الأزمة العراقية: فشل مساعي جمع الصدر والعامري

21 اغسطس 2022
يتمسك الصدر بمطلبه حل مجلس النواب (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

دخل المشهد السياسي العراقي مرحلة الجمود من جديد، بعد اجتماعات ولقاءات عديدة بين عدد من القوى السياسية، شهدتها بغداد وأربيل خلال الأيام الماضية، إضافة إلى اجتماع "الحوار الوطني" الموسع الذي رعاه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والمبعوثة الأممية جينين بلاسخارت، الأربعاء الماضي، مع أغلب قادة القوى السياسية في البلاد.

وعاد المشهد إلى المراوحة، بعد رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مجدداً فتح أي قنوات تواصل مع غريمه السياسي، "الإطار التنسيقي"، متمسكاً بشرط حل البرلمان قبل الحديث عن أي تسوية سياسية للأزمة.

وكشف الصدر، في تدوينة أمس السبت، تقديمه مقترحاً للأمم المتحدة لمناظرة علنية مع الفرقاء السياسيين، في إشارة إلى تحالف "الإطار التنسيقي"، إلا أنه لم يتلق جواباً، مؤكداً أنه لن يدخل حواراً سرياً جديداً معهم، وداعياً إلى انتظار الخطوات الأخرى. 

فتاح الشيخ: جميع اللقاءات بين الكتل السياسية لم تحقق أي تقدّم على مستوى الأزمة

وكتب الصدر، في تدوينة موجهة الى الشعب: "نود إعلامكم بأننا قدمنا مقترحاً للأمم المتحدة لجلسة حوارية، بل مناظرة علنية، وبث مباشر مع الفرقاء السياسيين أجمع، فلم نر جواباً ملموساً منهم". وأضاف: "كان الجواب عن طريق الوسيط جواباً لا يغني ولا يسمن من جوع، ولم يتضمن شيئاً عن الإصلاح ولا عن مطالب الثوار ولا ما يعانيه الشعب".

وتابع الصدر: "لم يعطوا لما يحدث أي أهمية على الإطلاق"، موضحاً "لذا نرجو من الجميع انتظار خطواتنا الأخرى إزاء سياسة التغافل عما آل إليه العراق وشعبه بسبب الفساد والتبعية". 

وقال: "لا يتوقعون منا حواراً سرياً جديداً بعد ذلك، فأنا لا أخفي على شعبي شيئاً ولن أجالس الفاسدين، ومن يريد السوء أو قتلي أو النيل ممن ينتمي إلى آل الصدر"، مضيفاً: "لقد تنازلت كثيراً من أجل الشعب والسلم الأهلي، وننتظر ماذا في جعبتهم من إصلاح ما فسد لإنقاذ العراق".

وكانت الأيام الماضية شهدت جولة حوارات واجتماعات قادها زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، شملت كتلاً سياسية سنّية وكردية، إضافة إلى كتل الأقليات والنواب المستقلين، من أجل الوصول إلى تفاهمات لحل الأزمة السياسية، التي يشهدها العراق منذ أكثر من عشرة أشهر، فيما يواصل العامري مساعيه لعقد لقاء مع الصدر، لكن الأخير ما زال يرفض ذلك.

يجري ذلك في ظل استمرار اعتصام أنصار الصدر داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، الذي يقترب من أسبوعه الرابع على التوالي، يقابله اعتصام أنصار "الإطار التنسيقي" عند بوابة المنطقة الخضراء، فيما يتوعد الطرفان بتظاهرات حاشدة خلال الأيام القريبة المقبلة.

فشل مساعي عقد لقاء بين الصدر والعامري

وقالت مصادر سياسية عراقية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، إن "مساعي عقد اجتماع بين الصدر والعامري بصفته مفاوضاً عن تحالف الإطار التنسيقي، فشلت بسبب رفض الصدر إجراء أي حوار من دون اتخاذ قرار مسبق بحل مجلس النواب وتحديد موعد للانتخابات البرلمانية المبكرة". 

وبيّنت المصادر أن "المشهد السياسي يشهد جموداً حالياً، بسبب عدم وجود أي حوار بين الصدر وقادة الإطار التنسيقي"، مشيرة إلى توقعات بصدور قرارات جديدة من قبل زعيم التيار الصدري خلال الساعات المقبلة، تتعلق بالمشهد السياسي، إضافة إلى الاحتجاجات الشعبية داخل المنطقة الخضراء.

من جهته، قال السياسي المقرب من التيار الصدري فتاح الشيخ، لـ"العربي الجديد"، إن "جميع اللقاءات التي عُقدت في الأيام الماضية بين الكتل السياسية، لم تحقق أي تقدّم على مستوى الأزمة بسبب عدم وجود التيار الصدري فيها". 

وبيّن الشيخ أن "موقف الصدريين ما زال ثابتاً برفض إجراء أي حوار مع القوى السياسية، وتحديداً مع الإطار التنسيقي، وبسبب هذا الرفض هناك حالة من الجمود السياسي"، معتبراً أن "أي اجتماعات مرتقبة من دون التيار الصدري سيكون مصيرها الفشل كحال الاجتماعات السابقة". وتوقع أن تصدر قرارات جديدة من الصدر "من أجل زيادة الضغط الشعبي، للدفع نحو حل مجلس النواب وتحديد موعد الانتخابات المبكرة". 

في المقابل، قال عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إن "زعيم التيار الصدري ما زال يرفض حتى اللحظة إجراء أي حوار وتفاوض مع الإطار التنسيقي، وهذا ما يعني عدم حل الأزمة السياسية في العراق، على الرغم من تجاوزها العشرة أشهر".

المساعي متواصلة لإجراء حوار مع الصدر

وبيّن الهلالي أن "المساعي مستمرة لإجراء حوار وتفاوض مع زعيم التيار الصدري، وهناك أطراف وسيطة تعمل على هذا الأمر، لكن حتى الساعة لا توجد أي بوادر لعقد اجتماع صدري - إطاري". 


عائد الهلالي: أي حوار لا يشارك فيه التيار الصدري لن يحل الأزمة

وأضاف أن "حواراً لا يشارك فيه التيار الصدري، لن يحل الأزمة، ولهذا هناك حراك لعقد اجتماع ثانٍ برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لجمع كل الكتل والأحزاب مع التيار الصدري، للخروج بموقف وتفاهم يحل الأزمة وفق الأطر الدستورية والقانونية".

وتعليقاً على الوضع القائم، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي على البيدر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "وصول العراق إلى مرحلة الجمود السياسي من جديد، على الرغم من المفاوضات والحوارات التي جرت خلال الأيام الماضية، أمر طبيعي، بسبب مقاطعة التيار الصدري لهذه المفاوضات والحوارات".

لا حلول من دون التيار الصدري

وبيّن البيدر أن "أي حوار وتفاوض لا يحقق أي نتائج ولا يحل الأزمة من دون مشاركة التيار الصدري، ولهذا قوى الإطار التنسيقي وقوى سياسية أخرى، تعمل من أجل فتح قنوات حوار وتواصل مع الصدريين لحل الأزمة، لكن الصدر ما زال يرفض ذلك ويصر على موقفه بعدم إجراء أي حوار مع الإطار". 

وأضاف أن "حالة الجمود السياسي ستبقى هي المخيّمة على الوضع خلال المرحلة المقبلة، إذا لم يتم فتح قنوات حوار مباشرة أو حتى غير مباشرة ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وأي حراك سياسي من دون مشاركة التيار الصدري فيه سيكون مصيره الفشل، وربما يعمّق الأزمة بشكل أكبر".