تقدم الاتحاد الأوروبي، الجمعة، بطعن في قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإلغاء العمل باتفاقيتي الزراعة والصيد البحري، اللتين تربطان الاتحاد بالمغرب، بدعوة أنهما تشملان منتجات آتية من الصحراء، وعدم قبول سكان تلك المنطقة بالاتفاقيتين.
وجاء استئناف الاتحاد الأوروبي لقرار محكمة العدل الأوروبية بإلغاء الاتفاقيتين خلال اجتماع لوزراء التنمية في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك قبل انقضاء المهلة القانونية (مدة شهرين بعد صدور القرار) في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وكانت محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ قد قضت، في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد طعن تقدمت به جبهة "البوليساريو" الانفصالية، بإيقاف سريان الاتفاقات التجارية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، والتي تشمل منتجات زراعية وسمكية. كما شددت المحكمة، حينها، على أن إلغاء الاتفاقيتين لن يسري على الفور، لكن بعد مدة شهرين لتقديم استئناف أو بعد صدور حكم نهائي إذا جرى تقديم الاستئناف.
وأدخل قرار محكمة العدل الأوروبية علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي منعرجاً جديداً، في وقت يسود فيه، منذ أشهر، التوتر في علاقات الرباط ببلدين أوروبيين، هما ألمانيا وإسبانيا.
وعلى الرغم من كون قرار محكمة العدل الأوروبية لا يعكس موقف الاتحاد الأوروبي ولا ينتج منه أي أثر فوري على الاتفاق بين بروكسل والرباط، لأنه حكم ابتدائي لن يغير من الواقع شيئاً حالياً، إلا أنه أثار العديد من الأسئلة حول تداعياته على مستقبل علاقة الشراكة بين الطرفين.
كما أعاد القرار إلى الأذهان الأزمة التي ألقت بظلالها على علاقات المغرب بالاتحاد الأوروبي في 25 فبراير/شباط 2016، حين قطعت الرباط الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي رداً على حكم أولي لمحكمة العدل الأوروبية، في ديسمبر/كانون الأول 2015، يقضي بإلغاء اتفاقيتي الصيد البحري وتبادل المنتجات الزراعية بين الجانبين، لتضمنها منتجات الصحراء، قبل أن تقرر الرباط في الشهر التالي استئناف الاتصالات مع بروكسل، بعدما تلقت المملكة تطمينات بإعادة الأمور إلى نصابها.
وتكرر الأمر ذاته في عام 2018، بعد صدور قرار عن المحكمة ذاتها اعتبرت فيه أن ضم الصحراء إلى اتفاقية الصيد البحري "يخالف بعض البنود في القانون الدولي"، وهو القرار الذي احتج عليه المغرب في مارس/ آذار 2018، مهدداً بعدم الاستمرار في الاتفاق.
وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والممثل السامي للاتحاد الأوروبي المكلف بالسياسة الخارجية جوزيف بوريل قد أكدا، في بيان مشترك صدر في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، على أنهما سيظلان "على أتمّ الاستعداد من أجل مواصلة التعاون، في مناخ من الهدوء والالتزام لتوطيد الشراكة الأوروبية - المغربية".
وكان الاتحاد الأوروبي قد وقّع مع المغرب اتفاق شراكة موسعة عام 1996، دخل حيز التنفيذ عام 2000، وشمل جوانب عدة، أهمها بالنسبة للمغرب تصدير المنتجات الزراعية، بما فيها المتأتية من الصحراء، وقد تم تجديده آخر مرة في عام 2012، وفق معطيات رسمية.
وتتضمن هذه الشراكة أيضاً اتفاقاً للصيد البحري الذي تم تجديده آخر مرة في 2019، ويمكّن السفن الأوروبية من الصيد في منطقة الصيد البحري المغربية، بما يشمل سواحل منطقة الصحراء، لمدة أربعة أعوام.
وتحصل الرباط، بموجب الاتفاق، في العام الأول على 48.1 مليون يورو (53.9 مليون دولار)، ثم 50.4 مليون يورو (56.5 مليون دولار) في العام الثاني، و55.1 مليون يورو (61.76 مليون دولار) في العامين الثالث والرابع.
كما حصل المغرب على مكانة "الشريك المميز" (الوضع المتقدم) للاتحاد الأوروبي، في أكتوبر/تشرين الأول 2008، ويستفيد بموجب ذلك من اتفاقيات وتمويلات أوروبية عدة.