استنفار أمني في مصر يسبق 11/11

09 نوفمبر 2022
تم تكثيف الوجود الأمني في الميادين الرئيسية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت وزارة الداخلية المصرية حالة الاستنفار القصوى في مواجهة دعوات للتظاهر يوم الجمعة المقبل، المعروفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ"11/11"، والتي أطلقها ناشطون قبل نحو شهر للاحتجاج ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27) في مدينة شرم الشيخ.

وقرر وزير الداخلية اللواء محمود توفيق إلغاء الراحات (الإجازات)، لجميع ضباط وأمناء وأفراد الشرطة، اعتباراً من أول من أمس الاثنين، وحتى انتهاء مؤتمر المناخ في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، وتكثيف الوجود الأمني في جميع الشوارع والميادين الرئيسية، وفي محيط المنشآت الهامة والحيوية، لا سيما في محافظتي القاهرة الكبرى والإسكندرية.

ووجه وزير الداخلية بنشر الدوريات الأمنية على الطرق والمحاور، وإيقاف أي مشتبه فيهم للكشف عن نشاطهم السياسي، بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني، وطلب الاطلاع على هواتفهم المحمولة لمعرفة محتوى منشوراتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أكدته مصادر متعددة.

تشديد أمني في القاهرة

وتشهد شوارع وسط القاهرة حالة من التشديد الأمني منذ أكثر من 10 أيام، تشمل توقيف المارة لسؤالهم عن وجهتهم، بواسطة أفراد أمن يرتدون الزي المدني، وطلب الولوج إلى هواتفهم المحمولة لفحصها بالمخالفة للقانون والدستور، بحثاً عن أي رسائل أو منشورات إلكترونية تدعو إلى التظاهرات المحتملة ضد رئيس الجمهورية.

أصدر وزير الرياضة تعميماً بإلغاء وتأجيل كل الأنشطة الرياضية المقررة في 11 نوفمبر
 

ووجه الوزير أيضاً بغلق المقاهي والمحال التجارية الواقعة في نطاق وسط القاهرة، اعتباراً من الساعة الثالثة من عصر يوم الجمعة المقبل، وإلغاء أي فعاليات جماهيرية كانت مقررة في اليوم نفسه، سواء رياضية أو فنية، مع التنبيه على الأندية ومراكز الشباب في جميع المحافظات بغلق أبوابها في السابعة مساءً.

وتكثف مدرعات الشرطة من وجودها بالقرب من ميادين عبد المنعم رياض والتحرير وطلعت حرب وباب اللوق، وسط العاصمة المصرية، وأمام نقابتي الصحافيين والمحامين بشارعي عبد الخالق ثروت ورمسيس، وأيضاً في بعض مناطق شرق القاهرة، مثل ميادين المطرية، وحلمية الزيتون، والألف مسكن، والنعام، في حي عين شمس، لما لهذه المناطق من سوابق في الخروج بتظاهرات مناوئة للسيسي قبل نحو 3 سنوات. 

ووسط حالة الاستنفار التي تشهدها الشوارع والميادين والقطاعات المصرية المختلفة مع اقتراب 11 نوفمبر الحالي، يتساءل مراقبون عن أهميتها في ظل غياب المؤشرات في الشارع المصري بشأن التجاوب مع تلك الدعوات.

خطط أمنية للتعامل مع دعوات التظاهر

وفي مقابل عمليات الانتشار الأمني، عممت الحكومة المصرية مجموعة من القرارات على الوزارات ذات الصلة، ضمن خطط أمنية موسعة للتعامل مع دعوات التظاهر ومنعها قبل حدوثها. وفي شأن ترتيبات الأنشطة الرياضية، أصدر الوزير أشرف صبحي تعميماً، تم توزيعه على جميع مراكز الشباب، بإلغاء وتأجيل كل الأنشطة الرياضية المقررة في 11 نوفمبر، وذلك لمنع أي تجمعات قد تتحول لاحقاً إلى شرارة تظاهرات.

وجاء في هذا الإطار قرار رابطة الأندية المصرية، الخاص بتأجيل الجولتين القادمتين من الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، في ظل وجود مباريات كانت محددة في 11 من الشهر الحالي، وهو الأمر الذي يمثل تهديداً كبيراً للأمن، في ظل السماح في الوقت الراهن بدخول آلاف المشجعين في كل مباراة، وهو عدد كفيل بتفجير تظاهرات ضخمة.

من جهته، أخطر الاتحاد المصري للكرة الطائرة ناديي الأهلي والزمالك بإقامة مباراة قمة السيدات في الدوري، المقرر أن تجرى على صالة نادي الأهلي بالجزيرة، الجمعة المقبل، من دون حضور جماهيري. وشدد اتحاد الكرة الطائرة، في خطابه، على النادي الأهلي، مستضيف المباراة، بإخطار الجهات الأمنية للتأمين والتأكيد على الالتزام بعدم السماح للجمهور بالحضور.

المغني محمد منير أجّل هو أيضاً حفله الذي كان مقرراً في مدينة الإسكندرية مساء الخميس 10 نوفمبر الحالي، ليصبح في 2 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وقالت الشركة المنظمة للحفل، في بيان، إنه "حرصاً وحفاظاً على أمن وسلامة جمهورنا، وبناءً على رغبة الجميع أن يكون يوم الحفل يوم الجمعة، وحرصاً منا على إقامة حفل تاريخي أسطوري آخر للكينغ (محمد منير) بالإسكندرية، قررنا تغيير موعد الحفل ليقام يوم الجمعة 2 ديسمبر 2022".

تعليمات أمنية بغلق المقاهي

وإضافة إلى القرارات الصادرة عن وزارة الرياضة واتحاد الطائرة ومنظمي حفل منير، كشف مالك مقهى بمنطقة وسط البلد في القاهرة عن تلقيه تعليمات أمنية بعدم فتح المقهى في 11 نوفمبر، لافتاً إلى أن تلك التعليمات تم نقلها لجميع المقاهي في القاهرة، مع التشديد على الالتزام بها، وتعرض المخالفين لعقوبات تصل إلى حد إلغاء التراخيص وغلق المقهى نهائياً.

وعلمت "العربي الجديد" أن هناك تكليفات صدرت لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ المنتمين إلى "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، بضرورة عقد مؤتمرات جماهيرية والنزول للدوائر، ولقاء المواطنين، وبث رسائل طمأنة لهم بشأن المرحلة المقبلة، وحثهم على عدم التجاوب مع أي دعوات للتظاهر، والترويج لخطط حكومية قادمة بشأن قرارات للتخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية، وموجات غلاء الأسعار، التي تتسبب في حالة احتقان في الشارع المصري.

وشهدت الأيام الماضية اجتماعات ضمت مسؤولين أمنيين مع قيادات شعبية في مختلف المحافظات، بحضور نواب، لضمان التأكيد على دور الجهات التنفيذية والقيادات المحلية في وأد أي دعوات للتظاهر في مهدها، خوفاً من أن تأتي شرارة التظاهرات هذه المرة من المراكز، وليس من الميادين الكبرى، كما حدث خلال أحداث ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

ترويج لقائمتي عفو جديدتين

تحرك سياسي آخر يجري حالياً عبر لجنة العفو الرئاسي، بالتنسيق مع الجهة المسؤولة عن إعداد قوائم العفو عن السجناء السياسيين والنشطاء، وهو الترويج لأنه ستكون هناك قائمتان جديدتان للعفو خلال نوفمبر الحالي، ولكن لن يتم إطلاق سراحهم قبل 11 الشهر الحالي. 

وعقدت "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين"، الأحد الماضي، صالوناً نقاشياً بعنوان "مأسسة العفو الرئاسي... بين الواقع والمأمول"، ناقش "ضرورة وأهمية أن يتم تحويل لجنة العفو الرئاسي إلى مؤسسة لها فروع في عدد من المحافظات، لكي تعمل في إطار تنظيمي وبشكل أكبر خلال الفترة المقبلة"، بحسب بيان للتنسيقية.


تكليف أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بلقاء المواطنين وحثهم على عدم التجاوب مع أي دعوات للتظاهر

كما شملت التعليمات الصادرة في إطار خطط التعامل مع دعوات التظاهر توجيهات للمسؤولين عن مراكز الدروس الخصوصية في القاهرة والجيزة، والمعروفة باسم "السناتر"، والتي يحتشد فيها مئات الطلاب يومياً، بتأجيل الحصص الدراسية يوم الجمعة المقبل، مع التشديد على إلغاء أي مواعيد دراسية بتلك "السناتر"، للمرحلة الثانوية.

حالة قلق حقيقية من دعوات التظاهر

من جانبه، علق سياسي مصري ينتمي لأحد أحزاب "الحركة المدنية الديمقراطية"، على الإجراءات الحكومية والأمنية التي تتخذها الحكومة، قائلاً "إن هناك حالة قلق حقيقية لا يمكن إنكارها، وتظهر بوضوح في أداء كافة الأجهزة التنفيذية والأمنية خلال الأيام الماضية، وتتضح أيضاً في التوسع في عمليات إلقاء القبض على المواطنين من الميادين الكبرى، وكذلك التوسع في عمليات التفتيش العشوائي لهواتف المواطنين"، وأضاف: "ربما يكون السبب الرئيس للخوف من تلك الدعوات هو حالة الغموض التي تحيط بها وبالداعين الحقيقيين لها".

وأشار السياسي المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" مفضلاً عدم ذكر اسمه، إلى أنه "بالإضافة للغموض المحيط بالدعوة ومحركها، فإن توقيتها، والذي يأتي في ظل اتخاذ القرارات المتعلقة بتعويم العملة المحلية، والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها معظم الأسر بمختلف مستوياتها المادية، جعل الأجهزة في استنفار خوفاً من تكرار سيناريو ثورة 25 يناير".

وكانت مصر قد شهدت أكبر موجة احتجاجات منذ تولي السيسي السلطة في 20 سبتمبر/ أيلول 2019، فور الانتهاء من مباراة الأهلي والزمالك في كأس السوبر المحلي، ما دفع الأجهزة الأمنية والمحلية في المحافظات إلى إصدار تعليمات شفهية بإغلاق جميع المقاهي والكافيهات في الشوارع والميادين الرئيسية في توقيت أي مباراة بين الأهلي والزمالك، بدعوى منع التجمعات بين المواطنين.

تقارير عربية
التحديثات الحية