اسكتلندا نحو تمرير قانون يضمن اتساق التشريعات المحلية مع لوائح الاتحاد الأوروبي

22 ديسمبر 2020
تسعى اسكتلندا لمواكبة قوانين الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال (Getty)
+ الخط -

يستعد أعضاء برلمان اسكتلندا، في جلسة مساء اليوم الثلاثاء، لتمرير تشريعات من شأنها الحفاظ على بقاء القانون الاسكتلندي متسقا مع لوائح الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا. وسيتولى برلمان (هوليرود) المسؤولية عن مناقشة القوانين المتعلقة بالموضوعات محل الخلاف بين لندن وبروكسل، بما في ذلك المعايير البيئية والغذائية وحقوق الإنسان. ويسمح مشروع القانون الذي تعمل عليه الحكومة الاسكتلندية بمواءمة المعايير المحلية مع معايير الاتحاد الأوروبي بعد "بريكست"، كما أنشئت هيئة رقابية جديدة للإشراف على تطبيق المعايير البيئية.

وتؤكد الحكومة الاسكتلندية، وزعيمتها نيكولا ستروجين، في كل مناسبة، أن الاتحاد الأوروبي سيظل ذا أهمية أساسية بالنسبة لاسكتلندا بعد انتهاء الفترة الانتقالية لـ"بريكست". وأعلنت ستروجين أن بلادها تستعد لبذل كل ما في وسعها لتكون مشاركا نشطا وبنّاء في شؤون الاتحاد الأوروبي.

ويجادل المحافظون الاسكتلنديون في أن مشروع القانون من شأنه أن يتسبب في تباعد تنظيمي بين اسكتلندا وبقية بلدان المملكة المتحدة، ما قد يعرض التجارة الداخلية وتوفر فرص العمل للخطر. ورغم ذلك، فمشروع القانون يبدو جاهزا لتمريره ليصبح قانونا مع توافر دعم حزب العمال والحزب الأخضر والديمقراطيين الأحرار لإدارة الحزب الوطني الاسكتلندي.

ومن المعروف أن بريكست وقع بالفعل في 31 يناير/كانون الثاني 2020، لكن بريطانيا لا تزال تتعامل طبقاً للمعايير الموضوعة من قبل الاتحاد الأوروبي كجزء من الفترة الانتقالية التي تنتهي في نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وسيتولى البرلمان الاسكتلندي المسؤولية عن إقرار قوانين تتعلق بمجالات التعامل التي ستشهد تغييرا بعد بريكست، بشأن السياسة التي تم وضعها سابقا على مستوى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة لنقاط أخرى كالتجارة والمعايير البيئية وكذلك قواعد الزراعة والصيد. ويمنح مشروع القانون، المعروف باسم (الاستمرارية) بعد بريكست، الوزراء الاسكتلنديين سلطة إبقاء بعض القوانين متسقة ومتماشية مع قوانين الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا. حيث يركز بوجه خاص على قوانين حماية البيئية، ونسخ المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المعايير الخضراء في الاتحاد الأوروبي وتطبيقها عبر القانون الاسكتلندي، وإنشاء هيئة رقابة جديدة للإشراف على المعايير البيئية في اسكتلندا.

يجادل المحافظون الاسكتلنديون بأن مشروع القانون من شأنه أن يتسبب في تباعد تنظيمي بين اسكتلندا وبقية بلدان المملكة المتحدة

وبحسب مشروع القانون المقدم إلى البرلمان، فإن اسكتلندا ستتعاون لتطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي داخلها بعد "بريكست" في ما يتعلق بخلق المعايير والتوسيم، وجودة مياه الشرب، وتربية الماشية، وأي تغييرات في المعايير البيئية حول التكنولوجيا أو اللوائح الجديدة.

ودعم الحزب الديمقراطي الاسكتلندي مشروع القانون، وأي عمل "مطلوب لتقليل الإرث الضار لبريكست، لا سيما في مجال السياسة البيئية"، وأيد حزب العمال مبدأ هوليرود في مواكبة قوانين الاتحاد الأوروبي، لا سيما في ما يتعلق بالمعايير البيئية. لكنهما ضغطا من أجل دور أكبر للبرلمان في اتخاذ القرارات بشأن هذا الأمر، قائلين إنه لا ينبغي أن يكون "خاضعًا لتقدير الحكومة الاسكتلندية بالكامل".

وقد دعم حزب الخضر الاسكتلندي مشروع القانون بحماس، كما دعا إلى أن تكون هيئة الرقابة البيئية الجديدة "قوية ومستقلة ومجهزة بموارد جيدة ومعينة بدقة".

وقال وزير الدستور الاسكتلندي مايك راسل: "إن على اسكتلندا الاحتفاظ بأوثق الروابط مع الاتحاد الأوروبي، والاستمرار في تلبية المعايير الأوروبية العالية التي تخدمنا بشكل جيد في الوقت الحالي". وخلال مناقشة هوليرود الأولى لمشروع القانون، قال راسل: "ستبذل هذه الحكومة كل ما في وسعها لضمان أن نظل بلدًا واثقًا يتطلع إلى علاقته بالخارج، ويشترك في القيم مع شعب إنكلترا وويلز وأيرلندا الشمالية وكذلك مع جيراننا الأوروبيين" مضيفاً: "نحن نقدر التزامنا المشترك بالامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان وحماية البيئة التي هي جوهره".

وأثارت النقاشات بالبرلمان الاسكتلندي بعض المخاوف بشأن ما يسمى بـ"سلطات هنري الثامن" في مشروع القانون المقدم، والتي تمنح الوزراء سلطة إجراء تغييرات على القانون من دون استشارة البرلمان. وردت الحكومة بأنه سيكون "غير متناسب" مع جميع التغييرات التي قد تشمل اسكتلندا بعد "بريكست"، بما في ذلك التغييرات "الصغيرة والتقنية" التي سيتم وضعها في التشريع الأساسي للتصويت عليها، ووعدت ستورغن بإرسال تقارير منتظمة إلى البرلمان حول استخدام السلطات الجديدة.

على الجانب الآخر، يؤكد المحافظون الاسكتلنديون أن أكثر من نصف مليون وظيفة في اسكتلندا تعتمد على الوصول الخالي من العوائق إلى الأسواق في بقية بلدان المملكة المتحدة. وقال المتحدث الاقتصادي باسم حزب المحافظين، دين لوكهارت، إن مواكبة بعض قوانين الاتحاد الأوروبي المستقبلية "تتطلب من الشركات في اسكتلندا الامتثال لعدد لا يحصى من اللوائح المتباينة"، والتي قال إنها "ستزيد من نفقات وتعقيد ممارسة الأعمال التجارية". كما أعرب عن مخاوفه من أن مشروع القانون قد يمثل "استيلاء وزراء اسكتلنديين على السلطة"، ما قد يسمح لهم بتجاوز برلمان هوليرود و"تحويله إلى متلق سلبي لقوانين الاتحاد الأوروبي المستقبلية".

وتم رفض مشروع قانون "استمرارية" في وقت سابق من قبل المحكمة العليا، بعد أن اعتبرت أن أجزاء منه تتجاوز السلطات المخولة للبرلمان الاسكتلندي. واعتبر رئيس الجلسة أن التشريع الأخير يتماشى مع كفاءة هوليرود والحكومة الاسكتلندية في قيادة المستقبل.