استهداف إسرائيلي للمنازل على رؤوس ساكنيها في غزة.. ضغط بالحد الأقصى على المقاومة

09 أكتوبر 2023
من قصف الاحتلال في رفح ـ غزة اليوم الاثنين (عبد الرحيم الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

صعّد الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، من وتيرة القصف الجوي الذي يرتكبه ضد قطاع غزة، منذ بداية جولة التصعيد الحالية، التي تطلق عليها المقاومة الفلسطينية "طوفان الأقصى"، في محاولة منه للضغط على "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وعمد الاحتلال إلى تدمير البيوت فوق رؤوس ساكنيها، مما تسبب في دمار كبير في المنازل والممتلكات العامة والخاصة، إلى جانب استشهاد أصحاب البيوت، نتيجة للقصف الإسرائيلي العنيف، الذي يستهدف هذه المنشآت والمنازل المدنية في مختلف مناطق القطاع.

ويعتبر القصف الإسرائيلي الحالي بمثابة الضغط بالحد الأقصى الذي يمارسه الاحتلال على المقاومة عموماً، وحركة "حماس" خصوصاً، التي تمسك بزمام الأمور في القطاع، لا سيما مع مرور أقل من 3 أيام فقط على انطلاق الجولة الحالية، وهو أمر مخالف للجولات والمعارك السابقة.

استخدم الاحتلال الإسرائيلي الفوسفور الأبيض المحرم دولياً في عمليات القصف

 

وإلى جانب استهداف المنازل على رؤوس ساكنيها، لجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى تدمير المساجد والمنشآت الحكومية، كقصف بعض المراكز الشرطية، إلى جانب تدمير مقر رئاسة لجنة متابعة العمل الحكومي، فضلاً عن استهداف منازل لأعضاء المكتب السياسي لـ"حماس".

الاحتلال يستهدف المنازل في غزة

ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي كثافة نارية عالية لا تتناسب مع طبيعة المنشآت والبيوت في القطاع، مما يتسبب في إحداث أضرار جسيمة هائلة في البنية التحتية والشوارع العامة، وسط استمرار للمعارك داخل مستوطنات غلاف غزة لليوم الثالث على التوالي.

وإلى جانب ذلك، سجل ليل الأحد ـ الاثنين استخدام الاحتلال الإسرائيلي الفوسفور الأبيض المحرم دولياً في عمليات قصف، طاولت أهدافاً مدنية، في انعكاس لحالة التخبط الإسرائيلي في التعامل مع عمليات المقاومة الميدانية، وغياب السيطرة على المشهد ميدانياً.

في المقابل، تستخدم المقاومة الفلسطينية الرشقات الصاروخية بعيدة المدى للضغط على الاحتلال الإسرائيلي، من أجل وقف قصفه الجوي العنيف واستهداف البنية التحتية والمنشآت العامة والخاصة، عبر استهداف مدن العمق، مثل القدس المحتلة وتل أبيب وبعض المطارات.

في الأثناء، يقول الباحث والمختص في الشأن السياسي أيمن الرفاتي، إن ما يحصل حالياً محاولة إسرائيلية للضغط على المقاومة الفلسطينية للتخلص من حدة الضغط الذي قامت به بعد العمليات التي نفذتها داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والمتواصلة من دون توقف.

ويضيف الرفاتي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال يريد التخلص من موجة العمليات المندلعة حالياً، عبر تكثيف الغارات الجوية على الأهداف المدنية والبيوت والمنشآت العامة، بطريقة تجعل قيادة المقاومة تبحث عن حالة من الهدوء أو وقف العمليات.

ويشير الرفاتي إلى أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تحافظ على سيطرتها الميدانية، من خلال استمرار القتال على الرغم من رقعة القصف العنيف الذي يقوم به الاحتلال، فضلاً عن استخدامه سلاح الفوسفور الأبيض، وهو الأمر الذي يوحي باعتماده أعلى مستوى ممكن من النار.

ويلفت الباحث والمختص في الشأن السياسي إلى أن ما يحصل حالياً من قبل سلاح الجو الإسرائيلي "دلالة على حالة الفشل العملياتي غير المسبوق على صعيد بقية الوحدات الأخرى، نتيجة فقدان السيطرة الدفاعية، ونقل المقاومة للمعركة داخل الأرض المحتلة عام 1948، وهو ما من شأنه أن يعرقل الاحتلال أكثر".

تيسير محيسن: تسعى إسرائيل إلى خلق حالة من اليأس وزعزعة الروح المعنوية بالنسبة للفلسطينيين

 

وبحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب أكثر من 15 مجزرة بحق عائلات فلسطينية في القطاع، استهدف منازلها بشكلٍ مباشر من دون سابق إنذار، وهو ما تسبب في استشهاد العشرات وإصابة المئات بجراح متفاوتة.

أهداف الاحتلال بالهجمات العنيفة

في الوقت ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول من خلال الهجمات العنيفة لسلاح الجو استعادة جزء من صورته أمام جمهوره الداخلي، في ضوء فقدان الثقة من قبل المستوطنين بجميع مكونات المستوى السياسي.

ويقول محيسن، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، إن ما يحصل حالياً سعي إسرائيلي لخلق حالة من اليأس، وزعزعة الروح المعنوية بالنسبة للفلسطينيين، وخلق أجواء من الإحباط بعد الضربة الأولى التي وجهتها المقاومة الفلسطينية للاحتلال في اللحظات الأولى لانطلاق مواجهة "طوفان الأقصى".

ويشير المتحدث ذاته إلى أن "نتنياهو من خلال عمليات القصف وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها وتدمير المساجد والمنشآت العامة يريد أن يعود للمجتمع الإسرائيلي بصورة من صور النصر، ليرمّم من خلالها ما حصل له في اللحظات الأولى لهذه الجولة، وهو الأمر الذي قد يسهم في زيادة حدة القصف والمجازر".

وينبّه محيسن إلى أن السلوك الإسرائيلي الميداني "سيساهم في دفع المقاومة أكثر لتحريك أوراقها الميدانية، كي تمارس ضغطاً مماثلاً عليه بعد اتساع رقعة القصف الحالي، وهو ما يحصل من خلال استهداف تل أبيب ومطار بن غوريون ومدينة القدس المحتلة".

المساهمون