الأمن الفلسطيني يواصل اعتقال شبان على خلفية تظاهرات حاولت الوصول إلى مقر الرئاسة

22 أكتوبر 2023
الأمن الفلسطيني ينفي وجود معتقلين بأعداد كبيرة لديه (العربي الجديد)
+ الخط -

شهد الثلاثاء والأربعاء الماضيان مواجهات بين متظاهرين وأجهزة الأمن الفلسطينية في شوارع رام الله وسط الضفة الغربية، بعد توجه جزء من المسيرات الغاضبة إثر مجزرة قصف الاحتلال الإسرائيلي للمستشفى الأهلي المعمداني في غزة، باتجاه مقر المقاطعة (الرئاسة الفلسطينية)، استخدم فيها الأمن الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت، وأحيانا أطلق الرصاص في الهواء، ولاحق الشبان عبر مركبات مصفحة، فيما ألقى الشبان الحجارة خلال المواجهات، وهتفوا ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

لكن المشهد لم ينته هناك، فلا يزال حتى اللحظة العديد من الشبان معتقلين، وقد تم تحويل جزء منهم إلى النيابة والمحاكم بعدة تهم، تتلخص بحسب المحامي مهند كراجة مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة" التي تتابع ملفاتهم؛ "بالتجمهر غير المشروع، والذم الواقع على السلطة، ومقاومة رجال الأمن، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة، وإلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة".

تكررت الاعتقالات بحسب كراجة يومي الثلاثاء والأربعاء، وطاولت ثلاثة شبان فجر الجمعة من أراض تابعة لقرية عين سينيا شمال رام الله، وبالفعل تحدث أحد هؤلاء الثلاثة لـ"العربي الجديد"، بعدما تم الإفراج عنهم عصر الجمعة.

وأكد كراجة لـ"العربي الجديد" أن عشرة على الأقل من المعتقلين أثاروا أمام وكلاء النيابة العامة، ادعاءات تعذيب وسوء معاملة، خلال عملية الاعتقال أو داخل المقر الأمني الذي نقلوا إليه، وظهرت آثار ذلك على بعضهم، وقد تم تدوين تلك الادعاءات في المحاضر الرسمية.

وأشار كراجة إلى أن المجموعة تابعت بشكل رسمي أمام الجهات القضائية 14 معتقلا على خلفية تظاهرة الثلاثاء، أخلت النيابة العامة سبيل أربعة منهم، وطلبت من محكمة الصلح تمديد توقيف 10 من أجل التحقيق في التهم الخمس التي ذكرها، ووافقت المحكمة على توقيفهم لخمسة أيام.

تقارير عربية
التحديثات الحية

لكن أعداد المعتقلين الثلاثاء حسب كراجة كانت أكبر من ذلك، بحسب المعطيات التي حصلت عليها مجموعته الحقوقية من المعتقلين أنفسهم، مقدرا العدد بخمسين شخصا، لكن تم الإفراج عن معظمهم مباشرة من الشرطة دون عرضهم على النيابة والمحاكم.

أما اعتقالات الأربعاء فتقدر الأعداد بحسب كراجة بثمانية عشر معتقلا، وكذلك بحسب موكلين أبلغوا ذويهم والمجموعة، مشيرا إلى أن عدد الذين ما زالوا معتقلين قد يكون مختلفا، خاصة وأن المحامين لم يستطيعوا حضور جلسات نيابة عقدت في مقر الأمن كما أخبر المعتقلون ذويهم، على عكس عرض 14 من معتقلي الثلاثاء على النيابة بحضور المحامين، مشيرا إلى أن للنيابة تمديد توقيف أي شخص لمدة 48 ساعة وقد انتهت تلك المدة القانونية.

جدل حول أعداد المعتقلين وسبب اعتقالهم

كانت مجموعة "محامون من أجل العدالة" أعلنت في بيان مساء الأربعاء، رصدها اعتقال ما يزيد عن 50 شخصا من رام الله الثلاثاء، على خلفية مظاهرات شعبية دعماً لقطاع غزة، ليرد عليها الناطق باسم المؤسسة الأمنية، اللواء طلال دويكات، في بيان، ويقول إن ذلك مجافٍ للحقيقة، رافضا وصف الاعتقالات بأنها على خلفية الاحتجاج على مجازر الاحتلال.

وأعلن دويكات في بيانه أن الأجهزة الأمنية اعتقلت ما يقارب 15 شخصاً، قدمت لهم لوائح اتهام موثقة بالصوت والصورة، وهم يقومون بالاعتداء على الممتلكات العامة وتحطيمها، وقد تم تحويلهم للنيابة وفق القانون لاستكمال الإجراءات القانونية بحقهم، واصفا بيان مجموعة محامون من أجل العدالة بأنه لم يراع أبسط قواعد التدقيق.

الأمن الفلسطيني يواصل اعتقال متظاهرين (العربي الجديد)
من أثار تخريب بعض الممتلكات العامة (العربي الجديد)

ورد كراجة على ذلك بالقول إن من ضمانات المحاكمات العادلة أن تمكن الشرطة كل معتقل من الاتصال بذويه وبمحام، وهذا لم يحصل، فضلا عن عدم تجاوب الشرطة مع المحامين في مجموعته ومع كل المؤسسات الحقوقية التي يتعاون معها.

وأضاف: "حين تحدثنا عن خمسين معتقلا كان ذلك حسب المعطيات التي لدينا وحصلنا عليها من موكلينا أي المعتقلين أنفسهم".

أما عن سبب الاعتقال فيقول إن "هناك معتقلين قد يكونوا بالفعل قاموا بتخريب ممتلكات، ولكن في المقابل هناك عدد كبير أيضا لم يقوموا بذلك، والدليل أنه تم الإفراج عن جزء كبير منهم سواء من النيابة العامة، أو أفرجت عنهم الشرطة من تلقاء نفسها دون عرضهم على النيابة".

وتابع: "الأربعاء تم اعتقال عدد آخر، مع العلم أنه لم يشهد عمليات تخريب، والشرطة لم تعلن عن تخريب يومها، بخلاف نشر صور وفيديوهات عن مظاهر تخريب الثلاثاء، وكل ما سبق يعني أن هناك معتقلين على خلفية مشاركتهم في التظاهرات".

شهادة لمعتقل تم الإفراج عنه

استطاع "العربي الجديد" الحصول على شهادة الشاب شادي عميرة وهو أسير محرر من سجون الاحتلال، وقد اعتقل من قرية عين سينيا فجر الجمعة رفقة اثنين من الشبان، وأفرج عنه عصر اليوم نفسه.

قال عميرة إنه كان رفقة الأسيرين المحررين أحمد خاروف وهيثم سياج، في مكان يوجد به أناس آخرون، ولم يكونوا لوحدهم أو بظروف يمكن أن تثير أي تساؤلات، لكن ما حصل أنهم فوجئوا بمجموعة من رجال الأمن يقدر عددهم بين عشرين إلى ثلاثين، يهاجمونهم ويطاردونهم.

وأشار إلى أن أفراد الأمن قاموا بتفتيش المركبة التي كانوا يستقلونها بشكل دقيق، وحين عثروا على رايتين لحركة حماس، راحوا يسألون عنها ومن أين حصلوا عليها.

وأضاف عميرة أن أفراد الأمن اعتدوا على ثلاثتهم، لكن زميله أحمد خاروف كان الأكثر تعرضا للاعتداء، سواء بضربه على وجهه أو برش الغاز تجاه وجهه، فضلا عن إصابة هيثم سياج بعينه نتيجة الضرب.

وفي بداية الاعتقال كما يروي عميرة اتهمهم أفراد الأمن الذين ألقوا القبض عليهم بالقيام بتخريب الممتلكات ومحاولة التعرض لرجال الأمن خلال تظاهرة رام الله، لكن وبعد نقلهم إلى مقر الشرطة في حي البالوع في البيرة، لم يجر التحقيق معهم بالمطلق حول ذلك، بل كان التحقيق حول سبب تواجدهم في عين سينيا، وسؤالهم عن عملية "انقلاب" أو "حفر أنفاق" ضد السلطة الفلسطينية، وهو ما استغربه، ولاحقا تم الإفراج عنهم دون قيود.

يصف عميرة ما حدث بألا هدف ولا مبرر له، ويقول إنه يشعر بوجود قرار مسبق بالاعتداء عليهم، وأن كل ما حصل في المقر الأمني هو مجرد أخذ إفادة عادية عن سبب تواجدهم في المكان الذي اعتقلوا منه، ولم يتم تحويلهم لأية جهات قضائية.

يذكر أن متظاهرين هتفوا الثلاثاء في رام الله بشعارات تدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس للرحيل، وانطلقت التظاهرات مباشرة بعد مجزرة المستشفى المعمداني وسط رام الله، وتوجه جزء من المشاركين نحو مقر المقاطعة (الرئاسة) ومنعهم الأمن من ذلك، واندلعت حينها المواجهات.

وكان عباس في ذلك الوقت في الأردن من أجل لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، وخلال تلك التظاهرات أعلن عن قطعه للزيارة في الأردن وعاد إلى رام الله، حيث عقد اجتماعا طارئا للقيادة الفلسطينية إثر القصف المروع للمستشفى، الذي خلف أمثر من 500 شهيد ومئات الجرحى من النازحين والمرضى.

المساهمون