أعلن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أمس الجمعة، أن بريطانيا أبرمت مع الهند شراكة دفاعية وأمنية جديدة وموسعة. وقال: "إن لدى البلدين مصلحة مشتركة في إبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ مفتوحة وحرة"، بينما أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستخفّف من ترتيبات التراخيص الخاصة بتصدير الأسلحة إلى الهند من خلال إصدار رخصة تصدير عامة ومفتوحة، مشيدة بتلك الشراكة الدفاعية والأمنية الجديدة، على اعتبارها أبرز المكاسب التي حقّقتها زيارة جونسون للهند، التي استمرّت يومين.
إلا أن ذلك الإعلان جاء قبل ساعات من نشر المعهد الملكي للخدمات المتحدة (Rusi) تقريراً كشف أن الهند كانت واحداً من ممرات رئيسية استخدمتها موسكو لتهريب الأسلحة إلى نظام فلاديمير بوتين، ما دفع جونسون إلى التعهّد لاحقاً بسدّ الثغرات في الصادرات البريطانية إلى الهند بما يضمن ألا ينتهي الأمر بها لدى الجيش الروسي، خصوصاً أنه لم يستبعد أن تستمر هذه الحرب حتى نهاية العام المقبل.
التقرير الذي يتكون من 26 صفحة يضيء على الوضع العسكري الروسي، مشيراً إلى أن العقوبات الاقتصادية الغربية ستدفع موسكو بشكل متزايد إلى الاعتماد على تهريب قطع الغيار وباقي المكونات لضمان عمل طائراتها وصواريخها وذخائرها عالية التقنية. المشكلة تكمن في أن بعض تلك المكونات لها استخدام مدني وعسكري في آن واحد. وحذّر معدّو التقرير من أن روسيا استحدثت آليات لـ"تبييض" تلك العناصر والمكوّنات من خلال دول ثالثة، مطالبين بأن تخضع الهند لقيود محددة. وجاء في التقرير أن "منع التصدير إلى دول كالهند سيقيّد وصول السلع التي تُستخدم لأغراض مدنية".
وطالب وزير الدفاع في حكومة الظلّ (حزب العمّال)، جون هيلي، جونسون بفعل المزيد للضغط على الهند من أجل تضييق الخناق على الصادرات التي يمكن استخدامها في الدفاع. وقال، بحسب صحيفة "ذا غارديان"، إن على جونسون أن يستفيد من هذا التقرير للمساعدة في إيقاف الحرب الروسية على أوكرانيا، وأن يضغط على رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لكي يتخذ إجراءً عاجلاً يضيّق الخناق على وصول الأسلحة إلى أيدي الروس عبر الهند. واعتبر هيلي أن هدف تلك الزيارة كان "تشتيت الانتباه عن قضية خرقه للقانون وعن فشله في معالجة أزمة غلاء المعيشة". ويؤكد مراقبون أن أزمة الغلاء المتفاقمة في بريطانيا ليس جونسون المسؤول الوحيد عن الفشل في السيطرة عليها. حزب العمال أيضاً يبدو منشغلاً بتنحية جونسون أكثر بكثير من انشغاله بالعثور على حلول للأزمات المحلية، ما قد يجعله شديد الهشاشة مع الوصول إلى انتخابات الشهر المقبل.
ناقش جونسون مع نظيره الهندي خلال المحادثات الثنائية الجمعة، الغزو الروسي على أوكرانيا، ودعا مودي إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في أوكرانيا، إلا أنه لم ينتقد روسيا، أكبر مورّد للأسلحة إلى الهند.
وكان جونسون قد أعلن قرار بريطانيا إعادة فتح سفارتها في كييف الأسبوع المقبل، مقترحاً على الوزراء الآخرين أن يحذوا حذوه في الأسابيع المقبلة ويزوروا العاصمة الأوكرانية كييف. وأعرب عن نيّة المملكة المتحدة إرسال أسلحة إلى الدول المجاورة لأوكرانيا، تلك القادرة على تزويدها بالأسلحة كبولندا.
تزامن حديث جونسون عن نيّته "سدّ الثغرات" منعاً لوصول الأسلحة إلى روسيا عبر الهند، مع تسريب الصحافة لمعلومات جديدة عن "التأشيرات الذهبية"، مجدّدة اتّهامها للحكومة "بالتغاضي" و"التراخي". هذه المرة جرى الحديث عن سبعة مقرّبين من بوتين يخضعون في الوقت الراهن لعقوبات، إلا أنهم حصلوا على "التأشيرات الذهبية" تلك بعد الغزو الروسي الأول لأوكرانيا عام 2014.
ما زالت الإجراءات التي تتخذها الحكومة البريطانية في وجه بوتين تثير أسئلة محرجة عن سياسة "الكيل بمكيالين"، حيث يتّهمها كثيرون بإبقاء الباب مفتوحاً أمام الفاسدين. من جهة أخرى، تأتي هذه التسريبات في الوقت الذي لم تخفت فيه بعد حدة الانتقادات لخطة الحكومة الرامية إلى ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.