عاد الجدل مجدداً في تونس حول الفترة الأخيرة من حياة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وحقيقة وضعه الصحي ومدى تدخل العائلة في الحكم، خاصة بعد تصريحات للمستشارة السابقة بقصر قرطاج، سعيدة قراش.
وكشفت قراش أنّه في الفترة الأخيرة من حياة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي كانت تتعامل معه عن طريق المراسلات، والوسطاء في ذلك كانوا أفراد عائلته، مشيرةً إلى حصول مشاكل في التواصل مع رئاسة الجمهورية، وذلك بسبب تعمّد عائلة الراحل عدم السماح لها ولأعضاء الديوان بملاقاة الرئيس الباجي.
وبينت المستشارة السابقة، في تصريحات صحافية، أنّ ديوان الراحل لم يكن على علم بالحالة الصحية للفقيد الباجي قائد السبسي في الفترة الأخيرة من حياته، وأن يوم وفاته مثّل حالة من الرعب والفزع بقصر قرطاج، موضحة أنّ ابنة الراحل اتّصلت بها لتُعلمها أنّ العائلة ترغب في وفاة الراحل بمنزله في سكرة.
وأشارت قراش إلى أنّها فهمت أنّ الراحل على فراش الموت، وكشفت أنّها توجّهت رفقة عدد من المسؤولين بالقصر لمواساة عائلة الرئيس الباجي.
وأعلنت قراش أنّ الراحل السبسي لم يوقّع على القانون الانتخابي لأنّه لم يكن قادراً على التوقيع، مضيفة أنّ قائمة العفو الرئاسي يوم 25 يوليو/تموز لم يتمّ نشرها لأنّ الراحل لم يوقّع عليها، لأنّه لم يكن قادراً على ذلك، في حين أنّ الورقة الموقعة التي وصلت للديوان لم يكن بها توقيع الباجي، وإنّما توقيع شخص آخر ولذلك لم يقبلها الديوان الرئاسي.
ونفى حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ما جاء على لسان قراش، من تصريحات، مضيفاً، في تدوينة على صفحته، أن ظهورها الإعلامي الأخير كان لتصفية حساباتها مع عائلة الرئيس الراحل، مؤكداً أن ما صرحت به "أكاذيب مغرضة و خطيرة وشهادات باطلة".
وأضاف نجل السبسي قائلا: "سعيدة قراش لم تكن متواجدة في آخر فترة حياة الرئيس الراحل، وكان حينها تحت مراقبة أطباء المستشفى العسكري مع اتصالات مباشرة و يومية مع وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي.
وأضاف: "الرئيس الراحل كان القائد الأعلى للقوات المسلحة ولم يكن للعائلة أي دور رسمي، إذ كانت كل القرارات تُتخذ مع المؤسسة العسكرية بعد استشارة الرئيس الراحل وموافقته وأنه توفي في المستشفى العسكري، وليس في قصر قرطاج حتى تكون الأمور واضحة وتكف عن ترويج سمومها والمس من هيبة المؤسسة العسكرية".
وقال القيادي السابق بنداء تونس، وأحد المقربين من الرئيس الراحل الباجي قائد السيسي، بوجمعة الرميلي، في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "ما يمكن أن يكشف عنه أن السبسي أمن مسؤوليته كرجل دولة وكرئيس إلى آخر رمق، رغم دقة وضعه الصحي حيث ظل صامداً محاولاً تحمل مسؤولياته، مؤكداً أنه التقاه قبل بضعة أسابيع من وفاته ولم يكن يوصي، بل قال له حرفيا أنا متألم من المقربين أكثر ممن هم أعداء، فيا ليت لو كانت المشاكل من الخصوم وليس من مقربين لي".
وأشار إلى أنه كان يشعر بخيبة أمل كبيرة ولم يحظَ من هؤلاء بالدعم والمساندة التي كان يتوقعها، كما أنه لم يكن راضيا على الأوضاع السياسية والخلافات في السلطة، والمشاكل الحاصلة في نداء تونس.
وأضاف الرميلي أن الفترة الأخيرة من حياة الراحل كانت عصيبة، وتم نقله للمستشفى العسكري في مناسبتين، إذ لم يعد قادرا على الكلام، مبيناً أن وضعه الصحي كان حرجاً وفترة مرض السبسي لم تكن طويلة، بل جد قصيرة والموت خطفه، ثم رافق ذلك جدل في البرلمان حول تسليم السلطة وتأويل الدستور.
وبين أن مستشارة السبسي سعيدة قراش تعرف تفاصيل الزوبعة التي حصلت بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة حينها والتي أثرت في السبسي، مشيراً إلى أنه لا يلومها على تصريحاتها الأخيرة، وأن ذلك اجتهاد شخصي من قبلها، ولكنه كان يأمل أن تبقى تلك الصورة الجميلة عن آخر فترة من حكم الباجي دون النبش في خلافات قديمة، وهي الذكرى التي يجب أن نحتفظ بها جميعا وخاصة كيفية الانتقال السلس للسلطة بعد وفاته.
وأوضح أنه لا فائدة من النبش في الماضي لأن هناك أشياء تم دفنها والتصريح من قراش والرد عليها من حافظ السبسي سيعيد التونسيين إلى خلافات تم تجاوزها.
يُذكر أن مستشار السبسي سابقاً نور الدين بن نتيشة صرح، في وقت سابق، بأن الرئيس كان في وضع صحي جيد ولم يكن يشكو من أعراض مرضية إلى حدود الأسبوع الأخير من شهر يونيو/حزيران 2019 عندما تدهورت صحته بشكل مفاجئ.
وأضاف مستشار قائد السبسي السابق أن الوقت لم يحنْ بعد للإفصاح عن كل ما حصل في تلك الفترة من تاريخ تونس إعلاءً للمصلحة العامة للبلاد، مؤكداً أنه عندما يحين الوقت المناسب سيتحدث هو ومن عاصروا تلك المرحلة عن قرب، في العديد المسائل التي يجب على التونسيين معرفتها.
يُشار إلى أن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي توفي يوم 25 يوليو/تموز 2019، وتقلّد الحكم منذ سنة 2014 وإلى غاية 2019.
وكانت الأغلبية بالبرلمان، حركة "النهضة" وحزب "تحيا تونس" الذي يتزعمه رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، قد صادقت في 18 يونيو/حزيران الماضي على تعديل القانون الانتخابي الذي يمنع رؤساء الجمعيات الخيرية والموالين للنظام السابق من الترشح.
ويرى المدافعون عن التعديلات أنها تهدف إلى تحقيق تكافؤ فرص بين المرشحين، لكونها تحول دون ترشح رؤساء الجمعيات درءا لشبهات التمويل الأجنبي، ومنعاً لعودة منظومة الاستبداد.
ويعتبر معارضوها أنها صيغت على المقاس" لإقصاء مرشحين بعينهم، مثل نبيل القروي، مالك القناة التلفزيونية الخاصة "نسمة"، وخليل تونس، صاحب جمعية خيرية، وزعيمة الحزب الدستوري الحر سليل حزب التجمع المنحل، المحامية عبير موسى.