أوقفت الشرطة الروسية 4027 شخصا على الأقل اليوم الأحد، بينهم أكثر من ألف شخص في موسكو، وأغلقت وسط عدة مدن، بما في ذلك العاصمة، فيما تشهد البلاد تظاهرات جديدة للمطالبة بالإفراج عن المعارض أليكسي نافالني، وفي وقت أبدى الاتحاد الأوروبي "أسفه للاعتقالات الكثيفة"، طالب نيكولاوس غازياس، محامي نافالني بمبادرة ألمانيا للمساعدة بالإفراج عن المعارض الروسي.
وذكرت منظمة "أو في دي-إنفو" غير الحكومية، المتخصصة في رصد التظاهرات في روسيا، أن هذه الاعتقالات حصلت خصوصا في موسكو (1167 شخصا) وسان بطرسبورغ (862) ثاني مدن البلاد، إضافة إلى كراسنويارسك (194) وسيبيريا ومدن أخرى كبيرة.
وبدا وسط موسكو، التي غطتها طبقة رقيقة من الثلج، مثل قلعة محصنة في بعض الأماكن مع انتشار العشرات من شرطة مكافحة الشغب بالدروع والهراوات.
وفي حدث نادر، أُغلقت عدة شوارع ومحطات مترو في العاصمة تماماً، ما دفع المتظاهرين لتغيير مكان التجمع في اللحظة الأخيرة، كما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما كانوا يخططون للتجمع أمام مقر الاستخبارات، ذكرت "فرانس برس" أن بضعة آلاف من الأشخاص كانوا يتجهون في بداية فترة ما بعد الظهر نحو حديقة سوكولنيكي، فيما أطلق سائقون أصوات أبواق سياراتهم تأييداً لهم.
وهتف المتظاهرون "بوتين لص" و"حرية".
وأوقفت الشرطة يوليا نافالنايا، زوجة أليكسي نافالني، لدى وصولها للمشاركة في المسيرة، بحسب فريق المعارِض.
وفي وقت سابق، ذكرت منظمة "أو في دي-إنفو" غير الحكومية أن 2834 شخصاً على الأقل أوقفوا الأحد في 80 بلدة ومدينة، وقالت المنظمة المتخصصة بمتابعة التظاهرات إن التوقيفات جرت بشكل رئيسي في موسكو (726)، ولكن أيضًا في سان بطرسبرغ ثاني أكبر مدن البلاد، وفي كراسنويارسك في سيبيريا، أو في فلاديفوستوك في الشرق الاقصى.
وقال اتحاد الصحافيين الروس إن 35 صحافيًا على الأقل أوقفوا.
وعلى الرغم من التهديدات، لم تتردد يكاترينا بريتشكينا، البالغة من العمر 39 عامًا، عن النزول إلى الشارع في موسكو. وقالت لـ"فرانس برس" إنها "تخشى أكثر مما سيحدث في البلاد إذا لم نخرج إلى الشوارع".
وقالت داريا، وهي طبيبة بيطرية تبلغ من العمر 34 عامًا، "هذا قمع. يُلقى بالأبرياء في السجن".
وفي سان بطرسبرغ، وهي معقل آخر للمعارضة، تجمع ما يقرب من 2000 شخص في ميدان بوسط المدينة، قبل أن تفرقهم قوات مكافحة الشغب.
وقال أندريه (30 عاما) "بوتين يمثل الشر. لا مستقبل معه. من المستحيل العيش بمثل هذه الرواتب مع قلة فرص العمل".
في غضون ذلك، أبدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تغريدة، "أسفه للاعتقالات الكثيفة" و"الاستخدام غير المتكافئ للقوة" بحق المتظاهرين والصحافيين.
I deplore widespread detentions and disproportionate use of force against protesters and journalists in #Russia again today. People must be able to exercise their right to demonstrate without fear of repression. Russia needs to comply with its international commitments.
— Josep Borrell Fontelles (@JosepBorrellF) January 31, 2021
وقبل ذلك، على "تويتر" أيضاً، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة "تدين استخدام روسيا المستمرّ للتكتيكات الوحشية ضد متظاهرين سلميين وصحافيين للأسبوع الثاني على التوالي، وتجدّد دعوتها إلى الإفراج عن الموقوفين، من بينهم أليكسي نافالني".
وعلى الفور نددت روسيا بهذه التصريحات عبر وزارة الخارجية الروسية، التي قالت في بيان على فيسبوك "إن التدخل الوقح للولايات المتحدة في الشؤون الداخلية لروسيا هو حقيقة مثبتة، مثل الترويج للأخبار الكاذبة والدعوات لتجمعات غير مصرح بها من خلال منصات الإنترنت التي تسيطر عليها واشنطن".
وقال مبعوث فلاديمير بوتين لحقوق الإنسان فاليري فاديف "ما نراه اليوم لا علاقة له بحماية الحقوق أو النضال من أجل حياة أفضل. ما نراه اليوم هو عمل استفزازي".
في الجانب الآخر من البلاد، في فلاديفوستوك، هتف عشرات المتظاهرين، بحسب لقطات نشرها الفرع المحلي لتنظيم المعارض الروسي، "بلدي روسيا في السجن!".
وصرح المتظاهر أندريه (25 عاما) لوكالة فرانس برس "هناك عدد قليل من الأشخاص هذه المرة، لأن شرطة مكافحة الشغب أغلقت وسط المدينة مسبقا"، وأضاف "لكن كما ترى لا أحد يشعر بالخوف".
وفي نوفوسيبيرسك، ثالث أكبر مدن روسيا، قدرت منظمة نافالني عدد المتظاهرين بنحو أكثر من خمسة آلاف، وهو من بين أكبر التجمعات المعارضة خلال السنوات الماضية.
وقالت خيلغا بيروغوفا، المنتخبة في المجلس المحلي عن ائتلاف موالٍ لنافالني، "الناس غاضبون بسبب ما يحدث ولأن نوابًا ونشطاء معارضين أوقفوا هذا الأسبوع".
وكان مساعدو نافالني قد دعوا إلى مسيرات جديدة في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بالإفراج عن زعيم المعارضة المسجون بانتظار محاكمته، التي من المقرّر أن تبدأ في الثاني من فبراير/ شباط.
محامي نافالني يطلب مساعدة برلين للإفراج عنه
وفي هذا السياق، طالب نيكولاوس غازياس، محامي نافالني، ألمانيا بالمساعدة على الإفراج عن المعارض الروسي، وفق ما ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" اليوم الاحد، وبينت أن موكله يأمل من ألمانيا أن تضع قضية اعتقاله في موسكو على جدول أعمال لجنة المجلس الأوروبي.
وأضاف غازياس أن هذا التمني ينطبق على كل دولة، ولن يستثني ألمانيا، وحيث يمكن لتدخل الدول الأعضاء أن يؤدي فعليا إلى تحذيرات تجاه روسيا.
إلى ذلك، أوضح محامي نافالني أن اعتقال الأخير واحتمال وضعه تحت الرقابة يشكلان انتهاكا لحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، عدا عن أنه انتهاك لضمان المحاكمة العادلة بموجب المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
اعتقال نافالني واحتمال وضعه تحت الرقابة يشكل انتهاكا لحكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
وإزاء ذلك، طالب المحامي ألمانيا برفع دعوى ضد روسيا بموجب المادة 46 من الاتفاقية الأوروبية المذكورة. وبذلك يمكن للجنة المجلس الأوروبي إصدار تحذير ضد الدول التي تتجاهل أحكام محكمة العدل الأوروبية، والتي لها الاستئناف أمامها مرة أخرى.
وعلاوة على ذلك، فإذا ما استمر التجاهل، فستكون العديد من الخيارات مفتوحة، وهي تتراوح بين مناشدات للدولة التي تمعن في انتهاك المعاهدة، إلى تعليق حق التصويت في هيئات المجلس، لتصل في أسوأ الأحوال إلى الاستبعاد من المجلس المذكور.
وفي هذا الشأن، كتب للصحيفة عينها كل من عضو هيئة الرئاسة في الحزب المسيحي الديمقراطي نوربرت روتغن وزميله النائب أندرياس نيك، واللذين يدعمان المحامي غازياس في المبادرة، أن اعتقال نافالني كان "عملا تعسفيا وانحرافا لا يمكن أن يصدق، وحيث تقوم روسيا بلعب دور الضحية، وهي الجاني المسؤول عن تسميم نافالني، وتقدم الآن على اعتقال الضحية متجاهلة بذلك حكما أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وأكدا على أنه تجب على الدول الأوروبية الأعضاء حماية نزاهة المحكمة والاتفاقية من سلوكيات موسكو، مطالبين الحكومة الاتحادية في برلين باتخاذ إجراءات في هذا الصدد.
وعلى خلفية سجن نافالني واعتراض المحتجين في روسيا، عبر وزير الدولة الألماني للشؤون الأوروبية ميشائيل روث عن تشاؤمه من الأمر، مبرزا أن العلاقة مع روسيا وصلت إلى الحضيض.
وذكر في مقال له مع موقع "شبيغل أونلاين" أن الكرملين يظهر حاليا القليل من الاهتمام لتحسين العلاقات، مضيفاً أن الحكومة الروسية أظهرت بطريقة ساخرة، من خلال تعاملها مع نافالني، أنها تفهم فكرة الحرية السياسية باعتبارها تهديدا حادا لنظام حكمها.
واعتقلت الشرطة الروسية أكثر من 4 آلاف شخص في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بمن فيهم أكثر من 1500 شخص في موسكو، وفق أرقام الحقوقيين وفي غياب بيانات رسمية.
وتأججت الاحتجاجات بعد نشر تحقيق مصور أجراه المعارض، يتهم الرئيس فلاديمير بوتين بأنه يملك "قصرًا" فخماً على شاطئ البحر الأسود، وهو تحقيق شوهد أكثر من 100 مليون مرة على موقع يوتيوب.
ونفى الكرملين امتلاك الرئيس الروسي المجمّع الفخم. وقال بوتين إن الاتهامات تهدف إلى "غسل دماغ" الروس، فيما نشر التلفزيون الحكومي، الجمعة صوراً، للقصر الذي لا يزال في طور البناء، فيما أكد الملياردير أركادي روتنبرغ، الشريك السابق لبوتين في الجودو واسمه مدرج على لائحة عقوبات غربيّة، السبت، أنّه مالك العقار وأنّه يبني فندقًا هناك.