"لا تستحق المخاطرة بحياتي"... الأوغنديون يدلون بأصواتهم في انتخابات متوترة

14 يناير 2021
امتدت طوابير طويلة من الناخبين لمسافة بعيدة في العاصمة كمبالا (Getty)
+ الخط -

يُدلي أوغنديون، اليوم الخميس، بأصواتهم في انتخابات رئاسية تشوبها أعمال عنف واسعة النطاق، والتي يخشى البعض أن تتصاعد فيما تحاول قوات الأمن منع أنصار المنافس المعارض البارز بوبي واين من مراقبة مراكز الاقتراع، وتم قطع الاتصال بالإنترنت.

وامتدت طوابير طويلة من الناخبين لمسافة بعيدة في العاصمة كمبالا، وقال الميكانيكي ستيفن كاديري: "هذه معجزة... هذا يظهر لي أن الأوغنديين مصممون هذه المرة على التصويت للزعيم الذي يريدونه. لم أشهد هذا من قبل"، لكن لوحِظ تأخير في تسليم مواد الاقتراع في بعض الأماكن، بما في ذلك المكان الذي كان من المقرر أن يدلي واين فيه بصوته.

ومن المتوقع ظهور النتائج في غضون 48 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع في الساعة 4 مساءً، ويبلغ عدد الناخبين المسجلين أكثر من 17 مليون ناخب في هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، والتي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة. ويجب أن يفوز المرشح بأكثر من 50٪ لتجنب إعادة التصويت.

ويسعى رئيس البلاد منذ فترة طويلة يوري موسيفيني، المستبد الذي يتولى السلطة منذ عام 1986، لولاية سادسة ضد تحد قوي من واين، المغني الشاب الشهير الذي تحول إلى نائب برلماني معارض، كما يتنافس تسعة مرشحين آخرين للإطاحة بموسيفيني.

وشهد واين، واسمه الحقيقي روبرت كياجولاني، سجن العديد من زملائه أو اختباءهم، إذ تقوم قوات الأمن بقمع مؤيدي المعارضة لأنها تخشى أن يشعلوا انتفاضة في الشارع تؤدي إلى تغيير النظام، ويصر واين على أنه يدير حملة غير عنيفة.

وقال واين من حزب "منتدى الوحدة الوطنية" إنه لا يعتقد أن الانتخابات حرة ونزيهة، وحث أنصاره على البقاء بالقرب من مراكز الاقتراع لحماية أصواتهم، لكن المفوضية الانتخابية، التي ترى المعارضة أنها ضعيفة، قالت إن على الناخبين العودة إلى ديارهم بعد الإدلاء بأصواتهم.

بوبي واين يدلي بصوته (Getty)

وتم قطع الاتصال بالإنترنت ليلة الأربعاء، وكتب واين على "تويتر": "بغض النظر عما يفعلونه، فإن العالم يراقب".

وقال مرشح معارض آخر، وهو باتريك أوبوي أموريات، لمحطة "إن تي في" المحلية مع بدء الاقتراع: "لقد تم تزوير هذه الانتخابات بالفعل... لن نقبل نتيجة هذه الانتخابات".

وقال مراقب انتخابات مستقل يدعى كريسبين كاهيرو، إن قرار الحكومة هذا الأسبوع بحجب وسائل التواصل الاجتماعي انتقاما من إزالة "فيسبوك" للحسابات الأوغندية المرتبطة بموسيفيني والمتهمة بانتهاج سلوك زائف يهدف إلى "حجب الأنظار عن الانتخابات، وبالتالي إخفاء شيء ما".

وكان دعم موسيفيني البالغ من العمر 76 عامًا يرتكز تقليديًا على المناطق الريفية، حيث ينسب إليه الكثيرون الفضل في استعادة الشعور بالسلام والأمن الذي فقده خلال أنظمة حكم الديكتاتوريين بما في ذلك عيدي أمين. وانتشرت قوات الأمن بكثافة في المنطقة التي تشمل كمبالا، حيث تحظى المعارضة بدعم قوي جزئيًا بسبب البطالة المتفشية حتى بين خريجي الجامعات.

وقال الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة يورك الكندية جيرالد باريبي: "يقوم موسيفيني بنشر القوات في جميع المناطق الحضرية حيث تتمتع المعارضة بميزة... إذا سألت العديد من الأوغنديين الآن، فإن كلاً منهم سيقول إن ورقة الاقتراع لا تستحق المخاطرة بحياتي"، وقال بعض الشباب إنهم سيصوتون على الرغم من المخاطر الظاهرة.

وأوضح آلان سروادة، عامل في غسيل السيارات: "لقد حكمتنا هذه الحكومة بشكل سيئ. لقد ضغطوا علينا حقًا. لقد حكمونا لسنوات ويقولون إن لديهم أفكارًا. لكنهم ليسوا الوحيدين الذين لديهم أفكار".

وعند سؤاله عما إذا كان الانتشار العسكري الكثيف قد أزعجه، ابتسم وقال: "إذا كنا سنموت فلنمُت. الآن لا فرق بين الحياة والموت، ويمكن أن يصيبك الرصاص في أي مكان. يمكنهم العثور عليك في المنزل، ويمكنهم العثور عليك على الشرفة الأرضية".

وقُتل 54 شخصًا على الأقل في أوغندا في نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما فضّت قوات الأمن أعمال الشغب التي أثارها القبض على واين بزعم انتهاك لوائح الحملة الانتخابية التي تهدف إلى منع انتشار فيروس كورونا.

باريبي: إذا سألت العديد من الأوغنديين الآن، فإن كلاً منهم سيقول إن ورقة الاقتراع لا تستحق المخاطرة بحياتي

وشغل واين، الذي اعتُقل عدة مرات في السنوات الأخيرة، أذهان العديد من الأوغنديين من خلال دعواته المستمرة للرئيس يويري موسيفيني للتقاعد، والذي يعتبره جزءًا من الحرس القديم الفاسد.

ووصف موسيفيني المرشح المعارض واين، البالغ من العمر 38 عامًا، بأنه "عميل مصالح أجنبية" ولا يمكن الوثوق به في السلطة، وقد تم اعتقال واين عدة مرات بتهم مختلفة، ولكن لم تتم إدانته مطلقًا. ويسعى موسيفيني، الذي انتقد الزعماء الأفارقة قبل عقود بسبب عدم ترك السلطة، الآن، لمزيد من الوقت في المنصب بعدما أزال المشرعون آخر عقبة دستورية - حدود السن - بشأن رئاسة محتملة مدى الحياة.

وقال سائق سيارة أجرة، يُدعى مارك واسوا: "لقد نشأت عندما كان رئيسًا، حتى أطفالي ولدوا عندما كان رئيسا. نريد أيضًا أن نرى شخصًا آخر الآن".

وأدى صعود واين كزعيم وطني لا علاقة له بالنظام إلى زيادة المخاطر داخل حزب حركة المقاومة الوطنية الحاكم. وكتب المتحدث باسم الحكومة أوفوونو أوبوندو أخيرًا في صحيفة "صنداي فيجن" أنه، "يجب أن يعلم أعضاء الحزب (الحاكم) وأنصاره أن هذه انتخابات فاصلة لتشكيل وتحديد وتثبيت خليفة لموسيفيني".

ونشر الاتحاد الأفريقي ومجموعة شرق أفريقيا بعثات مراقبة الانتخابات، لكن الاتحاد الأوروبي قال: "لم يتم قبول عرض نشر فريق صغير من خبراء الانتخابات، وسيكون دور المراقبين المحليين أكثر أهمية من ذي قبل".

وحذر الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجهات أخرى قوات الأمن الأوغندية من استخدام القوة المفرطة، وكثيراً ما تشوب الانتخابات الأوغندية مزاعم بالتزوير والانتهاكات المزعومة من قبل قوات الأمن. ولم تشهد البلاد مطلقًا تسليمًا سلميًا للسلطة منذ الاستقلال عن بريطانيا في عام 1962.

(أسوشييتد برس)