استمع إلى الملخص
- تعاني "الإدارة الذاتية" من ازدواجية في المعايير، حيث تسعى للتفاهم مع مختلف الأطراف رغم العداء، لكنها تصطدم بعدم القدرة على تنفيذ شعاراتها بسبب ارتهان قرارها لجهات خارجية مثل حزب العمال الكردستاني والولايات المتحدة.
- تعتمد "الإدارة الذاتية" على دعم الولايات المتحدة، مما يجعلها أداة وظيفية غير قادرة على لعب دور مستقل في مستقبل سورية.
أطلقت "الإدارة الذاتية" في شمال شرق سورية حملة إعلامية شعواء لا تزال مستمرة حتى الآن احتجاجاً على استقبال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود البارزاني، وفداً من هيئة التفاوض المعارضة مع وفد من المجلس الوطني الكردي في أربيل العراقية. وضمّ وفد هيئة التفاوض ممثلين عن فصيل السلطان مراد الذي شارك في عملية غصن الزيتون التي سيطر بموجبها "الجيش الوطني السوري" على مدينة عفرين ذات الأغلبية الكردية بمساندة من الجيش التركي.
واستخدمت "الإدارة الذاتية" كل أذرعها الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي في تنفيذ هذه الحملة، وأصدرت بياناً اتهمت فيه المجلس الوطني الكردي وقيادة إقليم كردستان العراق بالخيانة والعمالة بسبب هذا اللقاء. علماً أنه في الوقت الذي تدين فيه "الإدارة الذاتية" هذا الاجتماع للمجلس الوطني الكردي الممثل ضمن الائتلاف الوطني المعارض، وبالتالي ضمن هيئة التفاوض، كانت تلك الإدارة قد عقدت مؤتمراً الشهر الماضي في بروكسل مع أبرز خصومها في المعارضة السورية الذين يؤيدون العملية العسكرية التركية في شمال سورية، ومنهم أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين، وحاولت تشكيل تيار سياسي معهم. كذلك كانت تطالب مراراً بتمثيلها ضمن هيئة التفاوض السورية إلى جانب المجلس الوطني الكردي الذي اعترضت على اجتماعه بوفد من الهيئة، وذلك بهدف الحصول على دور سياسي في القضية السورية، وفي مسار الحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. وأعربت "الإدارة الذاتية" في الآونة الأخيرة عن رغبتها وانفتاحها على الحوار مع الجانب التركي الذي قاد عملية السيطرة على عفرين، فيما تعترض حالياً على استقبال قيادة إقليم كردستان والمجلس الوطني الكردي، وفداً يضم ممثلين عن فصائل قادتها تركيا في تلك العملية.
هذه الازدواجية في المعايير، وهذا الفصام الذي تتبعه "الإدارة الذاتية"، يعبّران عن حالة من التخبّط لدى تلك الإدارة التي تبحث عن أي دور، ومع أي طرف كان من الأطراف المحيطة بها، التي تناصبها العداء، فتارة تغازل النظام السوري، وتارة تبعث برسائل تقارب للجانب التركي، ومراراً حاولت التفاهم مع المجلس الوطني الكردي، وأخيراً عقدت مؤتمراً جمعت فيه مكونات معارضة تحت اسم "التيارات الديمقراطية". ولكن هذه الإدارة في كل طروحاتها التي تبدو في ظاهرها منطقية، كانت تصطدم بعدم القدرة على تنفيذ أي من الشعارات التي تطرحها على أرض الواقع.
يعود السبب في عجزها عن أي التزام ضمن المسار الوطني السوري، إلى ارتهان قرارها لجهات خارجية تتحكّم بأدق التفاصيل المرتبطة بسياساتها، يأتي في مقدمتها حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر وجود عناصر وقيادات منه ضمن الأراضي السورية شرطاً أساسياً لأي حوار، إضافة إلى تحكّم تلك القيادات بـ"الإدارة الذاتية"، ومنعها من تنفيذ كل ما من شأنه خدمة الأجندة الوطنية. هذا بالإضافة إلى تحكّم الولايات المتحدة التي يرتبط وجود "الإدارة الذاتية" ككل بدعمها ووجود قواتها في شرق الفرات، الأمر الذي يثبت أن هذه الإدارة مجرد أداة وظيفية لا تمتلك قرارها وغير مخوّلة بلعب أي دور في مستقبل سورية.