يقوم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بتغييرات على نظامه الأساسي، وصفها بالجذرية، ومن المفترض أن يتم الإعلان عنها يوم غدٍ الإثنين، علّه يستعيد بعضاً من دوره السياسي، وبريقه الذي خبا على مدار السنوات الماضية، وعلّه يكسب بعض الثقة من جمهور المعارضة التي يطرح نفسه ممثلاً لها.
ويأتي ذلك بعدما تمّ تهميش دور الائتلاف السياسي من قبل كلّ الدول المتدخلة في الشأن السوري، بمن فيها تركيا التي تحتضنه على أراضيها، والتي استبدلت دوره السياسي بتفاهمات مباشرة مع الأطراف الأخرى، وبمسار سياسي من دون أن يكون الائتلاف ممثلاً فيه.
إلا أن من يطلّع على التغييرات التي يزمع الائتلاف القيام بها، يجد أنها لا تعدو كونها محاولة لإعادة هيكلة لجنة العضوية، تتضمن بعض الجرأة في فصل أعضاء لم يعد لهم ممثلون أصلاً، وفتح الباب أمام تنسيب أعضاء جدد يمكن أن يساهموا باستجلاب بعض الشعبية له.
إلا أن الائتلاف، وعلى الرغم من حفاظه على ثوابت الثورة السورية، وعدم قبوله بتنازلات جوهرية تعترف بنظام بشار الأسد، إلا أنه لم يبد أي فعالية سياسية، خصوصاً لناحية إحراز تقدم في الحل السياسي ومنع تمييع القرار الأممي 2254 الخاص به.
كما اقتصرت مواقف الائتلاف السوري خلال السنوات الماضية على التنديد، والاستنكار، أو الإشادة بمواقف الآخرين، الأمر الذي حوّله إلى هيئة هامشية لا دور لها، وفي أفضل الأحوال يجري إخبارها بما يتم التوصل إليه من قبل الدول الفاعلة في القضية السورية.
قد يكون تغير المزاج الدولي تجاه الوضع في سورية أحد أهم أسباب غياب دور الائتلاف، إلا أن هناك أسباباً كثيرة تتعلق بأداء وبنية هذا الكيان، أدت إلى تراجع حضوره سياسياً وشعبياً.
فعلى مستوى بنية الائتلاف، لعل أهم أسباب تراجعه يعود إلى حفاظه على شخصيات أثبتت فشلها في العمل السياسي، وعدم قدرته على استبدالها بشخصيات أكثر فعالية. إضافة إلى حالة "الشللية" داخل الائتلاف، وعدم قدرته على إحداث تغييرات جوهرية، وانتخاب أعضاء الهيئة السياسية بحسب الولاء للشلّة وليس بحسب الكفاءة.
أما على مستوى الأداء، فلعل أهم أسباب الفشل هو العمل على مبدأ ردّ الفعل على أفعال الآخرين، خصوصاً أفعال النظام والدول المتدخلة في سورية، وعدم المبادرة بأفعال أو اتخاذ مواقف تحسب له خلال مسيرته. إضافة إلى أدائه تجاه الشارع المعارض وفق مبدأ برنامج ما يطلبه الجمهور، أي كردود فعل على مطالب بعض الحملات والتظاهرات، وذلك بدلاً من ممارسة دور قيادي للحراك ولجمهور المعارضة.
يضاف إلى كل ذلك محاولات إثبات الذات لدى الائتلاف كلّما قلّ دوره، من خلال الهروب للداخل بمشاريع وأفكار غير ذات جدوى، إضافة إلى انفصاله كجسم سياسي عن الحامل العسكري للمعارضة، وغيرها من الأسباب التي تجعل عمليات هيكلة ترقيعية للائتلاف من دون فائدة.