وجهت أحزاب جزائرية انتقادات لاذعة للحكومة بشأن فشلها في إدارة وتسيير الأزمة الوبائية، بعد تفاقم معدلات الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا، وبخاصة أزمة النقص الحاد في الأوكسجين في المستشفيات، واتهمت الحكومة بالعجز عن إيجاد الحلول والسيطرة على الوضع.
وعبرت "جبهة القوى الاشتراكية" عن قلقها البالغ إزاء ما اعتبرته تدهورا للوضعية الوبائية بالبلاد خلال الأسبوعين الأخيرين، وأوضح بيان لـ"الجبهة"، أن هناك "عجزا تاما وارتباكا شديدا لازم السلطات في تسيير الوضع الصحي المستجد، خاصة في ما يخص توفير مادة الأوكسجين الصحي الحيوية على مستوى المستشفيات. يضاف إلى ذلك التلكؤ غير المفهوم في إقرار الإجراءات الوقائية وتشديدها، ما ينم عن غياب أي مخطط استباقي لمواجهة مثل هكذا أزمات، رغم أن جائحة كورونا عمرت بيننا أزيد من عام من الزمن، وهي أمور أدت إلى تدهور الأوضاع وخروج الأمور عن السيطرة في كثير من المناطق والمستشفيات".
وشدد البيان على أن "التسيير الكارثي لهذه الأزمة رفع الستار عن فشل وإفلاس منظومة حكم بأكملها وعن غياب تام لأي نظرة استشرافية واستراتيجية لتسيير شؤون الدولة"، مشيرا إلى أنه "من غير المقبول أن يموت المرضى في المستشفيات بسبب نفاد وندرة الأوكسجين الطبي"، وطالبت السلطات بتحمل مسؤولياتها كاملة واللجوء لمخطط استعجالي لتوفير وتوزيع مادة الأوكسيجين الصحي وتوفير الإمكانيات الضرورية للإنعاش والتكفل بالأعداد المتزايدة للمرضى، مع ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للحد من انتشار هذا الوباء والوقاية منه".
وفي نفس السياق، طالب الحزب بإجراء تحقيق معمق حول أسباب ندرة مادة الأوكسجين الطبي والتماطل في توزيعه على المراكز الاستشفائية. وتكريس نظام لامركزية السلطات، وتوزيع الصلاحيات وتسهيل الولوج إلى الموارد دون قيد أو بيروقراطية، والتخلص من هيمنة الاحتكار على المواد الأولية والحساسة مثل إنتاج الأوكسجين الطبي، واقتناء وتوصيل هذه المستلزمات خاصة تلك المتعلقة بالأوكسيجين الصحي وهذا في أقرب الآجال، وإن اقتضى الأمر فتح جسور جوية مع الدول المصدرة وبرفع كل القيود البيروقراطية بشأن ذلك".
وأوضحت "جبهة القوى الاشتراكية" أن: "اللحظة صعبة والظرف حساس، وعليه فإنه لا مكان لحملات الإحباط، فالوقت هو لرفع الروح المعنوية الجماعية لأمتنا وكذلك هي الفرصة لمراجعة الحسابات الخاطئة وتصحيح المسارات التي أدت بنا إلى هذه الوضعية".
من جهته حمّل "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، السلطات مسؤولية الطفرة الحاصلة في تفشي الوباء بسبب إصرارها على السماح بالتجمعات داخل القاعات أثناء حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة، إضافة إلى أن "التراخي الملاحظ في الحياة العامة لم يأت من السماء".
واعتبر التجمع في بيان له أن أزمة الأوكسجين الصناعي هو "نتيجة لافتقاد الحكومة الحالية لأي قدرة على التنبؤ ولتفكيك النسيج الصناعي الذي تم تسليمه إلى مافيا سياسية مالية ترعرعت في محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة".
وكشف البيان أنه "كان يمكن تلافي أزمة إنتاج الغازات الصناعية ومن ضمنها الأوكسجين، لو لم يتم عقد اتفاق بالتراضي المبرم بين شركة سوناطراك وشركة اير بروديكت الأميركية، على حساب عرض قدمّته شركة الرائدة عالميا في مجال الغازات الصناعية (ميسر، ألمانيا) لبناء وحدتين صناعيتين".
وأشاد التجمع بعمليات التضامن والمبادرات المحلية لاقتناء المعدات اللازمة للمستشفيات، قائلاً إن الشعب الجزائري "الذي يصنع الملاحم حال الأزمات والمحن ويعطي أحسن الدروس في التضامن والمسؤولية خلالها، لجدير بنظام يلبي تطلعاته ويسمح له بالمشاركة في تسيير يومياته ويحفظ له حقوقه"، مشيرا إلى أن هذه المبادرات "هي على النقيض تماماً من مواقف السلطة المرتجلة وقصورها في مواجهة الخطر".
واستغرب التجمع أن يقدم الرئيس تبون، في أوج الأزمة، على الاجتماع مع رئيس لجنة تنظيم الانتخابات لمناقشة إجراء الانتخابات المحلية، مع أن "مثل هذه المواقف تُبعد الشعب أكثر عن السلطة المركزية التي لا تزال تلتصق بها صورة الظلم والفساد والممارسات الجهوية، والأحداث الأخيرة في جنوب البلاد خير مثال على ذلك".
من جهتها، حذرت "حركة مجتمع السلم" من تطورات الوضع الوبائي خاصة في ظل أزمة الأوكسجين وتناقص قدرات الاستيعاب في المستشفيات للمرضى".
وطالبت الحركة في بيان لها "السلطات بتحمل مسؤوليتها لمعالجة الوضع وتوفير الحلول الضرورية وتسهيل الإجراءات لصالح الجمعيات والأفراد الذين يريدون تقديم المساعدات وإدخال مكثفات وشحنات الأوكسجين من خارج الوطن". ودعت الى استنفار الجزائريين في الجالية الاستنفار العام للمساهمة في ضمان مستلزمات توفير الأوكسجين ومختلف أدوات الكشف والعلاج.