"الأمانة السورية للتنمية"... ذراع أسماء الأسد نيابة عن القصر

"الأمانة السورية للتنمية"... ذراع أسماء الأسد نيابة عن القصر

30 يوليو 2023
يتهم موالون للنظام "الأمانة" بالوقوف خلف الحرائق (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

أبرزت الحرائق التي اندلعت في شمال محافظة اللاذقية، شمال غربي سورية، دور "الأمانة السورية للتنمية"، التي أعلنت الأول من أمس الجمعة، عبر "فيسبوك"، أن فرقها واصلت مساعدة العائلات المتضررة في القرى المحاذية للأراضي التي وصلت إليها نيران الحرائق، وعملت "بالتعاون مع الجهات الفاعلة على الأرض على تأمين المواد الإغاثية الطارئة للأهالي".

هذا الحضور لـ"الأمانة السورية للتنمية"، التي تقف على رأسها أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، قد يبدو اعتيادياً من ضمن الأعمال "الخيرية والإنسانية" التي تقوم بها هذه المؤسسة.

لكن اللافت كان صدور اتهامات صريحة وجهها بعض أهالي المنطقة لهذه المؤسسة بالوقوف خلف الحرائق في منطقة الساحل، وفي مناطق أخرى، مثل دمشق القديمة، بهدف دفع الأهالي لبيع أراضيهم وممتلكاتهم، ليقوم وكلاء عن "الأمانة السورية للتنمية"، وعن إيران، بشرائها بأبخس الأسعار.

سنان حتاحت: "الأمانة" وأسماء الأسد تتحرك بالنيابة عن القصر الجمهوري وبشار الأسد

وبعد أن ظلت هذه الاتهامات والشكوك تصدر عن جهات في المعارضة السورية خلال السنوات الماضية، انتقلت اليوم إلى قلب الحاضنة الشعبية للنظام في منطقة الساحل السوري.

احتقان للموالين من محاولات دفعهم لبيع أراضيهم

وأظهرت إطلالات متكررة على "فيسبوك" للناشطة والإعلامية الموالية للنظام لمى عباس، والتعليقات عليها من جانب الموالين للنظام، وجود احتقان واسع في حاضنة النظام من هذه المحاولات لدفع الأهالي لبيع أراضيهم بعد إحراقها.

وفي أكثر من تعليق لها، قالت عباس، التي ترأس جمعية لدعم قتلى وجرحى قوات النظام السوري، إن من يحرق الأراضي في الساحل السوري هو نفسه من أحرق المحال التجارية في دمشق القديمة. وأضافت عباس، في تعليق آخر، أن من يقوم بشراء الأراضي هو نفسه من يحرق غابات الساحل.

وقال أحد المعلقين عندها إن "أغلب الأراضي التي احترقت سابقاً في الشريط الساحلي ووادي قنديل وزغرين وغيرها من أراضي اللاذقية اشترتها أسماء (الأسد) وماهر (الأسد، شقيق بشار)، ولاحقاً، دخلت بشرى (الأسد، شقيقة بشار) على خط الشراء، طبعاً عبر وسطاء". وأضاف آخر في إشارة إلى أسماء الأسد: "اشترت عنا بالضيعة 400 دونم أرض في قرية عرب الملك بجبلة".

ما هي "الأمانة السورية للتنمية"؟

تُعرّف "الأمانة السورية للتنمية" عن نفسها بأنها مؤسسة سورية غير حكومية وغير ربحية، تعمل من أجل "تهيئة بيئة داعمة لتمكين الأفراد في سورية ليحققوا الازدهار لأنفسهم بأنفسهم، وليشاركوا في تنمية مجتمعاتهم".

وإضافة إلى ذلك، فهي "تحتضن المبادرات المجتمعية وتؤسس لشراكات مع الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لدعم القضايا التنموية، ودعم دور المجتمع المدني في التخطيط وصناعة القرارات وتشجيع ريادة الأعمال ودعم المواطنة الفاعلة والثقافة التطوعية". تأسست هذه المنظمة في العام 2007 بواسطة أسماء الأسد، بعد دمج عدد كبير من المنظمات غير الحكومية التي كانت أسستها سابقاً بعد زواجها من بشار الأسد عام 2000، وفق دراسة حول "دور العمل الخيري في الحرب السورية" للباحثين في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية" أيمن الدسوقي وسنان حتاحت.

وقال حتاحت، لـ"العربي الجديد"، إن "الأمانة" وأسماء الأسد "تتحرك بالنيابة عن القصر الجمهوري وبشار الأسد. وخلافاً لقريب بشار الأسد رجل الأعمال رامي مخلوف الذي كان يتمتع بقدر من الهامش في تحركاته، فهي تسعى إلى زيادة تمركز زوجها والقصر الجمهوري في كل الشأن العام، سواء على مستوى الحضور الاقتصادي أو المجتمع المدني".

ورأى حتاحت أن أهمية دور "الأمانة السورية للتنمية" يأتي من كونها "مكاناً لتحضير فرق التكنوقراط التي تتولى استلام مفاصل مهمة في جميع قطاعات الدولة، مثل التعليم والشؤون الاجتماعية والصحة، لتكون بمثابة المختبر الذي يجرى فيه اختبار هذه الموارد البشرية، وتشبيكها مع شبكة العلاقات الخاصة بالأمانة على امتداد الساحة السورية".

السيطرة على الشأن الاجتماعي

وأضاف أن دورها يتلخص في السيطرة على الشأن الاجتماعي من بوابة إدارة المجتمع المدني، سواء من خلال الاستيلاء على المساعدات الأممية، كونها إحدى شركائها، أو بطريق غير مباشرة من خلال ضبط تحركات "الهلال الأحمر السوري"، وهذا ما اتضح بشكل صريح بعد الزلزال ومشاريع التعافي المبكر الممولة دولياً، إضافة إلى تولي العلاقة مع المنظمات الدولية التي بدأت تنفتح على سورية.

فؤاد عبد العزيز: بات النظام يتجه اليوم إلى مناطق الموالين له

وأوضح حتاحت أن عمل "الأمانة العامة" هو "تنظيم وإدارة هذه الأنشطة، بهدف السيطرة على مفاصل القرار في الدولة، إضافة إلى إشرافها بشكل مباشر وغير معلن على جني الإتاوات على شكل ضرائب من رجال الأعمال لتصب عند القصر الجمهوري". وأشار إلى أن رجال الأعمال يجبرون على دفع إتاوات سنوية تتراوح بين 200 ألف إلى مليون دولار، تودع لصالح القصر الجمهوري و"الأمانة العامة للتنمية".

ولفت إلى ظهور طبقة جديدة من رواد الأعمال المرتبطين مباشرة بأسماء الأسد، مثل يسار إبراهيم وأبو علي خضر، إضافة إلى آخرين ممن لهم تواصل غير مباشر مع الشبكة.

تكامل بين فريقي أسماء وماهر

وحول دور رجال الأعمال الآخرين المرتبطين بماهر الأسد، قال حتاحت إنه وفق معلوماتنا "لا يوجد تنافس بين الأمانة وفريق أسماء مع ماهر الأسد، بل تكامل وتعاون، إذ تشكل الفرقة الرابعة الذراع الأمنية المكملة للذراع الاقتصادية التي تقودها أسماء، خصوصاً أن الأخيرة "سنّية" من ناحية الانتماء الطائفي، وهو ما مكّنها من الوصول إلى رجال أعمال من كل الطوائف، خارج الشبكات المعروفة التي اعتمد عليها النظام بين عامي 2011 و2016".

وتُظهر البيانات المتوفرة لدى "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" أن الأمم المتحدة تبرعت لـ"الأمانة العامة" بأكثر من 750 ألف دولار عام 2016، وأكثر من 732 ألف دولار في 2017، إضافة إلى 4.3 ملايين دولار في عام 2018. وبشأن إمكانية تورط مقربين من "الأمانة العامة" في إشعال الحرائق، سواء في الساحل السوري أم في دمشق القديمة، بهدف دفع الأهالي إلى بيع أراضيهم وممتلكاتهم لصالح عائلة الأسد، قال الصحافي الاقتصادي فؤاد عبد العزيز لـ"العربي الجديد" إن هذا غير مستبعد، إضافة إلى جهات أخرى تعمل للهدف نفسه، بعضها مرتبط بإيران أو جهات طائفية أخرى.

ورأى عبد العزيز أنه بعد أن دمر النظام مجمل مناطق سيطرة المعارضة، وهجر أهلها، واستباح ممتلكاتهم طوال السنوات الماضية، بات يتجه اليوم إلى مناطق الموالين له، خصوصاً في ريف اللاذقية الشمالي، نظراً لخصوبتها وتضاريسها السياحية، وموقعها المهم على الحدود التركية.