"الإدارة الذاتية" ولعبة الديمقراطية

08 سبتمبر 2024
مقاتلون من "قسد"، ريف المالكية،7 سبتمبر 2022 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **استجابة لضغوط تركيا وأمريكا، أجلت "الإدارة الذاتية" في شمال شرق سوريا الانتخابات المحلية لتجنب تهديدات عسكرية تركية، مع تفويض المقاطعات بإجراء الانتخابات في الوقت المناسب.**
- **تسعى "الإدارة الذاتية" لإظهار نموذج ديمقراطي عبر انتخابات محلية وتشكيلات إدارية، رغم اتهامات بممارسات قمعية ضد المرأة وتهميش دورها الحقيقي.**
- **تتضمن "قسد" عناصر من مختلف المكونات العرقية والطائفية، لكن القرارات تتركز بيد قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي، مما يعزز مخاوف تقسيم سوريا.**

حاولت "الإدارة الذاتية" التي تسيطر على شمال شرق سورية عبر جناحها العسكري "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) الاستجابة لضغط تركيا التي هددت بشن عملية عسكرية ضدها إذا أقدمت تلك الإدارة على إجراء انتخابات محلية كانت قد أعلنت عن القيام بها في المنطقة، الأمر الذي تعده أنقرة خطوة على طريق تشكيل كيان انفصالي على حدودها الجنوبية، تشكل تهديداً للأمن القومي التركي.ولم تجد "الإدارة الذاتية" بداً من الاستجابة للضغوط التركية، خصوصاً بعد أن قوبل قرار إجراء الانتخابات بموقف أميركي معارض لتلك الخطوة، فأجلت الإدارة تلك الانتخابات بذريعة عدم مناسبة الظروف في المنطقة.

ولكن مع مضي فترة التأجيل وبقاء التهديدات التركية، عمدت تلك الإدارة إلى إجراء، ربما تتجنّب به تنفيذ التهديدات التركية وفي الوقت نفسه تحفظ ماء وجهها من خلال عدم الظهور بمظهر الخاضع للتهديدات. فقد صدر يوم الخميس الماضي بيان عن المفوضية العليا للانتخابات في شمال وشرق سورية، التي تتبع عملياً لـ"الإدارة الذاتية"، نصّ على تفويض مفوضيات المقاطعات بالعمل على إجراء انتخابات البلديات، وذلك في الوقت الذي تراه مناسباً، وحسب كل مقاطعة. وبالتالي، فكل مقاطعة من المقاطعات السبع التي تشكّل المناطق التي تسيطر عليها "الإدارة الذاتية" بإمكانها أن تقرر إجراء انتخابات منفردة في الوقت الذي تراه مناسباً، الأمر الذي يعني عملياً عدم حدوث تلك الانتخابات، من دون أن تكون الإدارة قد تراجعت عن قرار إجرائها.

ومن المرجح أن تقوم "الإدارة الذاتية" بجس نبض الجانب التركي من خلال تجريب إجراء انتخابات في إحدى المقاطعات السبع، وبناء على مخرجات تلك التجربة، يمكن أن تحدد ما إذا كان بإمكانها الاستمرار ضمن المقاطعات الأخرى. ولكن في الوقت نفسه، من المستبعد أن يسمح الجانب التركي بأي خطوة عملية بهذا الاتجاه ولو على مستوى منطقة صغيرة. لعبة الانتخابات هي واحدة من ألعاب عديدة تحاول "الإدارة الذاتية" من خلالها الإيحاء للمجتمع الدولي بأنها نموذج جيد في المنطقة لممارسة الديمقراطية، وذلك بهدف الحصول على دور في أي تسوية سياسية مقبلة. فقد بدأت بالتشكيلات الإدارية والسياسية ضمن "الإدارة الذاتية" التي تراعي رئاسة مشتركة بين الرجال والنساء لمعظم المواقع، بما يوحي بتمثيل مثالي للمرأة، لكن في الواقع، فإن تلك الإدارة تقوم بأبشع الممارسات بحق المرأة من خطف قاصرات بهدف التجنيد وتهميش الدور الحقيقي للمرأة مقابل إبراز بعض النساء ديكوراً.

ومن الألعاب الديمقراطية التي تقوم بها، ضم جناحها العسكري "قسد" عناصر وقيادات من كل المكونات العرقية والطائفية. أما الواقع فيقول إن تلك التشكيلة لا تمتلك من أمر القرارات التي تتخذها "قسد" شيئاً، إذ يتركز القرار بيد قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يضم قيادات في معظمهم غير سوريين أصلاً. وقامت "الإدارة الذاتية" بكتابة عقد اجتماعي روّجته باعتباره دستوراً لحكم المنطقة بشكل ديمقراطي يمكن أن يعمم على كل سورية، إلا أنه في الواقع خطوة نحو تقسيم سورية. آخر إجراءاتها الانفصالية كان العزم على إجراء انتخابات لا تزال تصطدم بالمصالح التركية حتى اللحظة، فيما المصلحة الوطنية مغيبة عن كل أجنداتها، مثلها مثل كل سلطات الأمر الواقع في كل الجغرافيا السورية.

المساهمون