أنهت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، اليوم الجمعة، جولاتها على المسؤولين اللبنانيين تاركةً في رسالتها الوداعية جملة توصيات وضعتها في سياق الحلِّ المطلوب لاستقرار البلاد وتحذيرات من جرّ لبنان إلى الحرب، معلنةً أنّ خليفتها ليزا جونسون ستصل إلى بيروت في يناير/ كانون الثاني المقبل، داعية للترحيب بها بـ"أذرعٍ مفتوحة".
وفي مقطع مصوّر نشرته السفارة الأميركية عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حرصت شيا على الإشادة بميزات وجمال لبنان ومواصفات الشعب اللبناني وروحه التي لا تُقهَر رغم التحديات الكثيرة، مبدية إعجابها بالإمكانات الكبيرة لمستقبل البلاد الذي تمكّن من استقطاب أكثر من مليوني سائح خلال صيف 2023، لتوجّه من بعدها تنبيهاً من ممارسات "حزب الله" وتأثيراتها من دون أن تسمّيه.
وقالت شيا إن "الإمكانات اللبنانية والتقدُّم المحدود نحو التعافي الذي كان لبنان بدأ بتحقيقه معرّضٌ للخطر، إذا قام أولئك الذين لا يخضعون لإرادة الشعب بجرّ البلاد إلى حربٍ"، مشيرة إلى أن "لا أحد يريد رؤية ذلك يحدث، إن شعب هذا البلد يستحق الأفضل ويطالب بالأفضل، وحان الوقت للاستثمار في مستقبل لبنان، علماً أن الطريق إلى الأمام لن يكون سهلاً".
واعتبرت أنه "ليس هناك من لغز حول ما يجب أن يحدث الآن، فلبنان يحتاج إلى انتخاب رئيسٍ قادرٍ على قيادة البلاد وتوحيدها، كما يتعيّن عليه تشكيل حكومة خالية من الفساد مع قادة يضعون احتياجات البلاد أولاً، كما يحتاج لبنان إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية حاسمة".
وتمنّت شيا للشعب اللبناني بعد أربعة أعوامٍ أمضتها في لبنان خلال توليها مهامها الدبلوماسية "كلّ التوفيق في هذه الرحلة الصعبة ولكن المجزية".
وتستعدّ شيا لتولي منصبها الجديد في الأمم المتحدة، على أن تخلفها في لبنان، ليزا جونسون، الذي صوّت مجلس الشيوخ في وقتٍ سابق من الشهر الجاري على تأكيد تعيينها سفيرة جديدة للولايات المتحدة في لبنان، وهي التي سبق أن عملت فيه بين عامي 2002 و2004 حين كان فينسنت مارتن باتل سفيراً لبلاده في لبنان.
وستبقى ليزا جونسون قائمة بالأعمال في السفارة الأميركية في بيروت إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان لتقديم أوراق اعتمادها له.
أجندة الإدارة الأميركية ذاتها
وقال مصدرٌ في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، إن "ليزا جونسون ستصل إلى بيروت في مطلع شهر يناير المقبل، لتبدأ مهامها الدبلوماسية، وسيكون ضمن أولوياتها الملف الأمني في الجنوب، كما الاستحقاق الرئاسي، وهي ستطبق سياسة الإدارة الأميركية نفسها التي تحرص على استقرار لبنان الأمني والسياسي والاقتصادي ودعم المؤسسات الشرعية في البلاد".
وأشار المصدر إلى أن "السفيرة شيا اختتمت لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين، وقد تحدّثت إليهم عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقتٍ ممكنٍ، وتشكيل حكومة جديدة، وقد علمت من بعض من التقتهم أن هناك نوايا جدية لإعادة تحريك الملف الرئاسي مع بدء العام الجديد، لكن حتى الآن، لا مبادرة جاهزة بذاتها، والصراع السياسي مستمرّ من دون تسجيل توافق بعد حول مرشح رئاسي".
ولفت المصدر إلى أن "شيا نبّهت في لقاءاتها إلى انعكاسات كبيرة على لبنان في حال دخل الحرب الدائرة في غزة، وأكدت في المقابل أنّ هناك جهوداً أميركية تُبذل لمنع توسيع رقعة الاشتباكات، مشددة في السياق على ضرورة التزام كافة الأطراف بالقرارات الدولية على رأسها القرار الأممي 1701".
ورداً على أنباءٍ وردت في الإعلام تتحدّث عن عودة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين إلى بيروت ضمن مساعي عدم توسع رقعة الاشتباكات الدائرة في الجنوب اللبناني بين "حزب الله" والاحتلال الإسرائيلي ولإعادة فتح ملف ترسيم الحدود البرية، قال المصدر: "قد يعود هوكشتاين إلى لبنان موفداً من الرئيس جو بايدن، لكن لم يحدد بعد رسمياً توقيت الزيارة".
وأضاف: "جولات هوكتشاين تأتي في سياق بحث الأوضاع في جنوب لبنان وتأكيد ضرورة تنفيذ القرار 1701 كاملاً، ولا مانع من طرح ملف ترسيم الحدود البرية خصوصاً بعد حلّ النزاع البحري، ولكن عندما تكون الأجواء مؤاتية، والأولوية تبقى الآن لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد".
ولا تزال أوساط "حزب الله" ترفض الحديث عن أي ملفٍ قبل تراجع العدو عن عدوانه على غزة، مؤكدة أن جبهة لبنان مرتبطة بجبهة غزة، وبالتالي، ستبقى مفتوحة والعمليات الميدانية ستستمرّ، وتصاعد وتيرتها أو توسّعها متصل كذلك بحجم الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.