد بعدها الانتخابات في جزيرة غوام التابعة للأراضي الأميركية ويحق لها التصويت في الانتخابات الأولية فقط ولكن لا يحق لسكانها التصويت في الانتخابات الفعلية في نوفمبر المقبل.
المندوبون في الحزبين الجمهوري والديمقراطي
يختار الديمقراطيون مرشحهم النهائي في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس/ آب المقبل، حيث يجتمع المندوبون البالغ عددهم نحو 4532 مندوباً عن الولايات الخمسين في المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي سيعقد في شيكاغو - إلينوي، لاختيار مرشح الرئاسة، من بينهم نحو 744 مندوباً معيناً وهم من يطلق عليهم اسم "المندوبين الكبار". ولا يحق للمندوبين الكبار التصويت في الجولة الأولى، بينما يشاركون في الجولة الثانية من التصويت لحسم اسم المرشح للانتخابات المقبلة. ويحتاج المرشح الرئاسي إلى دعم الأغلبية أو 1895 من المندوبين العاديين، ولكن في حال الطعن في المؤتمر وإجراء اقتراع ثانٍ، فإن المندوبين الكبار يتمكنون تلقائياً من التصويت، وبمجرد مشاركتهم يرتفع عدد الأصوات المطلوبة إلى 2258 صوتاً.
أما من جهة الجمهوريين، فيختارون مرشحهم في المؤتمر الجمهوري الوطني في الفترة من 15 إلى 18 يوليو/ تموز المقبل، حيث يجتمع مندوبو الحزب البالغ عددهم 2469 مندوباً لاختيار مرشح الرئاسة، من بينهم نحو 104 مندوبين معينين فقط (أي المندوبين الكبار). وللفوز بترشح الحزب الجمهوري، يجب على المرشح الحصول على أغلبية بسيطة من هؤلاء المندوبين أي 1235 صوتاً.
يتم اختيار المندوبين في كل ولاية من نشطاء الحزب أو من القادة المحليين، وذلك سواء في الانتخابات التمهيدية أو المؤتمرات الحزبية، وتختلف أرقامهم طبقاً لأهمية الولايات. وبالنسبة للديمقراطيين تمثل كاليفورنيا أكبر الولايات بـ495 مندوباً في الانتخابات التمهيدية، أما بالنسبة للجمهوريين فالعدد الأكبر 169 مندوباً في ولاية كاليفورنيا.
لعبة "ملك وكتابة" لاختيار مرشح 2016
الباحث السياسي والمحاضر في جامعة شمال إلينوي نادر الغول يشرح لـ"العربي الجديد"، الفرق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، واصفاً الحزب الجمهوري بأنه أكثر انضباطاً تنظيمياً، ضارباً المثل بانتخابات 2016 التي اختار فيها المندوبون المنتخبون الديمقراطيون المرشح بيرني ساندرز ولكن لم يتم اختياره مرشحاً للحزب في الانتخابات التي تمت بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. ويقول: هيلاري كلينتون لم تفز بترشيح قواعد الحزب المنتخبة في الولايات، وإنما عن طريق المندوبين فوق العادة الذين يتم تعيينهم، وكانت نسبتهم حوالي 18 في المائة، واضطر ساندرز في النهاية إلى الانسحاب. ويشير إلى أنه تنظيمياً عدد المندوبين المعينين في الحزب الجمهوري يدور حول المائة عضو فقط، وهؤلاء الأعضاء سواء في الحزب الجمهوري أو الديمقراطي هم من القيادات الكبيرة سواء رؤساء سابقين أو قيادات كبيرة.
ويشرح الغول أن التجمع الانتخابي يتم كالتالي: المطلوب عدد معين من المندوبين في الولاية وبالتالي يكون هناك تجمع في الدوائر الانتخابية واختيار مرشح ثم في المدن واختيار مرشح، ثم في المقاطعات لاختيار مرشح، وتتم التصفية للوصول إلى عدد الأعضاء المطلوب لكل ولاية.
وكان الغول شاهداً على بدء سباق الانتخابات الرئاسية في ولاية أيوا عام 2016، ويقول إنه بالنسبة للحزب الجمهوري يجتمع أعضاء الحزب في قاعة متوسطة، ويتحدث مندوب كل مرشح عن البرنامج الانتخابي، لافتاً إلى أن قدرة المرشح على التأثير والإقناع في هذه المرحلة مهمة جداً لأنه قادر على تغيير آراء المصوتين، ثم يحدث تصويت ورقي في قاعات مختلفة في اليوم نفسه، ثم يتم جمع النتائج، مشيراً إلى أن من فاز في القاعة التي كان فيها هو ماركو روبيو ولكن من فاز في الولاية هو تيد كروز.
أما بالنسبة للديمقراطيين، فالنظام مختلف، حيث عُقدت في 2016 مناظرة انتخابية في قاعة كبيرة، تلاها نقاش كبير ثم اصطف الناخبون من الحزب وراء المرشح، وجرى عد الأصوات واتخاذ قرار. ويشرح الغول أنه في 2016 تم الإعلان عن التساوي بين مرشحين للديمقراطيين، فتم استخدام لعبة النقود "ملك وكتابة" (أشبه بالقرعة) لاختيار المرشح. ويتم تجميع أسماء الفائزين في اللجان المختلفة وإعلان الفائز في الولاية.
الفوز بالسباق الانتخابي في ولاية أيوا يعطي دفعة مهمة، إلا أنه ليس ضرورياً أن يعطي صورة نهائية لمن سيفوز بالانتخابات
ويشير إلى أن الفوز بالسباق الانتخابي في ولاية أيوا يعطي دفعة مهمة، إلا أنه ليس ضرورياً أن يعطي صورة نهائية لمن سيفوز بالانتخابات الأميركية، مشيراً إلى أنه في 2016 فاز تيد كروز، لكنه لم يكن المرشح النهائي للحزب الجمهوري في الانتخابات وإنما دونالد ترامب. ويلفت الغول إلى أن بدء الانتخابات الأميركية من أيوا مهم لها سياسياً واقتصادياً، إذ تنشط حركة السياحة وتمتلئ الفنادق، كما يتم تسليط الضوء سياسياً على هذه الولاية البيضاء والتي لا تنال الزخم نفسه في يوم التصويت الفعلي للانتخابات الرئاسية.
وفي حال إعلان ترامب أو بايدن عدم الترشح في إبريل/ نيسان المقبل مثلاً أو في الأيام الأخيرة من الانتخابات التمهيدية، يشير الغول إلى أنه على الرغم من أن الانتخابات التمهيدية ستكون قد جرت بنسبة أكثر من 70 في المائة، إلا أن الحزب يمكنه في المؤتمر العام في هذه الحالة اختيار مرشح آخر.
الحفاظ على تقليد قديم
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في العاصمة واشنطن إدموند غريب يشرح لـ"العربي الجديد"، أسباب استمرار استخدام نظام التجمع الانتخابية، موضحاً أنه تقليد قديم يفضّلون الاحتفاظ به في عدد من الولايات. ويقول إنه خلال فترة تأسيس الدولة الأميركية كان الاختيار يتم من تجمعات صغيرة للأفراد الذين لديهم اهتمامات وأفكار مشتركة وخلافات سواء عقائدية أو في بعض القضايا، ولكن إجمالاً يفكرون بالطريقة نفسها، سواء كانوا محافظين أو ليبراليين.
ويشير إلى أن "هذه الطريقة تعطي المواطن العادي فرصة أكبر للتعبير عن رأيه والمشاركة، وهي مستمرة في ولايات صغيرة، ولكن لا يمكن أن نراها حالياً في الولايات الكبيرة مثل كاليفورنيا وتكساس ونيويورك بسبب حجم الولايات وأعداد الناخبين"، مضيفاً أن جزءاً من أهمية هذه الانتخابات هو بالنسبة للولاية نفسها، حيث يسافر مرشحون رئاسيون إلى هذه الولاية لأنها في بداية السباق الانتخابي، أما إذا كانت في وسط أو في نهاية الانتخابات فلن يهتم أحد.
ولاية كارولينا الجنوبية متأرجحة ويرغب الديمقراطيون بالتركيز عليها مبكراً
ورداً على سؤال حول سبب إعلان الحزب الديمقراطي بدء الانتخابات التمهيدية من كارولينا الجنوبية، يقول غريب: هذه الولاية متأرجحة وبالتالي يرغب الديمقراطيون بالتركيز عليها مبكراً للحصول على أصوات مستقلين أو من لم يقرروا التصويت، خصوصاً مع تركيز الحزب حتى اليوم على تقديم الدعم الكامل للرئيس جو بايدن كمرشح للانتخابات المقبلة ومحاولات منع وإقصاء أي مرشح ديمقراطي آخر، لافتاً إلى أن ولايات نيوهامشير وأيوا تحاربان قرار الحزب الديمقراطي.
ويشرح كيف تؤثر الدعاية والأموال في تقليص دور الناخب في الانتخابات، ضارباً المثال بالرئيس هاري ترومان الذي استكمل المدة الرئاسية بعد وفاة فرانكلين روزفلت، ولكن لم تكن له شعبية، وقام أحد الداعمين لإسرائيل بمنحه مليوني دولار في أربعينيات القرن الماضي فأنفقها على الدعاية وكانت طريقه للفوز في الانتخابات، وهو ما دفعه لأن يكون أول رئيس يعترف بإسرائيل كدولة في ذلك الوقت، واصفاً ذلك بأنه تقليص لدور الناخب وتعزيز لدور المؤسسات الحاكمة والأموال.
وحول المرشحين الحاليين، يقول غريب: يبدو أن القيادة الديمقراطية في مجلس الشيوخ والنواب واللجنة الوطنية الديمقراطية تحاول منع أي مرشح ديمقراطي قادر على منافسة جو بايدن، خصوصاً بسبب قدرتهم على التأثير عليه سياسياً، ومن ناحية أخرى التخوف من ترشيح شخص آخر ربما لن يكون قادراً على مواجهة ترامب، وبالتالي يعتقدون أنه الأفضل في الوقت الحالي، خصوصاً أن أسهم نائبة الرئيس كمالا هاريس ليست قوية طبقاً لاستطلاعات الرأي وأدائها.
وتتم هذه الانتخابات التمهيدية في ظل إشكالية كبيرة تتعلق بالرئيس السابق دونالد ترامب الذي تنظر المحاكم بدءاً من 4 مارس/ آذار المقبل (قبل ليلة واحدة من الثلاثاء الكبير)، في قضايا محاكمته، مع انتظار قرار المحكمة العليا في ما يخص ترشحه أو عدمه. ويحاول الرئيس السابق إطالة أمد هذه القضايا إلى حين انتهاء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 5 نوفمبر المقبل، خصوصاً أن استطلاعات الرأي تشير إلى تفوقه في السباق الانتخابي حتى الآن.
ويشير غريب إلى أن هناك قلقاً داخل المؤسسة الجمهورية والتقليدية من ترشح ترامب، ولكن لديه الدعم الشعبي الكبير حتى الآن داخل قواعد الحزب ويحاول أن يستفيد من الصورة التي يحاول أن يبرزها وتظهره بأنه ضحية، وحتى على المستوى الشعبوي فهو متفوق على جو بايدن في استطلاعات الرأي. ويضيف أن ثلث الجمهوريين يقولون إنه لا يجب أن يرشحه الحزب إذا أدين بارتكاب جريمة، ولكن هذا لن يمنعه إذا استمر في تفوقه خلال الانتخابات التمهيدية، خصوصاً في "الثلاثاء الكبير". ويشير إلى أن الشهرين المقبلين مهمان جداً في الانتخابات الحالية لأن الولايات المتحدة منقسمة بشدة على نفسها حالياً، وهذه الانتخابات ذات مخاطر عالية بشكل لم يحدث من قبل، خصوصاً أن ترامب يحاول إطالة نظر القضايا بحقه إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.